فهم الذات: استكشاف أبعاد الشخصية وتكوينها

تعريف جوهر الشخصية، العوامل المؤثرة في تشكيلها، أنواع الشخصيات المختلفة، السمات الإيجابية والسلبية للشخصية، مصادر ومراجع.
فهرس المحتويات
مقدمة حول مفهوم الشخصية
المحددات المؤثرة في بناء الشخصية
تصنيفات الشخصيات وأنماطها
الشخصيات ذات الطابع الإيجابي
الشخصيات ذات الطابع السلبي
المصادر والمراجع

مقدمة حول مفهوم الشخصية

الشخصية، في جوهرها، هي البصمة الفريدة التي تميز كل فرد عن الآخر. هي ليست مجرد مظهر خارجي، بل هي مزيج معقد من السمات الداخلية والخارجية التي تشكل طريقة تفكيرنا، وشعورنا، وتفاعلنا مع العالم من حولنا. كلمة “شخصية” مشتقة لغوياً من كلمة “شخوص”، أي الظهور والبروز. أما اصطلاحاً، فتشير إلى مجموعة الصفات والخصائص التي تحدد هوية الفرد وتميزه عن غيره.

من الناحية النفسية، يمكن تعريف الشخصية بأنها نظام متكامل من الخصائص الذهنية، والجسدية، والعاطفية، والاجتماعية، الموروثة والمكتسبة، التي تتفاعل مع البيئة الخارجية، لتنتج مجموعة متنوعة من الشخصيات. هذه الشخصية تتأثر بشكل كبير بالعوامل التي مرت على الإنسان منذ الصغر.

تتكون الشخصية من مجموعة من الدوافع، والعادات، والميول، والعقل، والعواطف، والآراء، والمعتقدات، والأفكار، والاستعدادات، والقدرات، والذكاء، والمواهب، والمشاعر، والأحاسيس، والسمات المختلفة. تتكامل هذه العناصر لتشكل شخصية فريدة لكل فرد. على الرغم من تشابه بعض الأفراد في بعض الصفات، إلا أن شخصية كل فرد تظل متميزة.

في الأصل، يجب أن تنمو الشخصية بشكل طبيعي، ولكن تأثير بعض العوامل السلبية قد يغير هذه العملية، مما يؤدي إلى اضطرابات سلوكية ونفسية يصعب تفسيرها في بعض الأحيان.

المحددات المؤثرة في بناء الشخصية

قام علماء النفس الاجتماعي بإجراء العديد من الدراسات حول العوامل التي تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل شخصية الإنسان والتأثير عليها. من بين هذه العوامل:

  • العوامل الوراثية: تلعب الوراثة دورًا هامًا في تكوين الشخصية منذ الحمل وحتى الشيخوخة. تتحكم الجينات في العديد من الجوانب، مثل الصفات الجسدية، والفسيولوجية، والذكاء، والسلوك، وغيرها.
  • البيئة: البيئة لها تأثير واضح على الصفات المحيطة بالأفراد وتكوين الثقافات والحضارات المختلفة، مما يؤدي إلى ظهور شعوب بشخصيات مختلفة تمامًا. العوامل الجغرافية تؤثر على سلوك الأفراد وشخصياتهم، وطريقة معيشتهم. يختلف سكان المدن الساحلية عن سكان المناطق الزراعية والصحراوية من حيث الشخصية والسلوك. الدين واللغة، المكتسبان من البيئة الخارجية، والنظام الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي يلعبون دورًا كبيرًا في تكوين الشخصية.
  • الفطرة: يولد كل إنسان بفطرة خاصة، ولكنها قد تتغير بسبب عوامل خارجية قوية، مما يؤدي إلى تغيير بعض الصفات الشخصية الفردية.
  • المحيط الاجتماعي: يلعب المحيط الاجتماعي دورًا كبيرًا في تغيير سلوك الأفراد. طبيعة البيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد تؤثر بشكل كبير على سلوكه وقراراته، خاصة في لحظات الضعف والحيرة والخوف، حيث يميل الفرد إلى اتباع ما يمليه عليه المحيطون به.
  • العامل الثقافي: يعتبره بعض العلماء السبب الرئيسي في تكوين الشخصية. الثقافة تصنع الإنسان. يبدأ عقل الطفل في تخزين كم هائل من المعلومات والأحداث التي تدور حوله، ويكتسبها ويحولها إلى أفكار، ويتم نقلها من جيل إلى آخر عبر التواصل، مما ينتج شخصيات متأثرة بالكم الثقافي الذي اكتسبته.

تصنيفات الشخصيات وأنماطها

نظرًا لأن العوامل التي تتفاعل في تكوين شخصية الفرد تختلف من شخص لآخر، فإنه توجد أنواع عديدة من الشخصيات، منها الإيجابية، والسلبية، والمختلطة. لكل شخصية صفات تميزها عن الأخرى، وبالتالي فإن السلوك الذي يصدر عن هذه الشخصية يعكس طبيعتها.

الشخصيات ذات الطابع الإيجابي

فيما يلي بعض أهم الشخصيات الإيجابية التي تم ذكرها في علم النفس:

  • الشخصية الإيجابية: تتميز بالتفاؤل، والواقعية، والعقلانية، وتقييم الأمور بموضوعية دون مبالغة. تعرف حقوقها وواجباتها، وتحترم ذاتها والآخرين. تنظر إلى الأمور بطريقة صحيحة وتسعى لتحقيق أهدافها بطرق سليمة. تتسم بالصبر، والتوازن، والحكمة، ولا ترتكب أخطاء كبيرة بحق نفسها أو الآخرين، وتتخذ قراراتها بتأن. منفتحة على الحياة، ومتقبلة للمواقف الجديدة، وتسمو بنفسها عن المواطن السيئة، ولا تتردد في السعي إلى النجاح عن طريق الجودة في الأداء والتميز في الإنتاجية.
  • الشخصية القيادية: يتميز أصحابها بقوة الشخصية، والتأثير على الآخرين، والتألق في مختلف المجالات. قادرة على مواجهة الصعاب، وحل المشاكل، واتخاذ القرارات بسرعة. تتمتع بذكاء اجتماعي، وتستطيع إثبات نفسها وترك بصمة واضحة. لديها آراء مميزة، وفكر واتجاه معين، وهي ملهمة للآخرين. تتميز بالهمة العالية، والطموح، والرغبة في إنجاز الأهداف. أصحاب هذه الشخصية يطورون أنفسهم من خلال العمل والتدريب. سلوكياتهم تتميز بالتعقل، والتأني، وضبط الانفعالات، وسرعة البديهة، والحكمة، مما يساعدهم على السير بخطى واضحة. تخلو شخصياتهم غالبًا من العيوب النفسية والاجتماعية، وتحظى باحترام الآخرين.
  • الشخصية الحساسة: لديها حساسية مفرطة تجاه اللوم أو النقد، مما يسبب لها ضغطًا نفسيًا مستمرًا. تفسر الأحداث بطريقة مبالغ فيها، وتحمل نفسها فوق طاقتها، مما يسبب لها ألمًا نفسيًا تجاه مواقف بسيطة. تحلل أفعال وأقوال الآخرين، وتكثر من سوء الظن بنواياهم، مما يسبب لها مشاكل مع الآخرين. تمتلك مواهب وقدرات عالية، ولكن طبيعة شخصيتها تمنعها من تحقيق النجاح، لأنها لا تستطيع التأقلم مع الواقع، مما يجعلها تفضل العزلة والانطوائية.
  • الشخصية الجذابة: موهوبة، وشخصيتها تساعدها في جذب الآخرين. تستطيع إثبات نفسها في المجالس من خلال حضورها القوي. تستطيع التعامل مع جميع أنواع الناس دون تكلف، وتتمتع بكاريزما عالية وجاذبية تنبع من الداخل. تحترم الناس، وتجيد الحديث بلباقة، وتصغي للناس بهدوء. تتميز بالهدوء والتفاؤل، والاهتمام بالمظهر الخارجي، وتركز على الجوانب الإيجابية للناس، ولا توجه لهم انتقادات، وبالتالي لا تخدش مشاعرهم. أخلاقهم عالية، وهم متواضعون، ولديهم ابتسامة عريضة، مما يؤهلهم للحصول على احترام الناس والتألق في المجتمع.

الشخصيات ذات الطابع السلبي

بعد أن تحدثنا عن الشخصيات الإيجابية، سنتطرق إلى الشخصيات السلبية وكيفية فهمها للأمور:

  • الشخصية السلبية: تختلف صفاتها تمامًا عن الشخصية الإيجابية. تتميز بنظرة تشاؤمية وسوداوية للحياة، مما يؤدي إلى الفشل، والكسل، وقلة الهمة، والتردد. لا تستطيع إثبات نفسها في المجتمع، ولا تساهم في تطويره، وتعزو سبب فشلها إلى الآخرين، وتخلق الأعذار وتلقي باللوم على الآخرين، وتميل إلى تحقير نجاح الآخرين والتقليل من شأنهم. هذه الشخصيات لا يستفيد منها المجتمع.
  • الشخصية المزاجية: متقلبة باستمرار، ولا تستطيع السيطرة على أفعالها. تتصرف بمثالية في بعض الأوقات، وعلى النقيض تمامًا في أوقات أخرى، حتى وإن تشابهت المواقف. السبب في ذلك هو تقلب المزاج. العاطفة والانفعالات تتحكم في أصحاب هذه الشخصية. تعتبر هذه الشخصية مثيرة للجدل، لأنه قد لا تستطيع فهمها في كثير من الأوقات.
  • الشخصية النرجسية: تتسم بحب الذات والتكبر، والشعور بالتميز، والاعتقاد بأنها تختلف عن الآخرين، وتعتقد أنها تعلو على الآخرين بمستواها. لا تتقبل أي نقد، وتعتقد أن الناس مهتمون بها وبتفاصيل حياتها، مما يدفعها إلى العناية بمظهرها الخارجي. انتهازية، ولا تتردد في تحقيق أهدافها عن طريق الآخرين. تعشق لفت الأنظار، وترفض فكرة أنها تعاني من خلل نفسي.
  • الشخصية المضطربة: تواجه صعوبة في التأقلم والتعايش مع الآخرين، فهي مختلفة عنهم في طريقة التفكير والسلوك والأحاسيس. تظهر علامات الاضطراب في الانفعالات العاطفية، وردود الفعل، والسلوكيات الغريبة. تعزو سبب سلوكها إلى الناس. تتصف بالحدة وتفضيل الانطوائية والوحدة، وغير قادرة على التكيف مع أوضاع الحياة المختلفة. ردود أفعالها غير مناسبة للمواقف، مما يؤدي إلى حدوث تصادم بينها وبين الآخرين. تبدأ أعراض هذه الشخصية منذ الطفولة، وتلازم الشخص طيلة حياته، ويحتاج غالبًا إلى طبيب نفسي للمعالجة.
  • الشخصية السيكوباتية: مصابة باعتلال نفسي ومرض عقلي. تسيطر عليها العدوانية تجاه الآخرين وحب السيطرة. ليس لديها أي وازع ديني، أو اجتماعي، أو قيمي، وبالتالي يكون سلوكها منحرفًا ويشكل خطرًا على الآخرين. منعدمة الضمير والأخلاق، تعرف بالكذب، وتتلذذ في إيذاء الناس.
  • الشخصية الاعتمادية: تنقصها الثقة بالنفس، وبالتالي لا تستطيع اتخاذ قراراتها بنفسها، وتعتمد على الآخرين في كافة تفاصيل حياتها. تميل لإنشاء علاقات واسعة جدًا مع الآخرين، لأنها لا تستطيع البقاء منفردة، وتخاف من اتخاذ أي قرار بشأن حياتها، وتعتمد على غيرها حتى بأدق تفاصيل حياتها.

المصادر والمراجع

  • بتصرّف عن مقالة تكوين الشخصية، Generalculture.net
  • بتصرّف عن كتاب السلوك التنظيمي (مدخل بناء المهارات)، أحمد ماهر، الجامعية الإسكندرية – مصر، 2014، ص187.
  • بتصرّف عن مقالة اعرف ما نوع شخصيتك، Almarefah.net
Total
0
Shares
المقال السابق

نظرة مفصلة حول تعدد الزوجات في الإسلام

المقال التالي

نظرة في سمات جلالة الملك عبدالله الثاني وأخلاقه الحميدة

مقالات مشابهة