فهرس المحتويات
المبحث | الرابط |
---|---|
معنى الانحراف: لغويًا واصطلاحيًا | الفقرة الأولى |
تصنيفات الانحراف في الشعر | الفقرة الثانية |
أمثلة على الانحراف في شعر أدونيس ونازك الملائكة | الفقرة الثالثة |
المراجع | الفقرة الرابعة |
معنى الانحراف: لغويًا واصطلاحيًا
يُشير مصطلح “الانحراف” لغويًا إلى الابتعاد عن المسار المعتاد، والتحول عن الطريق المألوف. أما اصطلاحًا في سياق الدراسات الأدبية، فيمثل الانحراف تحولًا عن القواعد النحوية والبلاغية المتعارف عليها، أو تغييرًا في السياق الدلالي للكلام، مما يُنتج أثرًا فنيًا جديدًا. وقد استُخدمت مُصطلحات أخرى مُقاربة، مثل “العدول” و”التجاوز”، لكنهما يُعَدّان أقلّ شموليةً في وصف هذه الظاهرة الأدبية المُعقّدة.
يُلاحظ أنّ فهم الانحراف يتطلب إدراكًا لما يُميّز الكلام الإخباري عن الكلام الإنشائي، وكيف يُسهم الانحراف في نقل الكلام من سياق إلى آخر. فهو يُمثّل وسيلةً إبداعيةً لتغيير الصياغة المعتادة للغة، مُضيفًا بُعدًا جماليًا إلى النصّ الأدبي.
تصنيفات الانحراف في الشعر
يُمكن تصنيف الانحراف في الشعر إلى عدة مستويات، منها:
- الانحراف الدلالي: يُعنى هذا النوع بالتلاعب بالمدلولات اللغوية، مستخدمًا أدواتًا بلاغية مثل الاستعارة والمجاز والكناية والتشبيه، مُغيّرًا المعنى الحقيقي إلى معانٍ مجازية متعددة.
- الانحراف التركيبى: يُرتكز هذا المستوى على التلاعب بتركيب الجمل، بما فيها حذف أجزاء أو تقديم وتأخير المكونات الجمليّة. فالشاعر المبدع يُتقن تشكيل اللفظة جماليًا ضمن إطار مُحدد.
- الانحراف الإيقاعي: يُركز هذا النوع على الوزن والقافية والإيقاع الشعري، مُغيّرًا النمط المعتاد لإنتاج تأثير فنيّ مُختلف. وهو مرتبط بشكل وثيق بالانحراف الدلالي.
- الانحراف الأسلوبي: يُعنى بالتحوّل في الدلالات الأصلية للأساليب الخبرية والإنشائية، مُنتجًا دلالات جديدة ومُبتكرة.
أمثلة على الانحراف في شعر أدونيس ونازك الملائكة
يُظهر شعر أدونيس استخدامًا بارعًا للانحراف. فعلى سبيل المثال، في قوله:
“إنه الريح لا ترجع القهقرى والماء لا يعود إلى منبعه”
يُلاحظ الانحراف في استخدام “الريح” كخبر لـ”إنّ”، مُخالفًا القاعدة النحوية المعتادة. فهذا الانحراف يُضيف غموضًا جماليًا ويُعبّر عن قوة الريح وقدرتها على مُجابهة الصعاب.
وفي قصيدة أخرى لأدونيس:
“يمد راحتيه للوطن الميت للشوارع الخرساء”
نجد الانحراف في إطلاق صفات مثل “ميت” و”خرساء” على “الوطَن” و”الشوارع”، مُضيفًا بُعدًا دلاليًا عميقًا يُشير إلى موت الوطَن سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
كما تُظهر نازك الملائكة براعةً في استخدام الانحراف في شعرها. فعلى سبيل المثال، في قولها:
“أين من هذه الحياة ابتسامات الأماني ونشوة الأفراح”
يُمثّل “ابتسامات الأماني” انحرافًا دلاليًا مُبتكرًا، حيث تُشَبّه الأماني بالإنسان الذي يبتسم.