مقدمة
لا شك أن كل شخص يواجه تحديات وضغوطاً في حياته اليومية. إن القدرة على التعامل مع هذه الضغوطات بشكل فعال أمر ضروري للحفاظ على صحة نفسية جيدة. الزيادة المفرطة في الإجهاد قد تؤدي إلى نتائج عكسية غير مرغوب فيها. تحقيق التوازن في جميع جوانب الحياة، حتى الصغيرة منها، يعتبر أمراً بالغ الأهمية. أي خلل في هذا التوازن قد يؤدي إلى عواقب سلبية.
الإجهاد والطبيعة البشرية
لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وكرمه على سائر المخلوقات، مصداقاً لقوله تعالى:
“وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا” (الإسراء: 70).
وقد وهب الله الإنسان قدرات متنوعة، ولكن هذه القدرات محدودة. سواء كانت في العلم، أو السمع، أو البصر، أو القوة. على الرغم من قدرة الإنسان على تحمل الصعاب، والتفكير، والصبر، والمواجهة، إلا أن هذه القدرة محدودة. يشير القرآن الكريم إلى هذا المعنى في قوله تعالى:
” وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِين”.
توضح هذه الآية أن قدرة الإنسان على التحمل محدودة، وأن التسبيح والذكر والسجود هي وسائل للتغلب على ضيق الصدر والهموم.
أمثلة من الواقع
لنفترض أن أباً يقوم بتوبيخ ابنه باستمرار بسبب تقصيره في الدراسة، ويستخدم أساليب قاسية تجرح مشاعره، أو قد يلجأ إلى الضرب. هذه الضغوط ستؤدي حتماً إلى ردود فعل سلبية، مثل رفض الابن للدراسة، أو الهروب من المنزل، أو تعاطي المخدرات، أو غيرها من السلوكيات المدمرة. الأب يمكنه نصح ابنه وتوجيهه بطريقة صحيحة، مثل مصادقته والتقرب منه.
أشكال الإجهاد النفسي
هناك عدة أشكال للإجهاد النفسي التي يمكن أن تؤثر على حياة الفرد:
- الضغوط اليومية المعتادة: وهي الضغوط التي يتعرض لها الشخص بشكل روتيني في حياته اليومية، وتزول بشكل طبيعي دون الحاجة إلى تدخل. مثال: ضغوط العمل أو الدراسة.
- الضغوط المتراكمة: وهي مجموعة الضغوط التي تتراكم في نفسية الشخص، مما يصعب السيطرة عليها لفترة طويلة، وقد تؤدي إلى الإصابة بأمراض نفسية خطيرة.
- الضغوط الشديدة أو الصدمات: وهي الضغوط التي يتعرض لها الفرد بعد حوادث خطيرة أو صدمات مفاجئة، مثل الحوادث أو الكوارث الطبيعية أو الاعتداءات.
تداعيات الإجهاد النفسي
بالإضافة إلى العواقب الوخيمة التي قد تنجم عن الإجهاد النفسي المفرط، هناك العديد من الآثار السلبية التي يمكن أن تؤثر على الفرد والمجتمع. من بين هذه الآثار:
- يولد شعوراً بالعنف والاستياء من الواقع، ونظرة متشائمة للحياة.
- يؤدي إلى الوحدة والعزلة عن الآخرين.
- يؤثر سلباً على الصحة الجسدية، حيث أن العديد من الأمراض ناتجة عن تراكم الضغوط، مثل الصداع النصفي وتصلب الشرايين.
- يقلل من الهمة والعزيمة، ويثبط الإنتاج والإبداع.