فهم أحاديث الآحاد

ما هي أحاديث الآحاد؟

أحاديث الآحاد هي تلك الأحاديث التي لم تبلغ حد التواتر. بعبارة أخرى، لا تستوفي شروط الحديث المتواتر. يُعرف هذا النوع من الأحاديث أيضًا بخبر الواحد أو أخبار الآحاد. كلمة “خبر” في اللغة العربية تعني النبأ، أيّ نبأ رواه شخص ما. ولكن، لا يعني ذلك أنَّ خبر الآحاد يقتصر على ما ينقله فرد واحد فقط. بل يشمل ما ينقله اثنان أو أكثر، طالما لم يصل عددهم إلى حد التواتر. أما الحديث المتواتر فهو ما يرويه جماعة كبيرة من الرواة العدول الثقات، عن آخرين مثلهم، حتى يصل السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم. في حين أن أحاديث الآحاد تُروى من قبل عدد أقل من الرواة، لكنهم عدول ثقات، ويتواصل هذا السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

اتفق العلماء على حجية الحديث المتواتر، حيث يفيد العلم والعمل، ولا خلاف في ذلك. أما أحاديث الآحاد، فقد اختلف العلماء حول حجيتها، فذهب جمهورهم إلى أنها حجةٌ يجب العمل بها، حتى لو غلب على الظن صحتها، دون أن تكون قطعية الصلاحية كالمتواتر. و اختلف البعض في وجوب العمل بها، مُفضّلاً الاكتفاء بالعلم بها فقط. سنتناول تفاصيل ذلك لاحقاً.

تصنيفات أحاديث الآحاد

يُصنّف العلماء أحاديث الآحاد إلى عدة أقسام رئيسية:

الحديث الغريب

الحديث الغريب، لغويًا، هو المنفرد أو البعيد عن أقاربه. اصطلاحًا، هو الحديث الذي تفرّد بروايته راوٍ واحد على طول السند، أو في أحد مواضعه. لا تؤثر الزيادة في عدد الرواة في باقي طبقات السند، لأنّ العبرة بأقل طبقة. مثال على ذلك حديث “إنما الأعمال بالنيات” الذي لم يروِه عن عمر إلا علقمة، وعن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، وعنه إلا يحيى بن سعيد الأنصاري رضي الله عنهم. ثم اشتهر الحديث بعد ذلك. بعض العلماء يُطلقون عليه اسم “الفرد”. وقد يرى البعض فرقًا بين “الغريب” و”الفرد”، بينما يراه آخرون مترادفين، كابن حجر العسقلاني، مع اختلاف في الاستعمال. هناك أيضًا “الغريب النسبيّ” وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أكثر من وجه، ثم تفرّد به راوٍ عن آخر.

الحديث العزيز

كلمة “عزيز” مشبهة من عزّ، معنيها إما القلة أو النُدرة، وإما القوة والاشتداد. اصطلاحًا، هو الحديث الذي يرويه اثنان عن اثنين في إحدى طبقاته، أو أكثر، فالعبرة بأقل طبقة في السند. مثال على ذلك حديث “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين”.

الحديث المشهور

الحديث المشهور هو ما يقع بين العزيز والمتواتر في عدد رواته. أي أكثر من اثنين، ولم يصل إلى حد التواتر. يُعرف أيضًا باسم “المستفيض”. يُشترط في بعض التعريفات أن يكون طرفا إسناده متساويين، بينما في تعريفات أخرى لا يُشترط ذلك. هناك حديث مشهور بين أهل الحديث، وآخر بين أهل الحديث والعلماء والعوام، وآخر بين الفقهاء، وآخر بين الأصوليين، وآخر بين النحاة، وآخر بين العامة. و قد يكون صحيحاً أو حسنًا أو ضعيفًا أو حتى موضوعًا.

حجية أحاديث الآحاد

أجمع جمهور الفقهاء على قبول أحاديث الآحاد المروية من الثقات والعدول، وأنها حجةٌ يجب العلم والعمل بها، ما لم يُخالفها حديث متواتر أو أثر أو إجماع. لكن اختلفوا في ثبوتها، فقسموا إلى فريقين: الأول يرى أنها قطعية الثبوت، والثاني يرى أنها ظنية، حتى وإن كانت حجة معمول بها. بعض العلماء منع الاحتجاج بأحاديث الآحاد في الاعتقادات، لأن الأمور العقدية لا تُبنى إلا على اليقين، وقد خالفت فرقة المعتزلة هذا الرأي المتفق عليه.

المراجع

سيتم ادراج المراجع هنا عند الاقتضاء.

Exit mobile version