فهرس المحتويات
مقدمة
تتميز نهاية سورة البقرة بفضل عظيم وأهمية بالغة في حياة المسلمين. تتضمن هذه الآيات الكريمة جوامع من المعاني والقيم الإسلامية التي يجب على كل مسلم استيعابها والعمل بها. تتناول هذه الآيات قضايا الإيمان، والقدرة، والتكليف، والدعاء، وتظهر رحمة الله وعدله في التعامل مع عباده. في هذا المقال، سنستعرض شرحًا مفصلًا لآخر آيتين من سورة البقرة، مع بيان معاني الكلمات والمقاصد الأساسية التي تضمنتها.
توضيح آيات نهاية سورة البقرة
وردت أحاديث نبوية شريفة تبين فضل آيات نهاية سورة البقرة، وهما الآيتان الأخيرتان منها. فيما يلي، سنقوم بتفسير هاتين الآيتين الكريمتين بشكل مفصل وواضح.
تفسير آية (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ …)
قال الله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) [البقرة: 285].
الشرح والتفسير:
توضح الآية الكريمة إيمان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وإيمان المؤمنين الصادقين بما أنزل إليه من ربه من الوحي والهدى. هذا الإيمان يشمل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، دون تفرقة أو تمييز بين أي منهم. فالمؤمنون يؤمنون بجميع الأنبياء والرسل الذين أرسلهم الله، ويعتبرونهم جميعًا صادقين ومبلغين عن الله. كما أنهم يعلنون عن طاعتهم الكاملة لله، والاستسلام لأوامره ونواهيه، مع طلب المغفرة والرحمة منه، والإقرار بأن المصير النهائي هو إلى الله وحده.
قولهم “سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا” يعكس التسليم الكامل لأمر الله، والتصديق بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم يتبع ذلك الدعاء “غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ” الذي يعبر عن الرجاء في مغفرة الله والاعتراف بالعودة إليه يوم القيامة.
تفسير آية (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا …)
قال الله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [البقرة: 286].
الشرح والتفسير:
توضح هذه الآية الكريمة عدل الله ورحمته بعباده، حيث لا يكلف الله نفسًا إلا بقدر طاقتها وقدرتها. لكل شخص ما كسب من الأجر والثواب على الأعمال الصالحة، وعليه ما اكتسب من الوزر والعقاب على الأعمال السيئة. ثم يأتي الدعاء العظيم الذي يعلمنا إياه الله، حيث نسأله أن لا يؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، وأن لا يحمل علينا أعباء ثقيلة كما حملها على الأمم السابقة، وأن لا يحملنا ما لا نطيق، وأن يعفو عنا ويغفر لنا ويرحمنا، فهو مولانا وناصرنا على القوم الكافرين.
ورد في سبب نزول هذه الآية أن المسلمين خافوا عندما نزلت آية (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)، لأنهم ظنوا أنهم سيحاسبون على ما يجول في خواطرهم وقلوبهم من الوساوس. ولكن الله طمأنهم بأنهم لن يحاسبوا إلا على ما عملوا أو تكلموا به، مصداقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِن الله تجاوز عَن أمتِي مَا وسوست بِهِ صدورها مَا لم تعْمل أَو تكلم بِهِ).
كما أن الآية تتضمن طلب العفو عن التقصير الناتج عن النسيان أو الخطأ، والدعاء بأن لا يكلفنا الله بما يفوق طاقتنا، مثلما ابتلى به الأمم السابقة. وفي نهاية الآية، نتوجه إلى الله بالدعاء بأن ينصرنا على أعداء الدين، فهو ولينا ونصيرنا.
تفسير معاني الكلمات في خواتيم سورة البقرة
فيما يلي توضيح لبعض معاني الكلمات والمصطلحات الهامة في الآيات الأخيرة من سورة البقرة:
الكلمة | المعنى |
---|---|
إِصْرًا | العهد الثقيل، أو الأمر الشاق. |
أَخْطَأْنَا | ما صدر منا بغير قصد أو عمد. |
لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ | نؤمن بجميع الرسل عليهم السلام، ولا نفرق بينهم في الإيمان. |
إِلَيْكَ الْمَصِيرُ | المرجع والمآل في يوم القيامة هو إلى الله سبحانه وتعالى. |
وَاعْفُ عَنَّا | تجاوز عن سيئاتنا وسامحنا. |
الأهداف والغايات من آيات النهاية في سورة البقرة
تتضمن آيات النهاية في سورة البقرة العديد من الأهداف والمقاصد العظيمة، منها:
- الإيمان الصحيح يتطلب استيفاء جميع أركان الإيمان، من الإيمان بالله إلى الإيمان بالقضاء والقدر.
- الإيمان بالرسل يجب أن يكون شاملاً لجميع الرسل، وإنكار واحد منهم يعتبر نقصًا في الإيمان.
- الله سبحانه وتعالى لا يكلف عباده ما لا يطيقون، فجميع التكاليف الشرعية ضمن قدرة الإنسان.
- يجب على المسلم أن يكون سميعًا مطيعًا لله، منقادًا لأوامره ونواهيه.
- المصير النهائي هو إلى الله، وعلينا الاستعداد لهذا اليوم بالعمل الصالح والتقوى.
- الإيمان يجب أن يتبعه عمل بمقتضى أركان الإيمان، وذلك بالتقوى والعمل الصالح.
خلاصة
في الختام، يمكننا القول أن آيات النهاية في سورة البقرة تحمل فضلًا عظيمًا، وتوضح حقيقة الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله. كما تتضمن دعوات عظيمة لمغفرة الذنوب، وتكفير السيئات، والنصر على الأعداء. لذلك، يجب على كل مسلم أن يتدبر هذه الآيات ويعمل بها، لكي ينال رضا الله وفضله في الدنيا والآخرة.