فنون البلاغة العربية: صور بيانية ومحسنات بديعة

تُعدّ الصور البيانية والمحسنات البديعية من أهم فنون البلاغة العربية التي تُضفي على الكلام جمالًا وإقناعًا وتُعزز تأثيره على المتلقي. هذا المقال يُسلط الضوء على أهم هذه الفنون، ويبين بلاغتها الفريدة.

جدول المحتويات

صور بيانية

تُعدّ الصور البيانية من أهم عناصر البلاغة العربية التي تُساهم في نقل المعاني بوضوح ودقة، وتُثير في نفس المتلقي مشاعر وأحاسيس مُعينة. تُركز هذه الصور على تشبيه الأمور المجردة بأمور محسوسة لجعل فهمها أسهل.

بلاغة التشبيه

يُعرف التشبيه بكونه عملية مقارنة بين أمرين مختلفين باستخدام أدوات الربط مثل “كـ” و “مثل” و “شبه”. تكمن بلاغة التشبيه في قدرته على نقل المعنى بوضوح وإيجاز، حيث يُساعد على تصوّر الصورة المراد نقلها بشكلٍ أكثر وضوحًا. على سبيل المثال، عندما تُقال جملة “قلبه قاسٍ”، قد لا يُحدث ذلك التأثير نفسه الذي تُحدثه جملة “قلبه كالحديد”. في هذه الحالة، يُساعد التشبيه على تصوّر قساوة القلب من خلال الربط بالحديد.

بلاغة الاستعارة

تُعتبر الاستعارة نوعًا من التشبيه يتم فيه حذف أحد طرفيه، مما يُثير ذهن المتلقي للبحث عن التشبيه المقصود، ويبذل جهدًا إضافيًا لفهم المعنى. تُثير الاستعارة فضولًا وتُحفز على التفكير العميق، كما تُمكن من تصوير المعاني المجردة بأمور ملموسة. فمثلاً، عندما تُقال جملة “قد جرح مشاعره”، فإنّ المتلقي يُدرك أنّ المشاعر تمثّل شيئًا ملموسًا يمكن جرحه، مما يُعزز فهم المعنى وتأثيره.

بلاغة الكناية

تُعرّف الكناية بذكر أمر معين للدلالة على أمر آخر، مما يُثير فضول المتلقي ويُحفزه على البحث عن المعنى الكامن. تُساهم الكناية في إثارة العقل وتشويقه لمعرفة المعنى، وتُتيح أيضًا للكاتب إمكانية التعبير عن أفكاره بشكلٍ أكثر دقة وجمالًا. على سبيل المثال، جملة “هو كثير الرماد” تُشير إلى كرم الشخص، حيث يتم استعمال “رماد” للدلالة على “طعام” ثم “كرم”.

المحسنات البديعية

تُعدّ المحسنات البديعية من فنون البلاغة التي تهدف إلى إضفاء جمالًا على الكلام وزيادة تأثيره على المتلقي. تُقسم المحسنات البديعية إلى قسمين: محسنات معنوية ومحسنات لفظية.

بلاغة التورية

تُعرّف التورية بذكر كلمةٍ لها معنيان: قريب غير مراد وبعيد مراد. تُثير التورية فضول المتلقي وتُشجعه على التفكير في المعنى المقصود. فمثلاً، في بيت الشاعر: “ولا بَرِحَتْ مصرُ أحقَّ بيوسف ** من الشامِ لكن الحظوظ تُقسم”، يشير “يوسف” إلى “صلاح الدين الأيوبي”. وتكمن بلاغة التورية في كونها تُمكن الكاتب من نقل معنىٍ معين لِمَن يُريد إخفاءه عن الآخرين.

بلاغة حسن التعليل

يتمثل حسن التعليل في إعطاء سببٍ غير حقيقي لأمرٍ ما. يُساهم حسن التعليل في إضفاء طابعٍ فني على الكلام وتُظهر قدرة الكاتب على إيجاد معاني مختلفة. فمثلاً، جملة “إذا رأيت الندى على الزهر مات فلان فبكى الورد” تُشير إلى حزن الورد على فلان، مع العلم أنّ الندى ينتج عن عوامل طبيعية.

بلاغة الطباق

الطباق هو استخدام كلمتين متضادتين في المعنى، مما يُساهم في إضفاء جمالٍ وإقناعٍ على الكلام. فمثلاً، جملة “يومك أبيض ويومه أسود” تُبرز التباين بين يومين من خلال استخدام كلمتي “أبيض” و “أسود”.

بلاغة المقابلة

تُعرف المقابلة باستخدام جملتين متضادتين. تُمكن المقابلة من إبراز التباين بين الأفكار والمعاني وتُعزز تأثيرها على المتلقي. فمثلاً، في قول الله تعالى: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}،[٧] تُبرز المقابلة بين أفعال الخير والشرّ و بين نتائجها في الدنيا و في الآخرة.

بلاغة السجع

السجع هو توافق نهايات الجمل من حيث اللفظ. يُساهم السجع في إضفاء طابعٍ موسيقي على الكلام ويُحفز على الاستماع إليه بشغف. فمثلاً، جملة “السماء صافية، والأبدان في عافية، والنسمات لها شافية” تُظهر سجعًا في نهايات الجمل “صافية، عافية، شافية”.

بلاغة الجناس

الجناس هو وجود كلمتين متشابهتين في اللفظ مختلفين في المعنى. يُساهم الجناس في جذب انتباه المتلقي وتأكيد المعنى المقصود. فمثلاً، جملة “بعض الكَلام يسبب في القلوب كِلام” تُستخدم “كَلام” لِدلالة على “الحديث” و “كِلام” لِدلالة على “الجروح”.

تُعدّ الصور البيانية والمحسنات البديعية من أهم فنون البلاغة العربية التي تُضفي على الكلام جمالًا وإقناعًا وتُعزز تأثيره على المتلقي. تُمكن هذه الفنون من نقل المعاني بدقة ووضوح، وتُثير في نفس المتلقي مشاعر وأحاسيس مُعينة.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

دول شمال أفريقيا: التاريخ، الجغرافيا، والاقتصاد

المقال التالي

وصفات بلح الشام اللذيذة: من الطريقة المصرية إلى اللبن

مقالات مشابهة

الجماليات البلاغية في قصيدة عنترة بن شداد

استكشاف الجماليات البلاغية في قصيدة عنترة بن شداد الشهيرة. تحليل للتشبيهات والاستعارات وغيرها من الأساليب البلاغية التي استخدمها عنترة لإثراء معلقته. شرح للمفردات الصعبة في القصيدة
إقرأ المزيد