مقدمة
تعتبر الطهارة جزءًا أساسيًا من العبادة في الإسلام، وهي ليست مجرد نظافة جسدية، بل هي أيضًا تطهير للروح والقلب. من بين أنواع الطهارة، يأتي الغسل من الجنابة كفريضة على كل مسلم ومسلمة تحققت فيهما شروط معينة. الجنابة هي الحالة التي يكون عليها المسلم بعد نزول المني بشهوة أو بعد الجماع، وتستدعي هذه الحالة القيام بالغسل الشرعي لرفع الحدث الأكبر والعودة إلى حالة الطهارة التي تسمح بأداء العبادات كالصلاة وقراءة القرآن.
إن فهم أحكام الجنابة والالتزام بها يعكس حرص المسلم على تطبيق شرع الله والتقرب إليه بالطاعات. وفيما يلي، سنتناول بالتفصيل الأسباب الموجبة للغسل، وكيفية الاغتسال الصحيح، وأهمية هذه الفريضة في حياة المسلم.
أسباب وجوب الغسل
هناك عدة أسباب توجب على المسلم الغسل، وهي:
- نزول المني بشهوة: يجب الغسل إذا خرج المني دفقًا بلذة في حالة اليقظة، سواء كان ذلك بسبب الجماع أو غيره. وفي هذا الصدد، قال الله تعالى: ﴿وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6].
- الجماع: يجب الغسل عند حصول الجماع، وهو إيلاج الذكر في فرج الزوجة، حتى وإن لم يحدث إنزال. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح الذي يرويه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: ﴿إنما الماءُ من الماءِ﴾ [مسلم]. وهذا يدل على أن الغسل يجب بمجرد حصول الإيلاج، ولا يشترط نزول المني.
- نزول المني أثناء النوم (الاحتلام): يجب الغسل في حال خروج المني أثناء النوم، سواء تذكر الشخص حصول اللذة أم لم يتذكرها.
تجدر الإشارة إلى أن المني يخرج من الرجل دفقاً، بينما يخرج من المرأة بغير دفق، وكلاهما مصحوبٌ بلذّةٍ، ومعقوبٌ بفتورٍ يحدث في جسميهما، ولماء الرجل والمرأة رائحةٌ متشابهةٌ.
أهمية الاغتسال من الجنابة
إن الغسل من الجنابة له أهمية كبيرة في الإسلام، سواء من الناحية الدينية أو الصحية والنفسية:
- الطهارة الروحية والجسدية: الغسل يطهر الجسم من النجاسة الحسية والمعنوية، ويعيد إليه النقاء والصفاء.
- التهيؤ للعبادة: الغسل يهيئ المسلم لأداء العبادات كالصلاة وقراءة القرآن، ويجعله في حالة من الخشوع والتركيز.
- النشاط والحيوية: الغسل يبعث النشاط والقوة في الجسم بعد أن سُلبت منه بخروج المني، ويعينه على استعادة طاقته وحيويته.
ذكر الإمام ابن القيم -رحمه الله- أن الاغتسال بعد خروج المني فيه نفعٌ كبيرٌ للجسم والقلب والرّوح، وهذا أمرٌ محسوسٌ، خاصّة أنّ الجنابة تورث كسلاً في الجسم وثقلاً فيه، فيأتي الغسل يُحدث خفّة الجسم، فكأنّما ألقى عن كاهله حملاً ثقيلاً.
وقد أكّد كثير من الأطباء الثقات أنّ الغسل بعد الجِماع يُعيد إلى البدن قوته، ويُعوّض الجسم ما فقده من القوّة، وترك الغسل بعد تحقّق موجباته مضرٌّ.
المصادر والمراجع
- سورة المائدة، آية: 6.
- أبومحمد المنجد (12-4-2001)، “إذا خرج المنيّ حال اليقظة بسبب المرض فلا يجب الغسل”، islamqa.info، تم الاطلاع عليه بتاريخ 1-2-2019.
- “ما معنى الجنابة ومتى يغتسل الرجل منها؟”، binbaz.org.sa، تم الاطلاع عليه بتاريخ 1-2-2019.
- أبومحمد المنجد (13-9-2005)، “يجب الغسل من الجماع وإن لم يحصل إنزال”، islamqa.info، تم الاطلاع عليه بتاريخ 1-2-2019.
- أبومحمد المنجد (2-7-2011)، “ما هي الجنابة التي توجب الغسل؟”، islamqa.info، تم الاطلاع عليه بتاريخ 1-2-2019.
- د. عبد الله الفريح (11-6-2015)، “موجبات الغسل”، alukah.net، تم الاطلاع عليه بتاريخ 1-2-2019.
- رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 343، صحيح.
- محمد المنجد (30-12-2014)، “ما الحكمة من أحكام الجنب في الإسلام؟”، islamqa.info، تم الاطلاع عليه بتاريخ 1-2-2019.