فضيلة العفة: تعريفها، أنواعها، وثمارها في الإسلام

استكشاف مفهوم العفة في الإسلام، تعريفها اللغوي والاصطلاحي، أنواعها، أهميتها في القرآن الكريم، ثمارها، وكيفية تحقيقها.

جدول المحتويات

الموضوعالرابط
خلق العفة في الإسلامالفقرة الأولى
تعريف العفة لغةً واصطلاحاًالفقرة الثانية
أشكال العفة في الإسلامالفقرة الثالثة
العفة في كتاب الله العزيزالفقرة الرابعة
نتائج التحلي بالعفةالفقرة الخامسة
سبل بلوغ العفةالفقرة السادسة

خلق العفة في الإسلام: سمة التميز

حث الإسلام على التحلي بالأخلاق الفاضلة، فالمسلم يعرف بأخلاقه الحسنة، ومن أبرز هذه الأخلاق الكريمة خلق العفة. تتجلى العفة في الابتعاد عن الفواحش والرذائل، والقدرة على ضبط الشهوات التي قد تُغري النفس البشرية. فالعفة نقيضٌ للهوى وطاعة النفس الأمّارة بالسوء، وكلما زاد ابتعاد المسلم عن الشهوات والملذّات المحرّمة، اقترب من تقوى الله تعالى ورضوانه. سنستعرض في هذا المقال مفهوم العفة، وكيفية التحلي بها.

معنى العفة: بين اللغة والاصطلاح

لغةً، العفة مصدر الفعل “عفَّ”، بمعنى كفّ عن الحرام. يقال: عَفَّ عن الشيء يعِفُّ عِفَّةً وعَفّاً وعَفَافَةً. والمرأة عَفَّةٌ وعَفِيفَةٌ. العفة هي الكفّ عمّا لا يحلّ، والاستعفاف طلب العفاف.

أما اصطلاحاً، فيُعرّف العفاف بأنه: هيئةٌ للقوة الشهوية، متوسطة بين الفجور (الإفراط) والخمول (التفريط). العفيف من يُباشر الأمور وفقاً للشرع الحنيف والمروءة. ويُقال أيضاً: إنه ضبط النفس عن الملذات الحيوانية، حالةٌ متوسطة بين الإفراط (الشره) والتفريط (جمود الشهوة).

أنواع العفة: حماية النفس والمجتمع

تنقسم العفة إلى نوعين رئيسين يُميّزان المسلم الملتزم بأخلاق الإسلام عن غيره:

النوع الأول: العفة عن المحارم: وهي الكفّ عن محارم المسلمين، من دمٍ ومالٍ وعرضٍ. ويُقسم هذا النوع إلى: ضبط الفرج عن الحرام (عدم الاقتراب من الزنا أو ما يقاربه) وكفّ اللسان عن الأعراض (الابتعاد عن الغيبة، النميمة، والخوض في أعراض الناس).

النوع الثاني: العفة عن المآثم والمعاصي: وهي تتضمن: الكفّ عن المجاهرة بالظلم، وعدم الإصرار على الخيانة، سواءً ظاهرياً أو باطنياً.

العفة في القرآن الكريم: منهج حياة

جاء ذكر العفة في القرآن الكريم في مواضع متعددة، منها:

قال الله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 273]. توضح هذه الآية عفة الفقراء المهاجرين الذين لا يطلبون من الناس شيئاً.

قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها﴾ [النور: 30-31]. يُأمَر المؤمنون والمؤمنات بغض البصر وحفظ الفرج.

كما وردت آيات أخرى تشجع على العفة والاستقامة، مثل قوله تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 33]، وقوله تعالى: ﴿وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ﴾ [النور: 60].

وتُبرز قصة سيدنا يوسف عليه السلام في القرآن الكريم أعلى درجات العفة والصبر في مواجهة الإغراء.

ثمار العفة: سعادة الدنيا والآخرة

للعفة ثمراتٌ عظيمة في الدنيا والآخرة، فهي من ثمرات الإيمان، تحفظ الجوارح عمّا حرّم الله، تحفظ الأعراض في الدنيا، وتؤدي إلى الفوز بالنعيم في الآخرة. العفة ركنٌ من أركان المروءة، تُسهم في بناء مجتمعٍ سليمٍ بعيداً عن الفواحش والمفاسد. العفيف من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة، كما جاء في الحديث الشريف: ﴿سبعةٌ يُظِلُّهمُ اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه: الإمامُ العادلُ، وشابٌّ نشأ في عبادةِ ربِّه، ورجلٌ قلبُه مُعَلَّقٌ في المساجدِ، ورجلان تحابَّا في اللهِ اجتَمَعا عليه وتفَرَّقا عليه، ورجلٌ طلَبَتْه امرأةٌ ذاتُ مَنصِبٍ وجمالٍ، فقال إني أخافُ اللهَ، ورجلٌ تصَدَّق، أخفَى حتى لا تَعلَمَ شِمالُه ما تُنفِقُ يمينُه، ورجلٌ ذَكَر اللهَ خاليًا، ففاضَتْ عيناه﴾ [رواه البخاري]. العفة دليلٌ على كمال النفس وعزّتها، وتُنعم على العفيف براحة البال وسكينة النفس، وهي دليل على وفرة العقل ونزاهة القلب.

طرق تحقيق العفة: سلوك وتوجيه

هناك وسائلٌ مُعينةٌ على بلوغ العفة، منها:

التقوى لله تعالى في السر والعلن، الدعاء لله بأن يصرف عنه السوء والفحشاء، تربية الأبناء على الأخلاق الإسلامية، الزواج، إقامة الحدود الشرعية، سد الذرائع المؤدية إلى الفساد، كترك الخلوة بالنساء الأجنبيات، وعدم التبرج، والاستئذان قبل الدخول.

Total
0
Shares
المقال السابق

العصف الذهني: منهجية توليد الأفكار الإبداعية

المقال التالي

فضل العفو وروح التسامح في الإسلام

مقالات مشابهة