فضل رعاية الجيران: أهمية الجوار في الإسلام

استكشاف أهمية الجار في الإسلام، وأساليب العناية بالجيران، والفوائد العظيمة التي تعود على الفرد والمجتمع من حسن الجوار.

مكانة الجار في الشريعة الإسلامية

للجار مكانة رفيعة وحقوق عظيمة في الدين الإسلامي الحنيف. فالعناية بالجار وحفظ حقوقه دليل على كمال الإيمان وصدق التدين. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الأهمية بقوله:
“مَنْ كَانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ؛ فَلْيُحْسِنْ إلى جارِهِ”.
فاحترام الجار هو جزء أساسي من عقيدتنا الإسلامية السمحة.

وقد رفع الإسلام من قدر الجار، واعتبر الجار الصالح من دواعي السعادة والهناء. كما حثنا على الاستعاذة بالله من شر الجار السوء والصبر على ما قد يصدر منه من أذى. وفي هذا السياق، كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
“اللهم إنِّي أَعوذُ بِكَ من جَارِ السُّوءِ في دَارِ المُقامَة”.

تجدر الإشارة إلى أن للجار حقوقًا على جاره سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، صالحًا أو طالحًا، صديقًا أو عدوًا. فما دام بينهما جوار، فله حق يجب مراعاته والإحسان إليه.

ومن القيم النبيلة التي يحث عليها ديننا الإسلامي: تعزيز روح التعاون والمودة بين المسلمين، حتى يصبح المجتمع كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في هذا الشأن، حيث قال:
“مثلُ المؤمنينَ في تَوادّهم وتَراحُمهم وتَعاطُفهم مثلُ الجسدِ إذَا اشتَكَى منهُ عُضوٌ تداعَى لهُ سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمَّى”.

ومن الوسائل التي تعين على تحقيق هذه الغاية النبيلة: الإحسان إلى الجار. فإذا أحسن كل جار إلى جاره، وتحلى المسلمون جميعًا بهذه الصفة الحميدة، سينعم مجتمعنا بالسعادة والأمان والرخاء، وسيسوده التعاون والتراحم.

مظاهر الإحسان إلى الجار

يتجلى الإحسان إلى الجار في صور وأشكال متعددة، منها:

  • إكرام الجار وتقديره، واستقباله بالبشاشة والابتسامة. وإلقاء السلام عليه عند ملاقاته، وإكرامه إذا كان ضيفًا.
  • تفقد أحوال الجار والسؤال عنه بين الحين والآخر، وخاصة إذا كان محتاجًا أو فقيرًا، ومد يد العون والمساعدة إليه.
  • إهداء الجار الهدايا، حتى لو كانت بسيطة ومتواضعة، فالهدية تعبر عن حسن الجوار وتقوي أواصر المحبة.
  • مساعدة الجار إذا طلب العون والمساعدة، وزيارته إذا مرض، وتلبية دعوته إذا دعاك إلى وليمة أو مناسبة.
  • مشاركته الفرح في الأفراح، ومواساته في الأحزان، وحفظ ماله وعرضه في حضوره وغيابه.
  • عدم إيذاء الجار بأي شكل من الأشكال، فالإيذاء حرام شرعًا، وإيذاء الجار أشد حرمة وأعظم إثمًا.
  • التسامح والصبر على أذى الجار، فقد يبتلي الإنسان بجار سيئ الطباع، فالواجب عليه أن يتحلى بالصبر والحكمة، وأن يحتسب الأجر عند الله تعالى.

جزاء الإحسان إلى الجار وثمراته

هنيئًا لمن أحسن إلى جيرانه ونال بذلك الأجر والثواب الجزيل من الله تعالى. فقد وردت أحاديث كثيرة تبين فضل الإحسان إلى الجار وعظيم أجره. فالمحسن إلى جاره يطيع ربه فيما أمر، ويمتثل لأمر نبيه صلى الله عليه وسلم، وينال بذلك رضا الله تعالى وسيجازيه بدخول جنته.

كما أن المحسن إلى جاره يتحلى بأحسن الأخلاق ويتصف بأفضل الصفات، وهو محبوب بين أهله وجيرانه والمجتمع من حوله.

فلنجتهد جميعًا في التحلي بهذه الصفة الحميدة والقيام بهذا الواجب العظيم، حتى ننال الأجر من الله تعالى والفوز برضوانه، وحتى يعم الخير وتسود السعادة في مجتمعاتنا، ونحيا حياة آمنة هنيئة.

المصادر

  • صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار، حديث رقم 48.
  • صحيح ابن حبان، كتاب الأدعية، باب الاستعاذة من شرور الدنيا والآخرة، حديث رقم 1033.
  • صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاونهم، حديث رقم 2586.
Total
0
Shares
المقال السابق

الأمير عبد القادر: سيرة بطل

المقال التالي

تأملات حول دور وسائل الاتصال الحديثة

مقالات مشابهة