مقدمة عن مكانة الوالدين
الوالدان هما النعمة العظيمة التي أنعم الله بها علينا. إنهما أساس حياتنا وسعادتنا، وبرهما هو طريقنا إلى رضا الله وجنته. هما السند والأمان، والملجأ الذي نلجأ إليه في كل وقت. الوالدان هما من يقدمان لنا كل ما يملكان من حب ورعاية واهتمام دون مقابل.
أمر الله بالإحسان إليهما
لقد عظّم الله سبحانه وتعالى شأن الوالدين، وأوصى بالإحسان إليهما في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة. فبر الوالدين من أعظم الطاعات وأجلّ القربات إلى الله. قال تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”.
وقد جعل الله طاعة الوالدين من أهم الأعمال التي تقرب العبد إلى ربه، وذلك جزاء لهما على ما قدماه من جهد وتعب في تربية الأبناء وتوفير حياة كريمة لهم. فالأم تحمل وتربي وتسهر وتتعب حتى ترى أبناءها في أحسن حال، والأب يعمل ويكدح ويوفر احتياجات الأسرة. لذلك، وجب علينا طاعتهما في كل ما يرضي الله، والابتعاد عن كل ما يغضبهما.
حدود طاعة الوالدين
أمرنا الله بطاعة الوالدين في كل الأمور، ولكن طاعة الله أولى وأوجب. فعند تعارض طاعة الله مع طاعة الوالدين، يجب علينا أن نطيع الله أولاً، ولا يجوز لنا اتباع ما يطلبانه إذا كان فيه معصية لله. قال تعالى: “وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ”.
ومع ذلك، يجب علينا أن نتودد إليهما ونحسن إليهما بالأقوال والأفعال، والإحسان إليهما في الدنيا حتى الممات.
حقوق الوالدين على الأبناء
أوصى الله تعالى بالوالدين خيراً، وجعل لهما حقوقاً على أبنائهم، منها الدعاء لهما في حياتهما وبعد مماتهما. فالدعاء لهما من وصايا الله للإنسان، وقد دعا بها نبي الله نوح عليه السلام. قال تعالى على لسان نبيّ الله نوحٍ: “رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا”.
ومن حقوق الوالدين أيضاً الوصية لهما، وتقديم النصيحة لهما في كل ما فيه صلاحهما، وطلب المغفرة من الله لتقصيرنا تجاههما، وطلب مسامحتهما لنا. قال تعالى: “كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ”.
صور متعددة للإحسان
هناك صور كثيرة للإحسان إلى الوالدين لا تعد ولا تحصى، منها فعل الخير لهما وحسن صحبتهما، وعدم الضجر منهما ولو بكلمة “أف”، وطاعتهما في كل ما يرضي الله، وخفض الجناح لهما والرحمة بهما، ومعاملتهما معاملة طيبة، وعدم رفع الصوت عليهما، وعدم مجادلتهما.
كما يجب علينا شكرهما وتقديرهما على كل ما قدماه لنا، لأن ذلك مقرون بشكر الله تعالى. فالإحسان إلى الوالدين هو طريقنا إلى الجنة ورضا الله.