فضائل الصبر على إساءة الآخرين

استكشاف فضائل الصبر على أذى الآخرين في الإسلام. يشمل مواقف من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال الحكماء وأشعار تحث على التسامح والعفو.

حكم حول تحمل إساءة الغير

يعتبر الصبر على أذى الآخرين من أعظم الفضائل التي حث عليها الإسلام، لما له من آثار إيجابية على الفرد والمجتمع. فالإنسان الذي يتحلى بالصبر والعفو، يترفع عن الصغائر ويسمو بنفسه عن الانتقام. قال الشاعر:

إِنَّا لَقَوْمٌ أَبَتْ أَخْلَاقُنَا شَرَفًا     أَنْ نَبْتَدِي بِالأَذَى مَنْ لَيْسَ يُؤْذِينَا

بيض صنائعنا سود وقائعنا خضر مرابعنا حمر مواضينا

فمن الضروري حفظ اللسان وتجنب إيذاء الآخرين، ومحاولة التعلم من التجارب الحياتية والعبر التي تصادفنا. التمهل والتأني قد يحققان بعض الأهداف، بينما الاستعجال قد يؤدي إلى الوقوع في الخطأ. لا شيء يبقى على حاله، وكل ضيق يأتي بعده فرج. يجب ألا يغتر الإنسان بالمظاهر الخادعة، فالكل معرض للخطأ.

إن أصحاب البصيرة يدركون أن النجاح قد يجلب معه بعض الأذى، ولهذا فهم يستعدون لمواجهة التحديات بصبر وثبات. فالنفوس الصغيرة فقط هي التي تفكر في إيذاء الآخرين، لأنها لا تقدر على فعل الخير.

الرجل الصالح هو الذي يتحمل الأذى ولا يرتكبه، وهذا هو جوهر التسامح والعفو.

نماذج من الصبر على الأذى

في السنة النبوية، نجد العديد من الأمثلة التي تحث على الصبر على الأذى والعفو عن المسيء. ففي سنن الترمذي، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“الْمُسْلِمُ إِذَا كَانَ مُخَالِطًا للنَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، خَيْرٌ مِنَ الْمُسْلمِ الَّذِي لاَ يُخَالِطُّ النَّاسَ، وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ”

وفي القرآن الكريم، قال الله تعالى:

“وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا” (المزمل).

وفي سنن ابن ماجه، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

“مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَهُوَ يَقْدِر عَلَى أَنْ يَنْتَصِرْ دَعَاهُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رُؤوسِ الْخَلاَئِقِ حَتّى يُخْيّرَهُ فِي حُورِ الْعِينِ أَيَتُهنَّ شَاءَ”

وحسنه الألباني. فالصبر على الأذى هو نوع من الابتلاء، وإذا احتسبه الإنسان لوجه الله تعالى، فإنه ينال الأجر والثواب، ويكون ذلك تطهيراً له من الذنوب وتكفيراً للسيئات.

وقد وسع النبي صلى الله عليه وسلم مفهوم الصدقة ليشمل كل فعل خير يقوم به المسلم، فقال: “تبسمك في وجه أخيك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة وبصرك للرجل الردء البصر لك صدقة.” وهذا يدل على أن إزالة الأذى عن طريق الناس هو عمل عظيم يثاب عليه المسلم.

أقوال مأثورة عن الصفح

تحمل كتب التراث العديد من الأقوال التي تحث على الصفح والعفو عند المقدرة. فمن الضروري صون اللسان عن الأذى والتعلم من تجارب الحياة.

قال أحد الحكماء: “ولربما ابتسمَ الوقورُ من الأذى … وفؤادُه من حَرَّه يتأوهُ”.

وقال آخر: “لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم.”

الصمت هو الإعراض عن اللغو، والجوع هو التطوع بالصوم، والسهر هو قيام الليل، والعزلة هي كف الأذى عن النفس والعناية بها.

من الأقوال المأثورة أيضاً: “مصائب قوم عند قوم فوائد”، و “من تأنى أدرك ما تمنى”، و “من رأى مصائب غيره هانت مصائبه”، و “من صبر ظفر”، و “من لم يصبر على كلمة سمع كلمات”.

وأفضل أخلاق الرجال التَّصَبُّرُ.

أبيات شعرية عن الصبر على الأذى

عبر الشعراء عن أهمية الصبر على الأذى في العديد من القصائد. منها:

واحتمال الأذى ورؤية جانيه     غذاء تضوي به الأجسام

ذل من يغبط الذليل بعيش     كل حلم أتى بغير اقتدار

حجة لاجئ إليها اللئام

وكما قيل:

إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفا     أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا

سلي الرماح العوالي عن معالينا     واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا

وكما قيل:

اليوم يوم مصارع الشهداء     هل في جوانبه رشاش دماء

لله غياب حضور في النهى     ماتوا فباتوا أخلد الأحياء

أبطال تفدية لقوا جهد الأذى     في الله وامتنعوا من الإيذاء

بعداء صيت ما توخوا شهرة     لكن قضوا في ذلة وعناء

لبثوا على إيمانهم ويد الردى     تهوي بتلك الأرؤس الشماء

سلمت مشيئتهم وما فيهم سوى     متقطعي الأوصال والأعضاء

صبروا على جبروت عات قاهر     ساء النهى والدين كل مساء

وفي أبيات أخرى:

الفتى وقولُه مُخَلَّدُ     يمضي عليه زمنٌ بعدَ زمنْ

ولا تقمْ على الأذى في وطنٍ     فحيثُ يعدوكَ الأذى هوالوطنْ

وقال أحمد شوقي:

إِن الشجاعةَ في القلوبِ كثيرةٌ     ووجدتُ شجعانَ العقولِ قليلا

إِن الشجاعَ هو الجبانُ عن الأذى     وأرى الجريء على الشرورِ جبانا

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أقوال مأثورة حول قوة التحمل

المقال التالي

دروس وعبر من التحلي بالصبر في مواجهة تحديات الحياة

مقالات مشابهة