فضائل الأخلاق النبوية: (وإنك لعلى خلق عظيم)

استكشاف لأهمية الأخلاق الحميدة في الإسلام، مع التركيز على أخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكيفية الاقتداء بها. يتضمن الحديث عن التقوى، الرحمة، والحياء، مع استشهادات قرآنية وأحاديث نبوية.

افتتاحية

الحمد لله، ذي الفضل والإحسان، نستعينه ونسأله الهداية والتوفيق، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، وهداه إلى طريق الحق والإيمان. والصلاة والسلام على النبي المصطفى محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين- الذي وصفه ربه بأعظم الصفات.

الحث على خشية الله

أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي سبيل الفلاح والنجاة. التقوى هي امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، وهي المعيار الحقيقي للتفاضل بين الناس. فليس لأحد فضل على آخر إلا بالتقوى.

اتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الله مطلع على أعمالكم وسيجازيكم عليها، كما قال تعالى:
فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
.

الجزء الأول

يا عباد الله، إن من أعظم ما يرفع قدر الإنسان عند الله وعند الناس هو حسن الخلق وطيب المعشر. وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أكمل الناس خُلقًا، وأعظمهم منزلة عند الله، حيث قال تعالى فيه:
وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ.

فالنبي -صلى الله عليه وسلم- هو الأسوة الحسنة والقدوة المثلى لأمته، وهو المبعوث ليتمم مكارم الأخلاق. فعلى كل مسلم أن يقتدي به في أقواله وأفعاله وأخلاقه، وأن يجعلها نبراساً يضيء له دربه.

لقد اصطفى الله -عز وجل- نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- لحمل رسالة الإسلام إلى الناس كافة، وجعله داعياً إلى أخلاق القرآن وقيمه. وأي فضل أعظم من أن يقتدي المسلم بمن شهد له الخالق بحسن الخلق وعظيم المنزلة؟

لقد امتن الله علينا ببعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال تعالى:
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.

ومن الأخلاق النبوية التي يجب على المسلم الاقتداء بها الرحمة، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- رحمة مهداة للعالمين، وقد شملت رحمته الحيوانات، فكان يهتم بأمر الصغير والكبير، ويدعو إلى الرفق واللين في التعامل معهم.

ومن أخلاقه العظيمة الحياء، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يستحي أن يجرح مشاعر الآخرين أو أن يسبب لهم الإحراج، حتى لو كان ذلك على حساب نفسه.

وقد كان -صلى الله عليه وسلم- قدوة في الحياء حتى أنه كان يستحي أن يطلب من ضيوفه الانصراف بعد تناول الطعام، حتى أنزل الله -عز وجل- قوله:
إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ.

وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الحياء شعبة من الإيمان، وأن الحياء لا يأتي إلا بخير. فلنسارع إلى التحلي بهذه الأخلاق النبوية الكريمة، لننال الأجر العظيم والرضوان من الله.

الجزء الثاني

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، والصلاة والسلام على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي كان خلقه القرآن. أما بعد، أيها الأخوة المؤمنون، فإن من أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- مراعاة مشاعر الآخرين، فكان إذا دخل في الصلاة وأراد إطالتها، فسمع بكاء طفل خففها خشية أن تفتتن والدته.

وقد علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- العفو والصفح في فتح مكة، عندما عفا عن الذين حاربوه وآذوه. وكان يحنو على الصغير والكبير، ويصفه أعداؤه بالصدق والأمانة. فلنحرص على اكتساب هذه الأخلاق الفاضلة التي ترفع مقام المؤمن عند الله وترفع درجاته في الجنة.

هلموا يا عباد الله لنقتدي بسنة نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- صاحب الخلق العظيم.

الدعاء

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت. اللهم عافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت.

اللهم يا واصل المنقطعين أوصلنا إليك، وهب لنا عملاً صالحاً متقبلاً يقربنا إليك. اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همومنا وأحزاننا، اللهم علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نسينا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النار على الوجه الذي يرضيك عنا.

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين. عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

المصادر

تمت الاستعانة بمعلومات من مصادر متعددة لإثراء هذا الموضوع.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

موعظة حول ترك الكذب والعمل بالزور

المقال التالي

حتى يرى الله عملكم: نظرة في قيمة العمل في الإسلام

مقالات مشابهة

كيفية التخلص من وساوس الشيطان وأهم الطرق الشرعية

تعرف على كيفية التخلص من وساوس الشيطان وأهم الطرق الشرعية لتحصين النفس من تأثيراته السلبية. اكتشف أنواع الوساوس وكيفية التعامل معها وفقًا للشريعة الإسلامية.
إقرأ المزيد