مقدمة
يُعتبر الكشف المبكر عن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) أمراً بالغ الأهمية للبدء الفوري في العلاج وتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة. من بين التقنيات التشخيصية المتوفرة، يبرز فحص تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) كأداة قوية للكشف عن وجود الفيروس في وقت مبكر جداً، حتى قبل ظهور الأجسام المضادة التي يتم الكشف عنها عادةً في الفحوصات الأخرى. هذا المقال سيسلط الضوء على فحص PCR الخاص بفيروس نقص المناعة المكتسبة، وكيفية عمله، وأهميته في التشخيص المبكر.
فهم آلية تفاعل البوليميراز المتسلسل
يعتمد فحص PCR على تضخيم الحمض النووي الريبوزي (RNA) الخاص بفيروس نقص المناعة البشرية. هذا الحمض النووي هو المادة الوراثية التي يحملها الفيروس. الفحص يتم عن طريق فحص عينات الدم، بحثاً عن الفيروس في المراحل المبكرة من الإصابة.
تعتمد آلية الفحص على تحليل سلسلة قصيرة من الحمض النووي، سواء كان DNA أو RNA. العينات تحتوي على كميات صغيرة جدا من هذه الأحماض، و رغم ذلك، فإن دقة الفحص تسمح بالكشف عنها.
تفاعل البوليميراز المتسلسل هو عملية معقدة تتضمن تكرار سلسلة من الخطوات لإنتاج نسخ متعددة من جزء معين من الحمض النووي. يتم ذلك من خلال ثلاث مراحل رئيسية تتكرر في دورات متتالية داخل جهاز متخصص يقوم بتبريد وتسخين العينات:
- مرحلة التمسخ: يتم خلال هذه المرحلة فصل سلسلتي الحمض النووي المزدوجتين عن بعضهما البعض عن طريق رفع درجة الحرارة إلى حوالي 94 درجة مئوية.
- مرحلة الارتباط: في هذه المرحلة، يتم تبريد العينة لتمكين البادئات (Primers)، وهي قطع صغيرة من الحمض النووي، من الارتباط بالسلاسل المفردة للحمض النووي.
- مرحلة الاستطالة: يتم رفع درجة الحرارة مرة أخرى، مما يسمح لإنزيم بوليميراز الحمض النووي (DNA polymerase) بإضافة النيوكليوتيدات لتكوين سلسلة جديدة من الحمض النووي مكملة للسلسلة الأصلية.
تتكرر هذه المراحل من 30 إلى 40 مرة، مما يؤدي إلى تضخيم الجزء المستهدف من الحمض النووي ملايين المرات، مما يسهل الكشف عنه.
دواعي إجراء الاختبار
يلعب تفاعل البوليميراز المتسلسل دوراً محورياً في العديد من الفحوصات الطبية، مما يتيح للأطباء الإجابة عن تساؤلات طبية مختلفة، وبالتالي المساعدة في تشخيص وعلاج الأمراض. على سبيل المثال، يمكن استخدامه للكشف عن الكائنات الحية المسببة للأمراض، وخاصة تلك التي يصعب زراعتها في المختبر، مثل الفطريات وفيروس نقص المناعة البشرية وأنواع أخرى من الفيروسات.
بالإضافة إلى ذلك، قد يطلب الأطباء هذا الفحص للمساعدة في تشخيص الأمراض الوراثية وتحديد الطفرات الجينية في بعض أنواع السرطانات. يمكن القول أن استخدام هذا الفحص قد تطور ليشمل مجالات عديدة، مثل البصمات الوراثية وعلم الأحياء التطوري والتحقيقات الجنائية وغيرها الكثير.
إضافة لذلك، يُعد فحص PCR أداة حيوية في الكشف عن الفيروسات التي قد لا تظهر في التحاليل الأخرى التقليدية.