فهرس المحتويات
بداية الخلق |
حكمة خلق الإنسان |
الفهم الصحيح: درب النجاة |
المراجع |
بداية الخلق: رحلة الكون
لكل شيء في هذا الكون بداية ونهاية، وهذه سنة الله تعالى في خلقه. لم تكن الأرض والسماوات، ولا الإنسان والحيوان، موجودة في البدء، ثم أوجدها الله تعالى برحمته وحكمته. كانت الأرض خالية، خالية من الحياة، ثمّ خلق الله تعالى الكائنات الحية، فعمّرتها الحياة وامتلات حركة وروح. وتتمة لسنة الله تعالى، سيأتي يوم تنتهي فيه الحياة، ويسكن كل شيء، (وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)،[١]
وقد أخبرنا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن بدء الخلق بقوله: (إنَّ أوَّلَ ما خلقَ اللَّهُ تعالى القلَمُ، فقالَ لهُ: اكتُب، فقالَ: ما أكتُبُ؟! قالَ: القَدرَ: ما كانَ، وما هوَ كائنٌ إلى الأبدِ).[٢][٣] ثم توالت مخلوقات الله تعالى حتى استوت الأرض، وسخرت لخدمة الإنسان، كما قال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ)،[٤]
حكمة الخلق: لماذا الإنسان؟
لطالما تساءل الإنسان عن سبب وجوده، وحكمة خلقه. بحث العلماء والفلاسفة عن الإجابة، لكن العقل وحده لا يكفي. كانت رحمة الله بإرسال الرسل لتبيان غاية الخلق، وهداية الناس إلى الطريق الصحيح. غاية الخلق، كما جاء بها الأنبياء والرسل، هي عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[٧] والعبادة، كما بيّنها العلماء، تشمل كل ما يحبه الله ويرضاه.
فمن قال إنّ غاية خلق الإنسان عمارة الأرض، أو تحقيق الخلافة في الأرض، فقد أصاب في جزء من الحقيقة، لأنّ كلّ ذلك يدخل ضمن مفهوم عبادة الله وتوحيده. الفهم الصحيح للتشرع الإسلاميّ يُبين أنّ عبادة الله ليست مقصورة على الشعائر فقط، بل تشمل كل جهد يبذله الإنسان في عمارة الأرض، وترقية الحياة فيها، واستغلال مواردها، والنّهوض بمسؤولياته كخليفة في الأرض. فمن سنة الله الكونية أن يجمع من يستخلفهم في الأرض بين الإيمان والعمل الصالح، والإبداع في بناء الأرض.
الفهم الصحيح: درب النجاة في الدنيا والآخرة
أشرف ما يتعلمه الإنسان هو فهم حقيقة وجوده وسبب خلقه، ثم العمل وفق ذلك. علم العقيدة هو أشرف العلوم لأنه يهدي الإنسان إلى طريق النجاة. سار في هذا الطريق أئمة المسلمين، والتابعون، والصالحون. ومن الحقائق الثابتة التي يجب على المسلم إدراكها أنّ الله تعالى لم يخلق هذا الكون عبثاً، كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ)،[٩] وقال سبحانه: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)،[١٠]
على الإنسان أن يتحرى سبب خلقه، ليفهم غاية وجوده. فهم غاية الوجود يفتح للإنسان أبواباً كثيرة للوصول إلى رضا الله تعالى. الإنسان مخلوق مميز، خلقه الله تعالى قادراً على التمييز والإدراك. في تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)،[١٢] نجد أنّ الإنسان خلق من خلاصة عناصر مختلفة، ثم نفخ فيه الروح. لقد أثنى الله تعالى على خلقه، وإذا علم الإنسان أنّ الله خلقه بيديه، ونفخ فيه من روحه، وأوجب الملائكة السجود له، وخلق الجنة والنار لاختيار مصيره، فذلك دليل على عظمة غاية خلقه.