عِبر ومواعظ من معركة بدر الكبرى

عِبر ومواعظ مستخلصة من معركة بدر. النصر لا يقتصر على الأسباب المادية. أهمية التشاور. الإصرار على تحقيق النصر وتوفير أسبابه. نبذة عن معركة بدر. المراجع.

عِبر ومواعظ من معركة بدر

النصر لا يتوقف على الإمكانيات المادية فقط

إن تحقيق الفوز في معارك الحق والدين لا يعتمد بشكل أساسي على القوة المادية أو العدد، بل يرتبط بشكل وثيق بمدى استيعاب المسلمين لشروط النصر التي ذكرها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتطبيق هذه الشروط في حياتهم العملية. وكذلك الاستعداد الأمثل للمعركة بكل ما أمكن من قوة. قال الله -تعالى-:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ”
[الأنفال: 45-46].

كانت معركة بدر تجسيداً واضحاً لانتصار الحق على الباطل، وإعلاء كلمة التوحيد. قال -تعالى-:
“وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”
[الأنفال: 41].

ومما يدل على أهمية الجانب الروحي والإيماني في تحقيق النصر، هو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى ليلة المعركة في الدعاء والتضرع إلى الله، مؤكداً بذلك على أهمية اللجوء إلى الله في الشدائد، مع الأخذ بالأسباب المادية المتاحة.

أهمية تطبيق مبدأ الشورى

رسخ النبي -صلى الله عليه وسلم- مبدأ الشورى في أدق تفاصيل حياته، رغم أنه كان مؤيداً بالوحي. فقد استشار صحابته الكرام في معركة بدر، بشأن المضي قدماً في قتال المشركين أو العودة إلى المدينة المنورة بعد نجاة القافلة. وحتى عندما كان يميل إلى خيار القتال، نظراً لما قد يترتب على العودة من آثار سلبية، فإنه حرص على سماع آراء الصحابة الآخرين، وتقييم وجهات نظرهم المختلفة.

التصميم على الفوز وتوفير أسبابه

من أبرز الدروس المستفادة من غزوة بدر، هو أهمية التصميم على تحقيق النصر، والعمل الجاد لتوفير كافة الأسباب التي تؤدي إليه. ويتحقق ذلك من خلال الإقدام على اتخاذ القرارات الحاسمة، وتجنب التردد، وعدم الاستماع إلى المثبطين والمنهزمين نفسياً. لقد تجلى هذا المعنى في مواقف النبي -صلى الله عليه وسلم- التي عكست تصميمه الراسخ على تحقيق النصر.

لمحة عن معركة بدر

وقعت معركة بدر في السابع عشر من شهر رمضان المبارك في السنة الثانية للهجرة النبوية الشريفة. كان السبب المباشر لها هو خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- مع عدد من أصحابه لاعتراض قافلة قريش العائدة من الشام والمتجهة إلى مكة المكرمة، بقيادة أبي سفيان. وعندما علم أبو سفيان بذلك، أرسل إلى زعماء قريش يخبرهم بالخبر، فخرجوا بجيش قوامه ألف مقاتل. في المقابل، كان عدد المسلمين ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً. استشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في أمر القتال، فوافقه المهاجرون على ذلك. ثم استشارهم مرة أخرى، فوافقه الأنصار على خوض المعركة معه، فبشرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بنصر الله.

نزل النبي -صلى الله عليه وسلم- بجيشه في أدنى نقطة مياه من موقعة بدر، فأشار عليه الحباب بن المنذر -رضي الله عنه- بعد استئذانه بقطع الماء عن المشركين، فاستحسن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه المشورة ونزل بالمكان الذي أشار إليه الحباب. بُني للنبي -صلى الله عليه وسلم- عريشاً، وسوّى صفوف المسلمين، وحثهم على الجهاد. وعندما بدأت المعركة، بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء لهم بالنصر، وانتهت بفضل الله بنصر المسلمين، ومقتل سبعين من المشركين.

كان لهذه الغزوة أثر بالغ على مستقبل الإسلام والمسلمين، وقد سماها الله -تعالى- في القرآن الكريم بـ “يوم الفرقان”، وذلك لأنها فرقت بين الحق وعزته والباطل وذله.

المراجع

  • سورة الأنفال، آية: 45-46.
  • سورة الأنفال، آية: 41.
  • محمد بن صامل السُّلَميُّ، عبد الرحمن بن جميل قصَّاص، سعد بن موسى الموسى، خالد بن محمد الغيث (2010)،صَحِيحُ الأثَر وجَمَيلُ العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)(الطبعة الأولى)، جدة: مكتبة روائع المملكة، صفحة 203-204. بتصرّف.
  • سعيد حوّى (1995)،الأساس في السنة وفقهها – السيرة النبوية(الطبعة الثالثة)، القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 506، جزء 1. بتصرّف.
  • راغب الحنفي راغب السرجاني ،السيرة النبوية، صفحة 7، جزء 20. بتصرّف.
  • سعيد حوّى (1995)،الأساس في السنة وفقهها – السيرة النبوية(الطبعة الثالثة)، القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 653، جزء 2. بتصرّف.
  • أبمصطفى بن حسني السباعي (1985)،السيرة النبوية – دروس وعبر(الطبعة الثالثة)، المكتب الإسلامي، صفحة 79-81. بتصرّف.
  • أحمد معمور العسيري (1996)،موجز التاريخ الإسلامي منذ عهد آدم عليه السلام (تاريخ ما قبل الإسلام) إلى عصرنا الحاضر(الطبعة الأولى)، صفحة 74، جزء 1. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

استلهام العبر من صلح الحديبية وفتح مكة

المقال التالي

عِبر و دلالات من حكاية أصحاب الأخدود

مقالات مشابهة