جدول المحتويات
نظرة عامة على حكاية النبي صالح عليه السلام
بعث الله عز وجل النبي صالح عليه السلام إلى قبيلة ثمود، وهي إحدى القبائل العربية التي كانت تتسم بالظلم والاستبداد. أنعم الله عليهم بنعم وفيرة، لكنهم جحدوا هذه النعم وأفسدوا في الأرض، مغرورين بقوتهم. كانوا يعبدون الأصنام، فأرسل الله إليهم نبيه صالح عليه السلام ليدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام.
لكنهم كذبوه وطلبوا منه معجزة تدل على صدقه، فأيده الله تعالى بالناقة كمعجزة. طلب منهم صالح عليه السلام ألا يؤذوها، لكنهم عصوه وقتلوا الناقة. عاقبهم الله على فعلتهم ونجى نبيه صالح ومن آمن معه. قصة صالح عليه السلام تحمل الكثير من العبر والدروس التي يمكن الاستفادة منها في حياتنا.
عِبر ومواعظ مستخلصة من قصة النبي صالح
تجاهل المنكر بمثابة الموافقة عليه
إن المسلم مأمور شرعًا بإنكار المنكر بكل الوسائل المتاحة، حسب قدرته وإمكانياته. يجب أن ينكر المنكر بيده إن كان يملك السلطة والقوة، وإلا فبلسانه بالنصح والتوجيه حسب ما يقتضيه الموقف. وإن لم يستطع، فعليه أن ينكر المنكر بقلبه، وهذا أضعف الإيمان.
إذا امتنع الجميع عن إنكار المنكر، فإن ذلك يؤدي إلى انتشاره وتفشيه. وقد تجلى هذا بوضوح في حادثة قتل ناقة صالح عليه السلام. فالذي قتل الناقة كان فردًا واحدًا من القوم، لكن الله تعالى عاقب الجميع، واعتبرهم مشاركين في الجريمة بسبب رضاهم وسكوتهم وعدم إنكارهم للفعل. قال تعالى: (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ).
كثرة العدد لا تعني صواب الرأي
أشارت النصوص الشرعية بشكل واضح إلى كثرة أهل الباطل وقلة أهل الحق. بناء على ذلك، فإن المسلم مأمور باتباع الحق بغض النظر عن عدد الأشخاص الذين يتبعونه، وتجنب التعالي والعناد عن الحق بحجة اتباع الأغلبية. قال النبي صلى الله عليه وسلم:”طوبى للغرباءِ أناسٌ صالِحونَ في أناسٍ سوءٍ كثيرٍ، مَنْ يَعصيهم أكثرُ ممَّنْ يُطِيعُهُمْ”.
كان الاستكبار والتمسك برأي الأغلبية دون تفكير أو تدبر من أهم أسباب هلاك الأمم السابقة، ومنهم قوم صالح. قال الله في حكايته عن ثمود: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ * فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ).
أهمية الاستقامة على الحق
تحلى الأنبياء والمرسلون، عليهم الصلاة والسلام، بالصبر على الابتلاءات والمصاعب التي واجهتهم في دعوتهم لأقوامهم. من بين الابتلاءات والمصاعب التي واجهها نبي الله صالح، عليه السلام، معارضة قومه له بعد أن كان له مكانة مرموقة بينهم.
كانوا يعاملونه بالحسنى قبل دعوته لهم، ولكن عندما بدأ بوعظهم ودعوتهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، جفوه وكذبوه وأظهروا العداء له. قال تعالى: (قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ). لكنه، عليه السلام، لم يرد على عدائهم بمثله، بل استمر في دعوتهم ونصحهم ومعاملتهم بلطف وحسنى. الثبات على المبدأ هو صفة أساسية للداعية إلى الله.