عِبر ومواعظ من الهجرة النبوية

عِبر ومواعظ من الهجرة النبوية الشريفة. الابتعاد عن الذنوب والمعاصي. الاعتماد على الله عز وجل وحده. العمل بالأسباب المشروعة. التحلي بالصبر عند المصائب. أهمية الرفقة الصالحة. المصادر

مقدمة

تُعد الهجرة النبوية، انتقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، نقطة تحول محورية في تاريخ الإسلام. كان لهذا الحدث تأثير عميق على نهضة الأمة الإسلامية وإقامة الدولة الإسلامية التي ازدهرت لقرون. من هذا الحدث الجليل، نستخلص دروسًا وعبرًا جمّة، تنير لنا دروبنا وتوجهنا في مختلف جوانب حياتنا.

الابتعاد عن الذنوب والآثام

إن مفهوم الهجرة في الشريعة الإسلامية يتجاوز مجرد الانتقال من مكان إلى آخر. بل يشمل الابتعاد عن المعاصي والذنوب، والتوبة الصادقة إلى الله تعالى، والتقرب إليه. لا يوجد أسمى من السعي لكسب رضا الله عز وجل، وطلب نعيمه الدائم في الآخرة.

وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا المعنى: (المُهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللهُ عنْه). و من ترك شيئًا يحبه من أجل الله عوضه الله خيرا منه. وأشار الحبيب المصطفى: (الْعِبادَةُ في الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إلَيَّ). يعني أنّ عبادة الله في زمن الفتن والابتلاءات تشبه الهجرة إلى النبي.

الاعتماد على الله تعالى

لم تكن الهجرة النبوية رحلة سهلة وبسيطة. بل كانت محفوفة بالمخاطر والتحديات، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه مطاردين من قبل قريش. لولا فضل الله ورحمته، لما تكللت الهجرة بالنجاح، ولما تمكن المسلمون من تأسيس دولتهم. في تلك اللحظات العصيبة، كانت قلوب المسلمين معلقة بالله وحده، مما يؤكد أن التوكل على الله هو السبيل الأمثل للنجاة. قال تعالى: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ* الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).

الأخذ بالوسائل المتاحة

لا شك أن العمل بالأسباب المتاحة، بعد التوكل على الله، هو من أهم عوامل النجاح وتحقيق الأهداف. لقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم جميع الاحتياطات الممكنة خلال هجرته. نتعلم من ذلك أهمية الأخذ بالأسباب وعدم الركون إلى القدر دون سعي.

ويتجلى ذلك في عدة أمور:

  • إخبار النبي صلى الله عليه وسلم صاحبه أبا بكر بالاستعداد للهجرة بعد أن أذن الله له بذلك.
  • مبيت عبد الله بن أبي بكر عند النبي وأبي بكر، وذهابه في الصباح إلى مكة لجمع الأخبار، ورعيه للغنم لإخفاء آثار النبي وأبي بكر.
  • استئجار النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط، الخبير بالطرق، ليدلهم على المسالك المختصرة.

التحلي بالصبر عند البلاء

واجه الرسول صلى الله عليه وسلم صعوبات جمة في الهجرة النبوية، لكنه ثبت وصبر واحتسب الأجر عند الله تعالى. كان قلبه مليئًا باليقين بأن فرج الله قريب. بالفعل، نصره الله ومكن له، وأصبح صيته في الآفاق. سيظل إلى الأبد أعظم إنسان عرفته البشرية، وستبقى الهجرة حدثًا تاريخيًا عظيمًا لا يُنسى.

فضل الرفقة الطيبة

إن الصديق الصالح هو خير معين للمسلم في الشدائد. ويتضح ذلك في صحبة أبي بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة. بكى أبو بكر فرحًا عندما علم أنه سيرافق النبي في هجرته، وكانا خير سند ومعين لبعضهما البعض. قدم الصديق رضي الله عنه أروع الأمثلة في التضحية والفداء للحفاظ على حياة النبي الكريم.

المصادر

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:10، صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معقل بن يسار، الصفحة أو الرقم:2948، صحيح.
  3. “هجر الذنوب والخطايا”، خطباء.
  4. سورة النحل، آية:41-42
  5. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 215-220.
  6. أبعبد الحي يوسف، كتاب دروس الشيخ عبد الحي يوسف، صفحة 2-4.
  7. المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 106-111.
Total
0
Shares
المقال السابق

عِبر ومواعظ من قصة النبي صالح

المقال التالي

عِبر ومواعظ من حديث: “اتقوا النار ولو بشق تمرة”

مقالات مشابهة