جدول المحتويات:
عِبرٌ من عبادة الرسول ودعائه
من العِبر المستخلصة من سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في العبادة والدعاء:
- التضرع إلى الله بالدعاء: التوجه إلى الله -تعالى- في الدعاء وطلب الحاجات، وكذلك طلب النصرة منه. لقد دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهرًا كاملاً في قنوته على الكفار الذين قتلوا المسلمين في حادثة بئر معونة، وكان يقول: (اللَّهُمَّ العَنْ بَنِي لِحْيَانَ، وَرِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسولَهُ).
- شكر الله بالعبادة: الحرص على شكر الله -تعالى- بالعبادة. على الرغم من أن الله قد غفر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما تقدم من ذنبه وما تأخر، إلا أنه كان يصلي حتى تتورم قدماه، وعندما سئل عن ذلك قال: (أفلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا).
- تزكية النفس: تطهير النفس وتهذيبها. روى عليّ بن أبي طالب -رضيَ الله عنه- في الحديث الصّحيح عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه إذا قام إلى الصّلاة قال:(وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ، وإذَا رَكَعَ، قالَ: اللَّهُمَّ لكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي، وإذَا رَفَعَ، قالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ، وَمِلْءَ الأرْضِ، وَمِلْءَ ما بيْنَهُمَا، وَمِلْءَ ما شِئْتَ مِن شيءٍ بَعْدُ، وإذَا سَجَدَ، قالَ: اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ، ثُمَّ يَكونُ مِن آخِرِ ما يقولُ بيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ). وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يدعو:(اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا).
مواعظ من الاستعداد للهجرة النبوية
من المواعظ القيّمة التي نتعلمها من التحضير للهجرة النبوية:
- الأخذ بالأسباب: ضرورة الأخذ بالأسباب والاحتياط من الأعداء قدر الإمكان. ففي الهجرة اختار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليّ بن أبي طالب -رضيَ الله عنه- لينام في فراشه بدلاً منه، لكي تظن قريش أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يزال في فراشه، وليقوم علي بن أبي طالب بردّ الأمانات إلى أهلها في صباح اليوم التالي. ثم خرج -صلى الله عليه وسلم- متوجهاً إلى أبي بكر الصديق والذي كان قد جهّز راحلتين، واستأجر عبد الله بن أريقط ليسير بهما طريقاً غير الطّريق المعروفة إلى المدينة.
- التضحية بالنفس: تضحية عليّ -رضيَ الله عنه- بنفسه من أجل نجاح رسالة الإسلام ودعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا هو حال الجنديّ الذي يُدافع عن قائده.
- الحفاظ على الأمانة: حرص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على إعادة الأمانات إلى أصحابها؛ رغم أنّ معظم أصحابها كانوا من كفار قريش.
دروس من الهجرة النبوية
من الدروس الهامة التي نستفيدها من الهجرة النبوية:
- أهمية الصحبة الصالحة: ضرورة اتّخاذ الصّحبة الصّالحة التي تُعين في الدّعوة ونشر الرّسالة، والمثال الأعلى في ذلك أبو بكر الصّديق -رضيَ الله عنه-. قال -تعالى-:(إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّـهِ هِيَ العُليا وَاللَّـهُ عَزيزٌ حَكيمٌ).
- استغلال طاقات الشباب: استغلال الطّاقات المُمكنة عند الشّباب من أجل نجاح الهجرة. فقد بات عندهما في الغار عبد الله بن أبي بكر -رضيَ الله عنه- طيلة اللّيالي الثلاث.
- دور المرأة: الدور العظيم الذي قامت به النّساء في الهجرة. فقد تولّت ابنتي أبي بكر الصديق أسماء وعائشة -رضيَ الله عنهما- مهمّة تأمين الطّعام والشّراب لهما أثناء وجودهما في الغار.
- التوكل على الله: تعزيز مفهوم التّوكل على الله -تعالى-. فقال أبو بكر لرسول الله:(لو أنَّ أحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: ما ظَنُّكَ يا أبَا بَكْرٍ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟!).
عبر من سياسة الرسول في المدينة
من العبر المستنبطة من سياسة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المدينة:
- توحيد الصف: حرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على توحيد المسلمين في المدينة من خلال المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار. قال -تعالى-:(إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَهاجَروا وَجاهَدوا بِأَموالِهِم وَأَنفُسِهِم في سَبيلِ اللَّـهِ وَالَّذينَ آوَوا وَنَصَروا أُولـئِكَ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ وَالَّذينَ آمَنوا وَلَم يُهاجِروا ما لَكُم مِن وَلايَتِهِم مِن شَيءٍ حَتّى يُهاجِروا وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ إِلّا عَلى قَومٍ بَينَكُم وَبَينَهُم ميثاقٌ).
- التعايش السلمي: كتابة وثيقة المدينة، والتي نصّ فيها وأقرّ على حقوق اليهود في دينهم وأموالهم.
- الحزم مع الخيانة: فرض سياسات قاسية على كلّ من خذل المسلمين وتعاون مع اليهود. قال -تعالى-:(وَإِمّا تَخافَنَّ مِن قَومٍ خِيانَةً فَانبِذ إِلَيهِم عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّـهَ لا يُحِبُّ الخائِنينَ).
- تأمين المجتمع: تشكيل قاعدة أمنيّة في المدينة المنوّرة، حفظت أمن المسلمين.
عِبرٌ من غزوات الرسول
من العِبر التي نستخلصها من غزوات الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
- الإذن بالقتال: أذِن الله -تعالى- لرسوله -صلّى الله الله عليه وسلّم- بالقتال بعدما تعرّض المسلمون لأصناف متعدّدة من العدوان من قِبل كفّار قريش. قال -تعالى-:(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا).
- قوة الإيمان: يتحقّق نصر الله -تعالى- لعباده بقوّة إيمانهم، وتمسكّهم بعقيدتهم، وليس بكثرة العدد والعدّة. ومن ذلك ما رواه الرّبيع في الحديث المرسل:(أنَّ رجلًا قال يومَ حنينٍ: لن نُغلبَ اليومَ من قِلَّةٍ، فشقَّ ذلك على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ).
- تأليف القلوب: حرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على تأليف قلوب المشركين للإسلام وهدايتهم.
- تجنب الطمع: الطمع بالغنائم يؤدي إلى الهزيمة.
- المشورة: مشورة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه وقبول آرائهم والعمل بها.
مواعظ من تعامل الرسول مع زوجاته
من المواعظ المستفادة من تعامل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع زوجاته:
- العدل بين الزوجات: كان رسول الله-صلّى الله عليه وسلّم- عادلاً بين زوجاته. روته عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها-:(كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ نِسَائِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا معهُ).
- المساعدة في المنزل: كان -صلّى الله عليه وسلّم- يشارك زوجاته أعمال المنزل وقت فراغه.
- المعاشرة الطيبة: معاشرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لزوجاته معاشرةً طيبةً، والنّفقة عليهنّ، والتعامل معهنّ برفق ولين.
دروس من تعامل الرسول مع الصحابة
من الدروس الهامة التي نتعلمها من تعامل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع الصحابة:
- الرفق بالصغار: تعامل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- برفق ولين مع صغار الصّحابة.
- تأليف القلوب: قيام رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بكلّ ما من شأنه أن يُؤلّف بين قلوب الصّحابة.
- المدح: مدح رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للصّحابة. قال:(مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِن أبْوَابِ الجَنَّةِ: يا عَبْدَ اللَّهِ هذا خَيْرٌ، فمَن كانَ مِن أهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّلَاةِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِن بَابِ الجِهَادِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِن بَابِ الرَّيَّانِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّدَقَةِ).
- العدل والمساواة: التّعامل بين الصّحابة بالعدل، وعدم التميّيز بينهم.
عِبرٌ من دعوة النبي للقبائل وفتح مكة
من العِبر المستنبطة من دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- للقبائل وفتح مكة:
- استخدام الأساليب المختلفة: استخدام رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الأساليب المختلفة في دعوة النّاس إلى الإسلام. فأرسل الله -تعالى- له جبريل -عليه السّلام- يقول له:(إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا).
- تحقيق الأمن والعفو: حرص النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على تحقيق الأمن لجميع الأفراد من المسلمين وغيرهم، وعفوه عن الكفار من أهل مكّة بعد فتحها.
الخلاصة
تُعتبر سيرة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مرجعًا شاملاً في العبادة، والدعاء، والاستعداد للهجرة، وتأسيس الدولة الإسلامية، والمعاملات الإنسانية. لقد ترك لنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- إرثًا عظيمًا يجب علينا الاقتداء به في جميع جوانب حياتنا.