لمحة عن حياة ابن كثير
هو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي. كان فقيهاً وعالماً مسلماً بارزاً، ومفتياً، وحافظاً للحديث، ومفسراً للقرآن الكريم، ومحدثاً. كما كان عالماً بعلم الرجال، وله إسهامات في النظم. ولد في عام 701 هـ في قرية مجدل السورية التي تتبع أعمال بصرى، في منطقة سهل حوران، المعروفة الآن باسم درعا، والواقعة جنوب دمشق. كان والده من أهل بصرى، وكان خطيباً في جامعها، بينما كانت والدته من قرية مجدل.
رحلته في طلب العلم والمعرفة
انتقل ابن كثير إلى دمشق في سن الخامسة من عمره، وذلك في عام 706 هـ. هناك، تلقى تعليمه على يد الشيخ إبراهيم الفزازي، المعروف بـ “ابن الفركاح”. أتم حفظ القرآن الكريم في عام 711 هـ. كما حفظ متن التنبيه في الفقه الشافعي في عام 718 هـ. استفاد كثيراً من الشيخ جمال يوسف بن زكي المزي، صاحب كتاب تهذيب الكمال وأطراف الكتب الستة، ولازمه حتى تخرج، وتزوج من ابنته زينب. درس علم الحديث وتخصص فيه. اتجه نحو حفظ المتون، ومعرفة الأسانيد، وعلم الرجال، والتاريخ، وعلم العلل، وبرع فيها جميعاً. كان مفتياً، وتعلم، وفقه، وكان متميزاً في مجالات التفسير والفقه والنحو. تولى إدارة العديد من المدارس، منها المدرسة التنكزية، ودار الحديث الأشرفية، والمدرسة النورية الكبرى، والمدرسة النجيبية، والمدرسة الصالحية.
أبرز الأساتذة والشيوخ الذين تتلمذ على أيديهم
- ابن غيلان البعلبكي الحنبلي.
- بدر الدين ابن جماعة.
- ابن تيميه.
- الشيخ أبو العباس أحمد الحجار، المعروف بابن الشحنة.
- الإمام كمال الدين أبو المعالي محمد بن الزملكاني.
- أبو محمد عيسى بن المطعم.
- الشيخ أبو بكر محمد بن الرضى الصالحي.
أشهر الطلاب الذين تعلموا على يديه
- ابن أبي العز الحنفي.
- محمد بن أبي محمد بن الجزري.
- محمد بن محمد بن خضر القرشي.
- الحافظ زين الدين العراقيّ.
- الحافظ أبو المحاسن الحسيني.
- شرف الدين مسعود الأنطاكي النحوي.
- الإمام الزيلعي.
أهم المؤلفات والإسهامات العلمية
ترك ابن كثير إرثاً علمياً ضخماً، تجسد في العديد من المؤلفات الهامة، التي أثرت المكتبة الإسلامية. من أبرز هذه المؤلفات:
- تفسير ابن كثير: يعد تفسيره للقرآن الكريم من أعظم التفاسير وأكثرها انتشاراً وقبولاً بين العلماء والباحثين على مر العصور، نظراً لمنهجه العلمي المتميز واعتماده على القرآن والسنة النبوية المطهرة في تفسير الآيات.
- البداية والنهاية: موسوعة تاريخية شاملة، تتناول الأحداث التاريخية منذ بداية الخلق وحتى القرن الثامن الهجري، إلا أن الجزء الأخير منها مفقود. يعتبر مرجعاً هاماً للباحثين والمهتمين بالتاريخ الإسلامي والعالمي.
- مسند الشيخين: كتاب يتحدث عن فضائل ومناقب أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
- السيرة النبوية لابن كثير: تأليف قيم يتناول سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- جامع السنن والمسانيد لابن كثير: كتاب جامع للأحاديث النبوية الشريفة.
نهاية رحلة عالم جليل
توفي ابن كثير في دمشق يوم الخميس الموافق 26 شعبان لعام 774 هـ، عن عمر يناهز ثلاثة وسبعين عاماً، بعد أن فقد بصره في آخر أيامه. شهدت جنازته حضوراً كبيراً، ودفن في مقبرة الصوفية، التي تقع في تربة شيخ الإسلام ابن تيمية. توفي قبل أن يتم تأليف كتابه “جامع المسانيد”. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
