عقوبة ازدراء صحابة رسول الله

استكشاف خطورة الاستهانة بالصحابة. مسؤولية المسلمين تجاه الصحابة الكرام: محبتهم، الدعاء لهم، وتجنب الخوض في خلافاتهم.

تعتبر مكانة الصحابة –رضوان الله عليهم أجمعين– ركيزة أساسية في الدين الإسلامي؛ لأنهم هم الذين نقلوا لنا تفاصيل الشريعة الإسلامية بكل دقة وأمانة، فهم حصن الدين وحراسه الأمناء. ورغم هذه المكانة العظيمة التي يحظى بها الصحابة، فإن الكثير من المسلمين قد لا يعرفون عنهم إلا أنهم رأوا النبي –صلى الله عليه وسلم– وصحبوه، وهذا فضل عظيم، ولكنه لا يكفي. فالإيمان لا يكتمل إلا بالاعتقاد بأن الصحابة جميعًا عدول ثقات، وقد أثنى الله عليهم في كتابه الكريم بشكل عام ومفصل، ولا يوجد تزكية أعظم من تزكية الله –عز وجل– لهم. قال الله تعالى: (لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ). وأثنى عليهم النبي بقوله: (لا يَدْخُلُ النارَ أحدٌ ممَن بايعَ تحتَ الشجرةِ). فالإيمان بهم واجب، والانتقاص منهم ذنب عظيم، وسنتناول ذلك بالتفصيل في هذا المقال.

مدى جسامة القدح في الصحابة

إن الاستهانة بالصحابة –رضي الله عنهم– جريمة عظيمة وإثم كبير، وقد تصل بالإنسان إلى الكفر –والعياذ بالله– وذلك لما للصحابي من مكانة في الدين الإسلامي. فسب الصحابة هو تكذيب للقرآن الكريم، لأن الله –عز وجل– قد أثنى عليهم، فكيف يثني الله على أناس يستحقون الذم والقدح؟ وقد ورد النهي عن سب الصحابة في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، كما جاء في الحديث الصحيح: (لا تَسُبُّوا أصْحابِي، لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لو أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما أدْرَكَ مُدَّ أحَدِهِمْ، ولا نَصِيفَهُ). وكذلك، فإن سب الصحابة يجلب غضب الله ولعنته، كما جاء في الحديث الشريف: (لعنَ اللهُ منْ سبَّ أصحابِي)، واللعن هو الطرد من رحمة الله، فأي ذنب أعظم من الطرد من رحمة الله؟

مسؤولية المسلمين تجاه الصحابة

يمكن تلخيص واجب المسلم تجاه الصحابة في عدة نقاط رئيسية:

وجوب محبة الصحابة

أمر الله –جل وعلا– في كتابه العزيز التابعين الذين أتوا من بعد الصحابة بمحبتهم وعدم بغضهم، فقال –جل وعلا: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ). كما أن النبي –صلى الله عليه وسلم– أمر بمحبة الأنصار، وجعل بغضهم نفاقًا، فقال كما في حديث أنس: (آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأنْصارِ، وآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنْصارِ).

الدعاء والثناء على الصحابة

إن الدعاء للصحابة والثناء عليهم من صفات المؤمنين، ولذلك جعل الله –عز وجل– علامة الأخوة في الدين الاستغفار لهم، كما في قوله: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ). كما أن الترضي عنهم هو تصديق لخبر الله تعالى: (رَّضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ).

الامتناع عن الخوض في نزاعاتهم

لا شك أن حفظ اللسان عن أعراض المسلمين عمومًا هو أمر مطلوب شرعًا وخلق إسلامي عظيم، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بأعظم رجالات الإسلام، فهو أولى وأحرى. والوقيعة في أعراضهم من أعظم الجرائم والآثام. لذلك، فإن الخوض في الفتن التي وقعت بينهم سيؤدي حتمًا إلى الوقوع فيهم، ولهذا كثر كلام الأئمة في وجوب كف الألسن عما شجر بينهم، فذلك أسلم وأحوط.

المصادر والمراجع

  • سورة الفتح، آية: 18
  • رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 4653، صحيح.
  • محمد حسن عبد الغفار، كتاب شرح مختصر الصارم المسلول، صفحة 2. بتصرّف.
  • رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2540، صحيح.
  • رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 7260، صحيح.
  • الشيخ ندا أبو أحمد، “سب الصحابة رضي الله عنهم”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 18/1/2022. بتصرّف.
  • إسلام ويب، “حكم من سب الصحابة”، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 18/1/2022. بتصرّف.
  • سورة الحشر، آية: 10
  • رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3784، صحيح.
  • سورة البينة، آية: 8

© 2024 جميع الحقوق محفوظة.

Total
0
Shares
المقال السابق

الأخطار الصحية والإجراءات الوقائية لحمض النيتريك

المقال التالي

مضاعفات قلة الصفيحات الدموية

مقالات مشابهة