عقبة بن نافع: بطل الفتوحات الإسلامية في شمال أفريقيا

تعرّف على قصة عقبة بن نافع، أحد أبرز القادة العسكريين في تاريخ الفتوحات الإسلامية، الذي أثرى شمال أفريقيا بثقافته ودينه.

محتويات

نسب عقبة بن نافع ونشأته

ولد عقبة بن نافع بن عبد القيس في عهد النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – قبل هجرته بِسنة واحدة، وكان أبوه وأمه من أوائل المسلمين. نشأ عقبة في بيتٍ إسلاميٍّ، وتأثر بِبيئته بشكل كبير، مما أدى إلى مشاركته في الفتوحات الإسلامية. وقد حظي عقبة باحترام وتقدير كبيرين من قبل الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الذي أُعجِب بِشجاعته وقوته، وجعله قائداً لِجيوش المسلمين.

مناقب عقبة بن نافع وشخصيته العسكرية

كان عقبة بن نافع يُعرف بِدينه القويّ وشجاعته الفائقة وحزمه في اتخاذ القرارات. كما كان معروفًا بِدعوته المُجابة، واعتمد على الله في كلّ أموره. أُعطي عقبة القيادة لِعدة أسباب، منها إيمانه الراسخ بِقوة الله ونصره، واعتقاده بِأنّ انتصار المسلم هو انتصار لعقيدة الله – سبحانه وتعالى -. تميّز بِمعاملته الحسنة لِجنوده، وقد كان يُحبّهم ويُحبّونه، ويثق بهم، ويُجازيهم على حسناتهم، ويتسامح مع أخطائهم الصغيرة، ويُعاتب المُقصّر منهم بِأسلوبٍ لِينٍ.

عسكريًا، كان عقبة يُمتّع بِحكمةٍ وخبرةٍ واسعتين في أمور الحرب والمكيدة والتدابير. كان يُحسن قراءة مواقف المعارك، ويُبرع في التخطيط واستغلال الفرص، وتمتّع بِفطنةٍ حادةٍ وسرعةِ بديهةٍ، ممّا ساعده على إدارة الأزمات، وإصدار القرارات الصائبة بِسرعةٍ عندما تكون هناك حاجةٌ ماسةٌ لذلك. كان يُعيّن الأولوية لِسلامة جنوده، ويبذل كلّ ما في وسعه لِضمان أمنهم.

إنجازات عقبة بن نافع

الفتوحات التي قادها عقبة بن نافع

تولّى عقبة قيادة حامية برقة في عهد الخليفة عثمان بن عفان، وواصل عمله في عهد الخليفة علي بن أبي طالب – رضي الله عنهما -. كان عقبة داعياً إلى الإسلام، وُشهد بِنشره الدِين بين سكان شمال أفريقيا. بعد فتح برقة، أمره عمرو بن العاص بِالتوجّه إلى طرابلس، وفتحها وأمّن المنطقة حتى وصل إلى زويلة، واتّفق مع أهلها على الصلح مقابل دفعِ ضريبةٍ.

عقب فتح زويلة، توجه عقبة إلى النوبة بأمر من عمرو بن العاص – رضي الله عنه – في السنة الحادية والعشرين للهجرة. فتح المسلمون النوبة ودخلها تحت لواء الإسلام.

ولاية عقبة بن نافع إفريقية

عُيّن عقبة والياً على إفريقية بأمر من الخليفة معاوية بن أبي سفيان. أقام عقبة وجيشه مع من أسلم في القيروان، وجعل منها مكاناً للمسلمين. أمر عقبة ببناء المساجد والمساكن، وتمّ ترسيخ الإسلام في المدينة، وأسلم فيها العديد من الناس. أقال الخليفة معاوية عقبة بن نافع من منصبه وعيّن بدلاً منه مسلمة بن مخلد الأنصاري على مصر وإفريقية. لم يُحسن أبو المهاجر، مولى مسلمة، معاملة عقبة، فارتحل عقبة إلى الشام وذهب إلى معاوية بن أبي سفيان لِيشكو سلوك أبي المهاجر. اعتذر معاوية لعقبة ووعده بِأن يعود ويُعيده إلى منصبه، لكن ذلك لم يحدث بِسبب وفاة معاوية. عندما خلفه ابنه يزيد، عيّن عقبة على إفريقية مرة أخرى، وعاد إلى المدينة في عام اثنين وستين من الهجرة.

بناء عقبة بن نافع لمدينة القيروان

كانت القيروان مكاناً للمسلمين، وجعلها عقبة مقرّاً لهم لنشر الإسلام في شمال أفريقيا. اختار عقبة مكان بناء المدينة بعد مُشاورته مع رجاله، واختار مكاناً مناسباً، وكان غنيًا بالأشجار وِحيواناتٍ مختلفةٍ. دعا عقبة الله لِإخراجِ الوحوشِ والسباعِ من المكان فاستجاب الله لدعائه. أمر عقبة جنوده بِقطع الأشجار، وبدأ بناء المدينة في عام خمسين من الهجرة، واكتمل في عام خمسٍ وخمسين من الهجرة. أُقيم في المدينة مسجدٌ جامعٌ كبيرٌ، وَبيوتٌ للناس، وأصبحت مقرّاً عسكريّاً لِلمسلمين.

استشهاد عقبة بن نافع

بعد بناء مدينة القيروان، استمر عقبة في سَيره لِفتحِ أقصى بلادِ المغرب، وردّ هجوم الروم. قرّر عقبة العودة إلى القيروان بعد تحقيقِ أهدافهِ. في طريقه إلى القيروان، عندما وصل إلى مدينةِ طنجة، أمر عقبة الجيش أن يفترق وَبقي معهِ ثلاثمئة من جنوده. اتجه عقبة بِهم إلى مدينةِ تهوذة، حيثُ كُنّ مُعرّضين لمكيدةٍ . تمّ مهاجمتهم من قبل العدوّ، فَقتَلَ كلّ الطرفين إلى أن استُشهد عقبة وكلّ من كان معه في عام ثلاثةٍ وستين من الهجرة. سُميَ المكانُ الذي استُشهد فيه بِاسمِه ويُعرف اليوم بِسيدي عقبة.

المراجع

  1. أبو الحسن ابن الأثير (1994م)،أسد الغابة في معرفة الصحابة(الطبعة الأولى)، -: دار الكتب العلمية، صفحة 57، جزء 4. بتصرّف.
  2. أبعلي محمد الصلابي (1998م)،تاريخ ليبيا الإسلامي(الطبعة الأولى)، عمان: دار البيارق، صفحة 237-238. بتصرّف.
  3. محمد محمود القاضي (1999م)،عقبة بن نافع الفهري فاتح إفريقية، -: دار التوزيع والنشر الإسلامية، صفحة 5. بتصرّف.
  4. أب”عقبة بن نافع… قدوة المجاهدين الأفـذاذ”،www.islamweb.net، 25-7-2002، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2020. بتصرّف.
  5. شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي (1985م)،سير أعلام النبلاء(الطبعة الثالثة)، -: مؤسسة الرسالة، صفحة 533، جزء الثالث. بتصرّف.
  6. محمد محمود القاضي (1999م)،عقبة بن نافع الفهري، فاتح إفريقية، -: دار التوزيع والنشر الإسلامية، صفحة 17-18. بتصرّف.
  7. علي محمد الصلابي (1998م)،تاريخ ليبيا الإسلامي(الطبعة الأولى)، عمان: دار البيارق، صفحة 251-252. بتصرّف.
  8. تامر بدر (18-11-2013)،”عقبة بن نافع”،www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2020. بتصرّف.
  9. د. طه عبد المقصود أبو غبية،موجز عن الفتوحات الإسلامية، القاهرة: دار النشر للجامعات، صفحة 48. بتصرّف.
  10. علي محمد الصلابي (1998م)،تاريخ ليبيا الإسلامي، عمان: دار البيارق، صفحة 241. بتصرّف.
  11. عز الدين بن الأثير (1997م)،الكامل في التاريخ(الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 63، جزء الثالث. بتصرّف.
  12. علي محمد الصلابي (1998م)،تاريخ ليبيا الإسلامي(الطبعة الأولى)، عمان: دار البيارق، صفحة 234-236. بتصرّف.
  13. محمد محمود القاضي (1999م)،عقبة بن نافع، القاهرة: دار التوزيع والنشر الإسلامية، صفحة 30-34. بتصرّف.
  14. مصطفى الأنصاري (14-11-2017)،”قصة استشهاد البطل عقبة بن نافع”،islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2020. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

النهضة الأوروبية: مفهومها، حركتها الفكرية وفنونها

المقال التالي

عقد الإجارة المنتهية بالتمليك: شرح شامل

مقالات مشابهة

سيرة زيد بن حارثة، أحد صحابة رسول الله

سيرة حياة زيد بن حارثة، أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشمل المقال قصة تبنيه من قبل النبي، إسلامه، زوجاته، غزواته، واستشهاده، وفضله عند النبي صلى الله عليه وسلم.
إقرأ المزيد