فهرس المحتوى
عذاب قوم مدين
تُخبرنا النصوص الشرعية في القرآن الكريم عن أنواع العذاب التي أهلك الله -تعالى- بها قوم مدين، وهم قوم سيدنا شعيب عليه السلام. أول هذه الأنواع هو الرجفة، كما ورد في قول الله -تعالى-:
(فَأَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ فَأَصبَحوا في دارِهِم جاثِمينَ) [1]
الرجفة هي زلزال الأرض من تحت أقدامهم وعدم ثباتها [2].
ثاني أصناف العذاب هو الصيحة، والتي وردت في قول الله -تعالى-:
(وَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا شُعَيبًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَأَخَذَتِ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ) [3]
الصيحة هي صوت شديد العلوّ يصدر من انفجار أو زلزال كبير.
وثالث أصناف العذاب هو الظلة؛ وهي السحابة شديدة الحرارة [2]، والتي عُرفت في القرآن الكريم بيوم الظلة [4]. أرسل الله -تعالى- على مدين الحرّ لسبعة أيّام، ولم يجدوا ما يظلّهم منه، ثمّ أرسل الله -تعالى- سحابةً يستظلّون بها. ذهب رجلٌ منهم تحتها فوجد الرّاحة، وتبعه بقية القوم، حتى إذا ما اجتمعوا تحتها اشتعلت ناراً وأصابتهم جميعهم. قال -تعالى-:
(فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [5، 6]
اجتمعت هذه الأصناف الثلاثة من العذاب على قوم شعيب -عليه السّلام-، جزاءً لهم على كفرهم وأفعالهم [7].
سبب هلاك قوم مدين
لم يكن قوم مدين يزِنون بالقسط ولا يوفون المكيال، وهو ما يُعرف بالتّطفيف. قال -تعالى-:
(وَلا تَنقُصُوا المِكيالَ وَالميزانَ إِنّي أَراكُم بِخَيرٍ وَإِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ مُحيطٍ* وَيا قَومِ أَوفُوا المِكيالَ وَالميزانَ بِالقِسطِ وَلا تَبخَسُوا النّاسَ أَشياءَهُم وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ) [8، 9]
إضافة إلى ذلك، كانوا ينكرون نبيّهم شعيب -عليه السلام- ويهددونه بالقتل، كما بيّنه الله في قوله:
(لَنُخرِجَنَّكَ يا شُعَيبُ وَالَّذينَ آمَنوا مَعَكَ مِن قَريَتِنا أَو لَتَعودُنَّ في مِلَّتِنا) [10، 11]
كان شعيب -عليه السّلام- يدعوهم إلى توحيد الله -تعالى-، وترك التّطفيف في المكيال والميزان، وأمرهم بإيفاء الكيل، وألّا يُنقصوا من قيمة ما يملكه الآخرون. أخبرهم أنّ الله -تعالى- أنعم عليهم بنعم عديدة وفيرة، ومن الجحود مقابلة النّعمة بالمعصية والكفر. ثمّ أمرهم بترك الإفساد في الأرض من سّرقة، وقطع للطّريق [12]. كرّر دعوته ونُصحه لهم [13]، لكنهم رفضوا أن يؤمنوا به، وكذبوا كلّ ما يدعوهم إليه [14].
من هم قوم مدين؟
أهل مدين هم القوم الذين أرسل الله لهم شعيب -عليه السّلام-. كانوا يُعرفون بالقراءة؛ فقال فيهم الله -تعالى-:
(وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَـكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) [15]
المراد بثاوياً؛ أيّ مُقيماً، والمعنى من الآية هو قراءة التلميذ على معلمه ليقوم بالتصحيح له في قراءته حين وقوع الخطأ منه [16]. كانوا من الأعراب، يعود أصلهم إلى بني مَدين بن مديان بن إبراهيم الخليل. أمّا نبيّهم شعيب فقد ذكر ابن منبّه أنّه ممّن آمن بإبراهيم -عليه السّلام- عندما أُحرق في النّار، ثمّ هاجر معه إلى الشّام، وتزوّج إحدى ابنتي لوط -عليه السّلام- [17].
أماكن سكن قوم مدين
سكن أهل مدين قرية في طرف الشّام ناحية الحجاز، قريبة من بحيرة قوم لوط، تقع في أرض معان [17]. كان رسولهم شعيب -عليه السّلام- منهم، وأشرفهم نسباً، فاختاره الله -تعالى- ليكون رسولهم [18].
المراجع
- سورة الأعراف، آية:78
- أبصلاح الخالدي (2007)،القرآن ونقض مطاعن الرهبان(الطبعة 1)، دمشق :دار القلم ، صفحة 490. بتصرّف.
- سورة هود، آية:94
- مجموعة من المؤلفين (1993)،التفسير الوسيط للقرآن الكريم(الطبعة 1)، صفحة 1730، جزء 3. بتصرّف.
- سورة الشعراء، آية:189
- سعيد حوّى (1424)،الأساس في التفسير(الطبعة 6)، القاهرة :دار السلام، صفحة 3950، جزء 7. بتصرّف.
- محمد الأمين الشنقيطي (1426)،العذب النمير في مجالس الشنقيطي في لتفسير(الطبعة 2)، مكة المكرمة :دار عالم الفوائد، صفحة 126، جزء 5. بتصرّف.
- سورة هود، آية:84-85
- مجموعة من المؤلفين (1427)،الموسوعة الفقهية الكويتية(الطبعة 2)، الكويت :وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ، صفحة 401، جزء 39. بتصرّف.
- سورة الأعراف، آية:88
- محمد الأمين الشنقيطي (1426)،العذب النمير في مجالس الشنقيطي في التفسير(الطبعة 2)، مكة المكرمة :دار عالم الفوائد، صفحة 639، جزء 5. بتصرّف.
- سعيد حوّى (1424)،الأساس في التفسير(الطبعة 6)، القاهرة :دار السلام ، صفحة 2591-2592، جزء 5. بتصرّف.
- وهبة الزحيلي (1418)،التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج(الطبعة 2)، دمشق :دار الفكر المعاصر، صفحة 113، جزء 30. بتصرّف.
- وهبة الزحيلي (1418)،التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج(الطبعة 2)، دمشق :دار الفكر المعاصر، صفحة 238، جزء 20. بتصرّف.
- سورة القصص، آية:45
- محمد متولي الشعراوي ،تفسير الشعراوي ، الخواطر، صفحة 10940. بتصرّف.
- أبإسماعيل بن كثير (1988)،البداية والنهاية(الطبعة 1)، بيروت :دار إحياء التراث العربي، صفحة 213. بتصرّف.
- سعيد حوّى (1424)،الأساس في التفسير(الطبعة 6)، القاهرة :دار السلام، صفحة 2591، جزء 5. بتصرّف.