عذاب قوم صالح: قصة النّاقة والهلاك

تعرّف على قصة عذاب الله لقوم صالح، وقصّة ناقة صالح، ودعوة النبي صالح عليهم السلام، وحكمتهم ودروسهم، وتبيّن كيف عذب الله قوم صالح بالصّيحة والرّجفة.

فصول

عذاب قوم صالح

عذّب الله جلّ وعلا قومَ النبي صالح عليه السلام بالصّيحة والرّجفة، حيث قال تعالى في عذابهم:

(وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ)،[١]

وأشار عزّ وجلّ في موضع آخر بقوله:

(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ)،[٢][٣]

لقد أرسل الله لثمود نبياً منهم هو صالح بن عبد بن ماسح بن عبيد بن حاجر بن ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام. ودعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة الأصنام. فآمن قليلهم، وكذّب بنبيّ الله كثيرهم، وقتلوا النّاقة التي جعلها الله معجزةً لصالح وحجةً عليهم، فأصابهم عذاب الله وهلاكه.

ناقة صالح عليه السلام

ألحّ نبيّ الله صالح في دعوته لقومه ثمود بأن يتركوا عبادة الأصنام، والتوحيد لله عز وجل في ألوهيته، وحذّرهم من عذابه تعالى. فطلبوا منه معجزةً تكون حجةً له حتى يتّبعوه، وأخذ منهم العهود والمواثيق. فخرجوا في عيدهم ومعهم صالح معتزلاً لهم يُصلّي، ويتعبّد اللهَ، فطلبوا منه أن يُخرج لهم من الصّخرة ناقةً على أن يتّبعوه، وإن لم يستطِع فهو من الكاذبين. وقد كانوا مُستهزئين بصالح، فلم يظنّوا أنّه قادر على فعل ذلك بقدرة الله. فَتَوَجّه عليه الصلاة والسلام إلى الله عزّ وجلّ مُتضرّعاً وداعياً فإذا بالصّخرة تتصدّع، وتتمخّض كأنّها تُنجب، فخرجت منه ناقة عظيمة أقبلت عليهم حتى ظنّوا أنّها ستهلكهم. فلمّا شاهد ذلك رئيسهم جندع بن عمرو سجد ومعه الكثير، فإنّ خالق الكون لن يقبل أن يردّ نبيه، ويحقرّه أمام القوم الكافرين وهو القادر على كل شيء. بَيد أنّهم أعموا قلوبهم وبصائرهم، وكفروا بالله ونبيه إلّا القليل. فبقيت النّاقة في مراعي ثمود، وقد نبّههم النبي صالح بعدم إيذائها، وإلّا فإنّ الله سيهلكهم.

حتى جاء رجل شقيّ يُدعى قدار بن سالف بن مليف بن جندع، وتبعه رهط من تسعة أشخاص، فقتلوا الناقة بعد أن حرّضتهم امرأة ذاتُ مال وجمال على ذلك. فجاءهم وعد الله الحقّ بالعذاب والهلاك، وأنجى نبيه صالح ومن معه من المؤمنين.

قبيلة ثمود وموقعهم

قبيلة ثمود هي قبيلة معروفة ويعود نسبها إلى ثمود أخي جديس أبناء عابر بن إرم بن سام بن نوح، وهم من العرب العاربة. كان موقع سكنهم في الحجر بين الحجاز وتبوك. وقد كَثُر في كتاب الله عزّ وجلّ ذكر قوم ثمود وعاد مُقترنين مع بعضهما كما في سور التوبة، وإبراهيم، والفرقان، وسور ق، والنجم، والفجر. ولا يُعرف عن خبرهما إلّا ما ورد في القرآن الكريم، وفيه تِبيان أنهم جاءوا بعد قوم عاد، ولم يعتبروا بهم قال تعالى:

(وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)،[٧][٥]

وقد اشتهر قوم ثمود بالنّحت في الصخر، فبنوا البيوت في قلب الصخور، وبذلك جاءت الناقة من الصخر معجزة النبي صالح عليه السلام في أكثر ما يُتقنون؛ لتكون حجةً عليهم. لكنّهم أفسدوا وكذبوا بما جاءهم، فنزل بهم عذاب الله وهلاكه.

الاستنتاجات

تُخبرنا قصة قوم صالح عن عقوبة الله للظالمين والكافرين، وكيف أنّ الله لا يقبل الكذب، ويدعو إلى التفكر في نعمه، وألاّ نُفسد في الأرض، فإنّه يُهلك من يُفسد فيها.

وتُذكّرنا هذه القصة بأهمية اتباع الرسل والأنبياء، والتّوبة إلى الله من الذّنوب، والابتعاد عن عبادة الأصنام. فالله جلّ وعلا هو خالق الكون ومُدبّر الأمور، وهو قادر على هلاك من يشاء وعفو من يشاء. فعلى الإنسان أن يُدرك قدرة الله، وأن يتّقي غضبه، وأن يُخضع نفسه لأمره.

المراجع

  • [١] سورة هود، آية: 94.
  • [٢] سورة الأعراف، آية: 91.
  • [٣] د. حسني حمدان الدسوقي حمامة (31-12-2013)،”هلاك الأقوام”،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2018. بتصرّف.
  • [٤] سورة الأعراف، آية: 73.
  • [٥] ابن كثير (1988)،البداية والنهاية(الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 150-152، جزء 2. بتصرّف.
  • [٦] عبدالملك بن هشام (1347ه)،التيجَان في مُلوك حِمْيَرْ(الطبعة الأولى)، صنعاء: مركز الدراسات والأبحاث اليمنية، صفحة 383-401. بتصرّف.
  • [٧] سورة الأعراف، آية: 74.
  • [٨] الشوكاني (1414ه)،فتح القدير(الطبعة الأولى)، دمشق، بيروت: دار ابن كثير، دار الكلم الطيب، صفحة 336-337، جزء 6. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

عذاب قوم ثمود: قصة العصيان والتدمير

المقال التالي

عذاب قوم لوط: قصةٌ من القرآن الكريم

مقالات مشابهة