جدول المحتويات:
مقدمة
وردت إشارات عديدة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إلى خطورة قسوة القلب. فالقلب القاسي هو منشأ الكثير من المشاكل والآفات، ويجعل الإنسان غليظ الطبع، غير متأثر بالمواعظ، وغير مقدر لنعم الله تعالى عليه.
يقول الله تعالى:
(فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزُيِّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).
سنتناول في هذه المقالة بعض الوسائل التي تساعد على تليين القلب وإزالة القسوة عنه.
أثر تلاوة القرآن الكريم
من أهم العوامل التي تساهم في تليين القلب وتطهيره، الإكثار من قراءة القرآن الكريم بتدبر وتفهم لمعانيه. إن الابتعاد عن القرآن يؤدي إلى تحجر القلب وعدم تأثره بالمواعظ. فالقرآن الكريم قادر على تحريك الجبال، فكيف لا يؤثر في قلب المؤمن؟
يقول الله تعالى:
(لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
لذا، يجب على المسلم أن يجعل للقرآن نصيباً يومياً من وقته، وأن يتدبر آياته ويتفكر في معانيها.
اجتناب مجالس اللهو ورفقة السوء
إن الابتعاد عن مجالس اللغو والغيبة والنميمة، والحرص على مصاحبة الصالحين، له دور كبير في تليين القلب والمساعدة على أداء الطاعات. فالصاحب الصالح يعين على ذكر الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
يقول الله تعالى:
(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).
ويقول الله تعالى:
(الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ).
فالصحبة الصالحة هي نعمة عظيمة يجب على المسلم أن يحرص عليها.
أهمية الاستغفار والتوبة النصوح
يعتبر العلماء أن الذنوب من أهم أسباب قسوة القلب. فكلما ارتكب العبد ذنباً، ازداد قلبه قسوة وبعداً عن الله تعالى. لذا، فإن التوبة الصادقة والإكثار من الاستغفار هما من أهم الوسائل التي تزيل قسوة القلب.
يقول الله تعالى:
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
فالاستغفار يطهر القلب من الذنوب والآثام، ويعيده إلى صفائه ونقائه.
التفكر في الموت وزيارة القبور
إن تذكر الموت وزيارة القبور من الأمور التي تساعد على إزالة قسوة القلب. فقد كان سعيد بن جبير يقول: “لو فارق ذكر الموت قلبي خشيت أن يفسد علي قلبي”.
وجاء في الحديث النبوي الشريف:
(كنتُ نَهَيتُكم عن زيارةِ القُبورِ، ألَا فزُورُوها؛ فإنَّها تُرِقُّ القلبَ، وتُدمِعُ العَينَ، وتُذَكِّرُ الآخِرةَ، ولا تَقولوا هُجْرًا).
فتذكر الموت يزهد الإنسان في الدنيا، ويجعله يفكر في الآخرة والاستعداد لها.
الرأفة باليتامى
حث العلماء على الإحسان إلى الأيتام ورعايتهم، والرفق بهم، وتلبية احتياجاتهم. وهذا من شأنه أن يلين القلب ويزيل قسوته. وقد وردت أحاديث عديدة تحث على ذلك، منها:
قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
(مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم كمثلِ الجسدِ الواحدِ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالحمى والسهرِ).
وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما شكا له رجل قسوة القلب:
(إنْ أردتَ أنْ يَلينَ قلبُكَ، فأطعِمْ المسكينَ، وامسحْ رأسَ اليتيمِ).
فالإحسان إلى اليتيم يزرع الرحمة في القلب، ويزيل عنه القسوة.