جدول المحتويات:
الرأي الشرعي في صيام التطوع للمريض
يعتبر صيام النفل من الأعمال المستحبة والمباركة التي تقرب العبد إلى ربه وتزيد من أجره. وهو ليس فرضاً، بل هو زيادة في الخير والأجر. بالنسبة للمريض الذي يرغب في صيام النفل، يجوز له ذلك طالما أن الصيام لا يسبب له ضرراً أو تفاقماً لحالته الصحية.
أما إذا كان المريض يعلم أو يغلب على ظنه أن الصيام سيؤدي إلى ضرر بصحته، فلا يجوز له الصيام. ولقد حثنا الله سبحانه وتعالى على الحفاظ على صحتنا وأجسادنا، فقال تعالى: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). [البقرة: 195]
ينبغي التنبيه إلى وجود أيام يحرم فيها الصيام حتى لو كان نافلة، مثل يوم عيد الفطر وعيد الأضحى، وأيام التشريق.
ما هو المقصود بصيام النفل؟
صيام النفل هو كل صيام مشروع غير واجب. وينقسم إلى نوعين رئيسيين:
- صيام مطلق: وهو صيام أي يوم من أيام الأسبوع دون تحديد، كأن يصوم المسلم يوم الاثنين أو الخميس.
- صيام مقيد بزمن محدد: وهو الصيام الذي يختص بأيام معينة، مثل صيام يوم عرفة أو صيام ستة أيام من شهر شوال.
الأبعاد الإيمانية لصيام التطوع
يحمل صيام النفل الكثير من الفوائد والحكم التي تعود بالنفع على المسلم في الدنيا والآخرة، ومن بين هذه الحكم:
- نيل الثواب الجزيل من الله تعالى: فكل عمل صالح يقوم به المسلم يجزى عليه بالخير الكثير.
- التقرب إلى الله عز وجل: فالصيام من أفضل العبادات التي تقرب العبد إلى ربه.
- حماية الجوارح من المعاصي والآثام: الصيام يساعد على التحكم في الشهوات والرغبات، ويحفظ المسلم من الوقوع في المحرمات، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ). [متفق عليه]
- التباعد عن النار: صوم يوم واحد في سبيل الله يبعد صاحبه عن النار مسافة كبيرة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا). [رواه البخاري ومسلم]
- جبر النقص في الفرائض: صيام النفل يعوض أي خلل أو نقص قد يقع في صيام الفرض.
- الحصول على محبة الله: كما جاء في الحديث القدسي: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ). [رواه البخاري]
- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم: كما كانت عادة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالتْ:(لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أكْثَرَ مِن شَعْبَانَ، فإنَّه كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَكانَ يقولُ: خُذُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ، فإنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حتَّى تَمَلُّوا. وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما دُووِمَ عليه وإنْ قَلَّتْ).[رواه البخاري]
- تكفير الذنوب: الصيام يكفر الذنوب والخطايا، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أهْلِهِ ومالِهِ ووَلَدِهِ وجارِهِ، تُكَفِّرُها الصَّلاةُ والصَّوْمُ والصَّدَقَةُ، والأمْرُ والنَّهْيُ). [رواه البخاري ومسلم]
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم، سورة البقرة، آية: 195.
- محمود عويضة، كتاب الجامع لأحكام الصيام، صفحة 183.
- أبومحمد التويجري، كتاب موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 188-189.
- صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1400.
- سعيد القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 344-345.
- صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2840.
- صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6502.
- صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1970.
- صحيح البخاري، عن جرير بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:525.