ضوابط التشدد في الدين

استكشاف مفهوم التشدد في الدين وأسبابه وأنواعه وفقًا للعلماء. تعرف على المنهج الوسطي الذي حث عليه الإسلام.

الرأي الشرعي في التشدد

لقد نهى الله سبحانه وتعالى عن التعمق الزائد والتشدد في الدين، سواء كان ذلك التشدد في أداء العبادات، أو في طلب العلم، أو في التعامل مع الآخرين، أو حتى في الأمور المباحة والمعاملات اليومية. وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، مؤكداً أن أفضل الأعمال هي تلك التي تتسم بالاستقامة والاعتدال دون تكلف أو مبالغة.

والدليل على تحريم التشدد يتمثل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع:

“القط لي حصى، فلقطت له سبع حصيات، هن حصى الخذف، فجعل ينفضهن في كفه ويقول: أمثال هؤلاء فارموا، ثم قال: أيها الناس، إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين.”

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم محذراً من التشدد:

“هلك المتنطعون” قالها ثلاثاً.

مفهوم التشدد

لقد أرشدنا الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم إلى سبيل النجاة من التشدد في الدين، ووضحا لنا المنهج الوسطي الذي يجب علينا اتباعه. التشدد في اللغة يعني تجاوز الحدود المعتدلة، ويعرف أيضاً بالتعمق والتصلب.

ويقصد به الشخص الذي يبالغ ويتشدد في العبادة، ويتجاوز حدود الشريعة الإسلامية، وينساق وراء وساوس الشيطان. وقيل أيضاً: هو الشخص الذي يتعمق ويتكلف في الأمور، ويبحث عنها بأساليب أهل الكلام، ويتدخل فيما لا يعنيه، ويخوض في أمور لا يدركها عقله، ويستنفد طاقته ووقته في البحث عن أمور لا فائدة منها.

دوافع التشدد

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى التشدد والتعمق في الدين، ومن أبرزها:

  • ضعف الفقه والعلم، وتلقي العلم من مصادر غير موثوقة وغير مؤهلة.
  • التعصب والتحيز لرأي معين، وعدم تقبل الآراء الأخرى.
  • الابتعاد عن العلماء وطلاب العلم، ومصاحبة الجهلاء الذين يدعون العلم والمعرفة.
  • الغرور والاعتزاز بالنفس، والتعالي على العلماء والناس، والاستهانة بآرائهم.
  • قلة الخبرة والتجارب، وقصور العقل.
  • الجهل بالاختلاف بين الناس أو بين آراء العلماء.
  • انتشار الفساد والظلم، وتراجع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  • تدهور الأوضاع الاقتصادية.
  • الرغبة في إثبات الذات والتفوق على الآخرين.

أصناف التشدد عند العلماء

صنف العلماء التشدد إلى عدة أنواع، منها:

  • التبجيل الزائد للأشخاص الصالحين، ومدحهم بشكل مبالغ فيه، والاستغاثة بهم، ومنحهم صفة العصمة من الخطأ.
  • التشدد في الأحكام الفقهية العملية، كتحويل الأمور المستحبة إلى واجبة، والأمور المكروهة إلى محرمة، والأمور المباحة إلى محرمة.
  • التشدد الذي يجعل صاحبه عاصياً لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، مثل إضافة ركعة إلى صلاة العصر، أو زيادة أيام صيام شهر رمضان، أو السعي بين الصفا والمروة أكثر من سبعة أشواط.
  • التشدد الذي قد يؤدي إلى الانقطاع عن العبادة، مثل قيام الليل بأكمله، وصيام الدهر، والاعتكاف في المسجد طوال الوقت.

المصادر

  1. محمد الجيزاني (1431)،دراسة وتحقيق قاعدة الأصل في العبادات المنع(الطبعة 1)، المملكة العربية السعودية:دار ابن الجوزي، صفحة 69، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه ابن ماجة، في سنن ابن ماجة، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3029، صحيح.
  3. رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم ، عن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2670، حديث صحيح.
  4. محمد الزيبدي،تاج العروس من جواهر القاموس، صفحة 178، جزء 39. بتصرّف.
  5. سليمان عبد الوهاب (1423)،تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد(الطبعة 1)، بيروت _ دمشق:المكتب الإسلامي، صفحة 265، جزء 1. بتصرّف.
  6. ناصر العقل،الغلو الأسباب والعلاج، صفحة 10، جزء 1. بتصرّف.
  7. عبد الرؤوف عثمان (1414)،https://shamela.ws/book/30862/135#p1 محبة الرسول بين الاتباع والابتداع(الطبعة 1)، الرياض: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة، صفحة 145 146، جزء 1. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

النهي عن الغدر والخيانة في الشريعة الإسلامية

المقال التالي

الضوابط الشرعية للغيبة والنميمة

مقالات مشابهة