ضوابط الانتفاع من أموال الصدقات

بيان أحكام الانتفاع من أموال الصدقات، وحكم أخذ العاملين عليها من الزكاة، وكيفية التوبة من أخذ أموال الصدقة بدون وجه حق.

مقدمة

الصدقة عمل عظيم الأجر في الإسلام، وهي وسيلة لتحقيق التكافل الاجتماعي ومساعدة المحتاجين. ولكن، يجب أن يتم التعامل مع أموال الصدقة بحذر وأمانة، والالتزام بالضوابط الشرعية المتعلقة بها. في هذا المقال، سنتناول بعض الأحكام المتعلقة بالانتفاع من أموال الصدقات، وحقوق العاملين عليها، وكيفية التوبة من أخذها بغير وجه حق.

حكم الانتفاع بمال الصدقة

يتفرع الحكم في الانتفاع بأموال الصدقات إلى قسمين رئيسيين: الأول يتعلق بالشخص الموكل بتوزيعها على المستحقين، والثاني يتعلق بالشخص المحتاج الذي وُكِّلَ بالتوزيع.

أجمع علماء الأمة الإسلامية على عدم جواز انتفاع الوكيل بتوزيع الصدقة من أموالها إذا لم يكن من المستحقين. كما لا يجوز لصاحب الصدقة أن يأخذ منها، بحجة أنه من العاملين عليها؛ لأن صاحب الصدقة أو وكيله لا يعتبر عاملاً بالمعنى الشرعي، وأداء الصدقة إلى الفقراء هو واجب عليه أصلاً.

أما إذا كان الوكيل في توزيع الصدقة من المستحقين لها، ومحتاجاً إليها، فقد اختلف الفقهاء في جواز أخذه منها. ذهب المالكية إلى جواز ذلك، واشترطوا أن يأخذ الوكيل مقدار حاجته بالمعروف، واستحبوا له أن يستدين إذا وجد من يقرضه، وأن يعلم صاحب المال بأخذه، فإذا لم يجزه صاحب المال، وجب عليه رد ما أخذه. وإذا لم يستطع إعلام صاحب المال، فلا شيء عليه. بينما ذهب الحنابلة إلى عدم جواز أخذ الوكيل من مال الصدقة، حتى لو كان من أهلها ومحتاجاً إليها.

حكم أخذ العاملين على الزكاة من أموالها

العاملون على الزكاة هم الموظفون الذين يكلفهم ولي الأمر بجمع الزكاة وجبايتها وتوزيعها على مستحقيها. هؤلاء العاملون لهم نصيب محدد من أموال الزكاة، يحدده الإمام وفقاً لتقديره لجهودهم المبذولة. يعتبرون جزءاً من مصارف الزكاة الثمانية المنصوص عليها في القرآن الكريم.

لا يجوز للعامل على الزكاة أن يأخذ منها بدون إذن الإمام؛ لأنه مؤتمن عليها، والأخذ منها بدون إذن يعتبر خيانة للأمانة. قال تعالى: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” (التوبة: 60).

ويدخل في ذلك الأجر مقابل العمل، ولا يجوز أن يأخذ زيادة عن ذلك إلا بإذن ولي الأمر.

كيفية التوبة من أخذ مال الصدقة بغير استحقاق

إذا أخذ شخص مال الصدقة بغير إذن أو استحقاق، وجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الفعل. والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه، ورد المال إلى مستحقيه.

ومن شعر بضعف أمام فتنة المال، فالأفضل له أن يتجنب العمل في مجال جمع التبرعات؛ لأنها قد تكون سبباً في الوقوع في المحظور. فالاحتياط واجب والابتعاد عن مواطن الشبهات أولى.

فالصدقة أمانة عظيمة يجب صيانتها والحفاظ عليها، وتجنب كل ما يخدش الأمانة والنزاهة.

المراجع

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

آراء العلماء في تناول لحم الضبع وحكمه الشرعي

المقال التالي

فضائل الأخلاق وأهميتها في الحياة

مقالات مشابهة