صومعة حسان: تحفة معمارية فريدة في الرباط

روائع صومعة حسان: لمحة تاريخية

تُعدّ صومعة حسان، المعروفة أيضاً ببرج حسان، منارةً تاريخيةً بارزةً في مدينة الرباط المغربية. شُيّدت هذه المئذنة الضخمة قبل حوالي تسعة قرون، بين عامي 1197 و 1198 ميلادية، بأمر من الخليفة يعقوب المنصور، مستخدمةً الطراز المعماري الأندلسي الرائع. لكنّ أعمال البناء توقّفت بشكل غامض في عام 1199م، تاركةً الصومعة شاهدةً على عظمة الماضي وحكمة الحاضر.

كان الهدف من بناء هذا الصرح المهيب هو ترسيخ مكانة الرباط كعاصمةٍ عظيمةٍ، إضافةً إلى وظيفتها كحصنٍ دفاعيٍّ قويٍّ للدولة الموحدية. ولكن، أحداثٌ تاريخيةٌ متلاحقةٌ حالت دون إتمام هذا المشروع الضخم.

الحجارة والخشب والزخرفة: مواد بناء الصومعة

اتّسمت عمارة الموحدين ببساطتها وجمالها، وقد تجلّى ذلك بوضوحٍ في اختيار مواد بناء صومعة حسان. فقد استخدم في تشييدها الحجر المنحوت بدقةٍ، والجصّ، والخشب – خصوصاً في الأسقف المزخرفة بشكلٍ رائعٍ – إضافةً إلى بلاطٍ مزجّجٍ ملونٍ بنقوشٍ هندسيةٍ بديعة. ويُشكلّ الحجر الرملي الأحمر المكوّن الأساسي لهذه التحفة المعمارية.

من هم بنو حسان؟ سرّ التسمية

يُعتقد أنّ تسمية الصومعة باسم “حسان” تعود إلى قبيلة بنو حسان، وهي قبيلة جبليةٌ معروفةٌ في شمال المغرب، تتفرّع إلى ثلاث مجموعات رئيسية. وهناك من يربط التسمية أيضاً بالمسجد الكبير (مسجد حسان) المجاور، والذي كان يُعتبر الأكبر في المغرب في ذلك الزمن، وقد استُخدمت فيه نفس مواد البناء والزخارف المعقدة.

لماذا توقّف بناء صومعة حسان؟

تتعدد التفسيرات حول أسباب توقف بناء الصومعة، ومن أبرزها: رؤية يعقوب المنصور لعدم جهوزية المدينة لإكمال المشروع، و اندلاع الحروب الأندلسية، ووفاة الخليفة نفسه عام 1199م، بالإضافة إلى انشغال حكام الموحدين بالحروب والصراعات الداخلية التي هددت استقرار الدولة.

معالم الصومعة ومحيطها: ضريح ملكي وحدائق خلابة

تتميز صومعة حسان بأبعادها الضخمة، فلو اكتمل بناؤها لكانت استوعبت ما يقارب عشرين ألف مصلٍّ. يبلغ ارتفاعها 44 متراً، وتحيط بها مساحةٌ شاسعةٌ تضمّ حالياً 200 عمودٍ. و في محيط الصومعة، يوجد ضريح الملك محمد الخامس، أحد أهمّ المعالم في الرباط.

مسجد حسان: تحفة معمارية حديثة

يُعتبر مسجد حسان ثاني أكبر مسجد في المغرب، وهو يتميز بمئذنته الشاهقة التي يبلغ ارتفاعها 210 متراً، وهي من أطول مآذن العالم. بُني هذا المسجد خلال سبع سنوات في عهد الملك الحسن الثاني، ويستوعب 80 ألف مصليّ. وقد استُخدمت فيه مواد بناء فاخرة، مثل خشب الأرز من جبال الأطلس، والرخام.

الحدائق والآثار المجاورة

تتميز حدائق صومعة حسان بنمطها الأندلسي، مع مساراتها المتعرجة، ونوافيرها الجميلة، وقنواتها المائية. ويحيط بها سورٌ هائلٌ، وتضمّ عدداً من الأضرحة، منها ضريح الملك محمد الخامس، وضريح الأمير عبد الله، وضريح الملك الحسن الثاني.