صور الحب الجلي في شعر عمر بن أبي ربيعة

نظرة تحليلية على أشعار الحب الواضحة لعمر بن أبي ربيعة. أمثلة من قصائده، نبذة عن حياته، مجموعته الشعرية، والمصادر. دراسة في شعر الحب الصريح عند عمر بن أبي ربيعة وتصويره للمرأة.

مقدمة

يعتبر شعر الغزل من أهم الأغراض الشعرية التي ازدهرت في العصر الأموي، وقد تميز شعر عمر بن أبي ربيعة بالصراحة والجرأة في وصف مشاعره وتجاربه العاطفية. سنتناول في هذا المقال تحليلاً لصور الحب الجلي في شعره، مع إبراز بعض النماذج من قصائده، والتعريف بحياته وأعماله الشعرية.

نماذج من شعره العاطفي

تميز شعر عمر بن أبي ربيعة بالوصف الدقيق لجمال المرأة، واستخدامه للغة الحسية التي تثير الخيال. ومن الأمثلة على ذلك:

قال عمر بن أبي ربيعة:

قالَت لِجارَتِها اِنظُري ها مَن أُلى
وَتَأَمَّلي مَن راكِبُ الأَدماءِ
قالَت أَبو الخَطابِ أَعرِفُ زِيَّهُ
وَلِباسَهُ لا شَكَّ غَيرَ خَفاءُ
قالَت وَهَل قالَت نَعَم فَاِستَبشري
مِمَّن يُحَبُّ لَقِيُّهُ بِلِقاءِ
قالَت لَقَد جاءَت إِذاً أُمنِيَّتي
في غَيرِ تَكلِفَةٍ وَغَيرِ عَناءِ
حتى يقول:
خَرَجَت تَأَطَّرُ في ثَلاثٍ كَالدُمى
تَمشي كَمَشيِ الظَبيَةِ الأَدماءِ
جاءَ البَشيرُ بِأَنَّها قَد أَقبَلَت
ريحٌ لَها أَرجٌ بِكُلِّ فَضاءِ
قالَت لِرَبّي الشُكرُ هَذي لَيلَةً
نَذراً أُؤَدّيهِ لَهُ بِوَفاءِ.

في هذا المقطع، يصور الشاعر لقاءً عاطفياً، ويصف الفتاة التي تنتظره بشوق، ويشبهها بالظبية الجميلة، ويذكر عطرها الذي يملأ الأجواء.

ويقول أيضاً:

فَبَدَت تَرائِبُ مِن رَبيبٍ شادِنٍ
ذَكَرَ المَقيلَ إِلى الكِناسِ فَصارا
وَجَلَت عَشِيَّةَ بَطنِ مَكَّةَ إِذ بَدَت
وَجهاً يُضيءُ بَياضُهُ الأَستارا
حتى يقول:
إِنّي رَأَيتُكِ غادَةً خُمصانَةً
رَيّا الرَوادِفِ لَذَّةً مِبشارا
مَحطوطَةَ المَتنَينِ أُكمِلَ خَلقُها
مِثلَ السَبيكَةِ بَضَّةً مِعطارا
تَشفي الضَجيعَ بِبادِرٍ ذي رَونَقٍ
لَو كانَ في غَلَسِ الظَلامِ أَنارا.

هنا، يتغزل الشاعر بجمال صدر المرأة ووجهها المشرق، ويصف قوامها الممشوق ورائحتها العطرة.

ويقول:

لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِدو
وَشَفَت أَنفُسَنا مِمّا تَجِدو
اِستَبَدَّت مَرَّةً واحِدَةً
إِنَّما العاجِزُ مَن لا يَستَبِد
زَعَموها سَأَلَت جاراتِها
وَتَعَرَّت ذاتَ يَومٍ تَبتَرِدأَ
كَما يَنعَتُني تُبصِرنَني
عَمرَكُنَّ اللَهَ أَم لا يَقتَصِد
فَتَضاحَكنَ وَقَد قُلنَ لَها
حَسَنٌ في كُلِّ عَينٍ مَن تَوَد
حَسَدٌ حُمِّلنَهُ مِن أَجلِها
وَقَديماً كانَ في الناسِ الحَسَد
غادَةٌ تَفتَرُّ عَن أَشنَبِها
حينَ تَجلوهُ أَقاحٍ أَو بَرَد
وَلَها عَينانِ في طَرفَيهِما
حَوَرٌ مِنها وَفي الجيدِ غَيَد
طَفلَةٌ بارِدَةُ القَيظِ إِذا
مَعمَعانُ الصَيفِ أَضحى يَتَّقِد
سُخنَةُ المَشتى لِحافٌ لِلفَتى
تَحتَ لَيلٍ حينَ يَغشاهُ الصَرَد.

في هذه الأبيات، يصف الشاعر مغامرته مع هند، ويصور غيرة صويحباتها منها، ويتغزل بجمال عينيها وعنقها، ويصفها بأنها باردة في الصيف ودافئة في الشتاء.

لمحة عن حياة عمر بن أبي ربيعة

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، يكنى أبا الخطاب، وهو من أشهر شعراء الغزل في العصر الأموي. ولد في مكة المكرمة، وعاش حياة مترفة، مما انعكس على شعره الذي تميز بالصراحة والجرأة في وصف مشاعره وتجاربه العاطفية.

تشير الروايات إلى أنه ولد في الليلة التي توفي فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه. كان والده من وجهاء مكة، وقد أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وبقي فيها حتى حصار عثمان رضي الله عنه.

أعماله الشعرية

ترك عمر بن أبي ربيعة ديواناً شعرياً حافلاً بقصائد الغزل والتشبيب بالمرأة. وقد تميز شعره بالصراحة والجرأة، ووصفه الدقيق لجمال المرأة، واستخدامه للغة الحسية التي تثير الخيال.

بالإضافة إلى ذلك، كان عمر بن أبي ربيعة مجدداً في شعره، حيث أضاف إليه ميزات السرد والقصة والحوار، مما جعله أكثر جاذبية وتشويقاً.

المصادر

  1. عبد الله، “وصف عمر بن أبي ربيعة لجمال صواحبه في أشعاره الغزلية: دراسة”، أقلام الهتد.
  2. الديوان، “حدث حديث فتاة حي مرة”، الديوان.
  3. الديوان، “أأقام أمس خليطنا أم سارا”، الديوان.
  4. الديوان، “ليت هندا أنجزتنا ما تعد”، الديوان.
  5. أبالطيب باخرمة، قلادة النحر في وفيات أعيان العصر، صفحة 1- 488- 489.
  6. “شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة”، هنداوي.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

الكبرياء والتعالي: نظرة شاملة

المقال التالي

الشعر الغزلي الجريء في العصر الأموي

مقالات مشابهة