الاطلاع على صفات الله تعالى: فهم كمال الخالق
إن الله، خالق الكون، يتصف بالأسماء الحسنى والصفات العليا التي تُظهر كمال ربوبيته وعظمة ألوهيته. هذه الصفات فريدة من نوعها، لا يُشاركه فيها أي شريك. [١]
قبل الشروع في شرح صفات الله تعالى، من المهم فهم القاعدة الأساسية: إثبات صفات الله يكون عن طريق تأكيدها لفظاً ومعنى، مع إرجاع معرفة ذلك إلى الله وحده. من الضروري نفي التشبيه بين صفات الله وصفات المخلوقات عند إثبات صفات الله. [١]
مراجعة مجموعة من صفات الله تعالى
- الوجود
- القدم
- البقاء
- الوحدانية
- القيام بنفسه تعالى
- الحياة
- القدرة
- الإرادة
- العلم
- السمع
- البصر
- الكلام
- المخالفة للحوادث
الوجود: الله أزلي بلا بداية
الوجود يشير إلى حقيقة أن الله موجود بلا مكان، ولا ابتداء لوجوده، ولا يتأثر بمرور الزمن. يقول الله تعالى: (هو الأوَّلُ)؛ [٢] أي أن الله موجود منذ الأزل، بلا بداية لوجوده.
يؤكد الله تعالى أيضًا: (وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)؛ [٣] أي أن الدليل على وجود الله موجود في النفس البشرية، وهذا يُشير إلى فطرة الإنسان التي تقوده إلى الاعتراف بوجود خالق.
يُمكن توضيح هذه الصفة بمثال: “أنا كنت بعد أن لم أكن، وما كان بعد أن لم يكُن، فلا بدَّ له من مُكوِّنٍ فأنا لا بُدَّ لي من مُكوِّنٍ”. [٥] وهذا يعني أن الكون، بما فيه الإنسان، يحتاج إلى مُكوّنٍ أزلي، وهو الله، الذي لا يُشبه بأي شيء من الحوادث التي لها بداية ونهاية.
القدم: الله لا بداية ولا نهاية لوجوده
القدم تعني الأزلية التي يتصف بها الله تعالى. لا بداية لوجوده ولا نهاية. عند وصفها للمخلوقات، تُشير إلى تقادم العهد ومرور مدة طويلة من الزمن. ولم تُذكر هذه الصفة في القرآن بلفظها المباشر، بل ورد معناها في قوله تعالى: (هو الأوَّلُ). [٢]
من المهم التأكيد على أن القدم هي صفة إلهية، لا تُنسب إلى المخلوقات. فالله تعالى موجود قبل الزمن نفسه. [٦]
البقاء: الله أبدي لا يفنى
البقاء يُشير إلى الأبدية. وهي صفة ثابتة لوجود الله، فهو لا يُمكن أن يزول. الوجود الأزلي يستحيل عليه العدم، والله أبدي لا نهاية لوجوده. لا يُفنى ولا يُبيد. ولو لم يكن كذلك، لما بقي الكون. يقول الله تعالى: (ويبقى وجه ربِّكَ ذو الجلال والإكرام)؛ [٧] أي ذاته. [٨]
الوحدانية: الله واحد لا شريك له
الوحدانية تعني أن الله سبحانه وتعالى واحد لا شريك له. لا يُقبل الانقسام في ذاته، صفاته، أو فعله. يستحيل على الله أن يكون بينه وبين مخلوقاته مناسبات مشابهة لطبيعة المخلوقات، مثل الأجسام، مثل: العرش، والكرسي، والسماوات السبع، والجنة، والنار، والإنس، والملائكة، والجن.
لو كان الله متعدداً، لما كان العالم منتظماً ودقيقاً. يقول الله في كتابه العزيز: (قل هو الله أحد). [٩][١٠]
القيام بنفسه تعالى: الله مستغنٍ عن كل شيء
القيام بنفسه تعني أن الله سبحانه وتعالى غير محتاج لسواه. وهو مستغنٍ عن كل شيء. فالله تعالى لا ينتفع بعبادة البشر، ولا يضر بعصيانهم. المخلوقات وحدها هي من تحتاج الله. يقول الله تعالى: (وَالله الغَنيَُ وأنْتُم الفُقَراء). [١١][١٢]
الحياة: الله حي أبدي لا يموت
الحياة صفة أزلية أبدية في حق الله، تختلف عن حياة خلقه، التي تعتمد على الروح، واللحم، والدم. الله حي لا يموت، ولو لم يكن كذلك، لما اتصف بالعلم، والقدرة، والإرادة. يقول الله تعالى: (الله لا إِله إلا هُوَ الحيُّ القَيُّوم). [١٣][١٤]
القدرة: الله قادر لا يعجزه شيء
القدرة صفة قائمة بذات الله تعالى. وهو قادرٌ لا يعجزه شيء. فهو من أوجد الكون، وأوجد المخلوقات. القدرة تُمكنه من إيجاد المعدوم من العدم وإعدام الموجود. صفتي العجز والنقص مستحيلتان على الله، فالكمال من شروط الألوهية. يقول الله تعالى: (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيٍّء قَديرٌ)، [١٥] ويقول أيضًا: (إنَّ الله هو الرَّزَّاقُ ذُو القوةِ المتين)، [١٦] والقوة هنا تعني القدرة. [١٧]
من المهم أن نؤكد على أن القدرة لا تتعلق إلا بالجائزات العقلية، فلا تُنسب إلى ما لا يُمكن أن يُوجد. لذلك، يحظر قول هل الله قادر على خلق مثله أو إعدام نفسه، فذلك من المحال. [١٨]
الإرادة: كل شيء مُتعلق بمشيئة الله
الإرادة صفة قديمة ثابتة لذات الله، وتعني المشيئة. فكل شيء متعلق بمشيئته تعالى. فالله خصص كل شيء في الوجود بوجوده، وبالصفة التي هو عليها. [١٩]
لهذا وجد الإنسان بهذه الصورة، ففي العقل من الممكن أن يكون الإنسان على غير هذه الصورة، وفي زمن مختلف. يقول تعالى: (فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ)، [٢٠] أي أن الله سبحانه وتعالى يُوجِد، ويُفعّل المكوّنات بإرادته. [١٩]
العلم: الله يعلم بكل شيء قبل وقوعه
العلم صفة أزلية ثابتة لله تعالى. فهو يعلم بكل الأشياء قبل وقوعها، ولا يتجدد له علمٌ، لأن علمه واحد وشامل لكل المجالات. لو لم يكن الله عالماً لكان جاهلاً، والله منزه عن كل نقص. [٢١]
لو كان الله جاهلاً، لما أوجد هذا العالم الكبير المنتظم. يقول الله تعالى: (وأنَّ الله قد أَحاطَ بِكُلِّ شيءٍ عِلْماً)، [٢٢] وقوله أيضًا: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)، [٢٣] أي أن الله لو لم يكن عالماً لما خلق هذا الخلق. [٢١]
السمع: الله يسمع بسمعه الأزلي
السمع يعني أن الله سبحانه يسمع بسمعه الأزلي الذي لا يُشبه أي سمع آخر. لا يحتاج لأذن، ولا صماخ، أو أي آلة أخرى. ولو كان الله لا يسمع لكان متصفاً بالصمم، وهو من النقص المحال على الله. ومن الدلائل النقلية على ذلك قول الله تعالى: (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). [٢٤][٢٥]
البصر: الله يرى برؤيته الأزلية
البصر يعني أن الله تعالى يرى برؤيته التي ليست كرؤية غيره. فهو يرى الحادثات دون حدقة أو أي آلة أخرى. ولو نُفيت عنه هذه الصفة لاتصف بالعمى، وهو من النقص المحال على الله. يقول الله تعالى: (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). [٢٦][٢٥]
الكلام: كلام الله أزلي لا يُشبه كلام البشرالكلام صفة أزلية أبدية، فكلام الله تعالى لا يُشبه كلام العالمين. فهو يتكلم دون لسان ولا صوت ولا لغة. وهو خالق الحروف، الأصوات، واللغات. ويُعبّر عنه بالقرآن الكريم وغيره من الكتب المنزلة. [٢٧]
والدليل على صفة الكلام هو أنه تعالى لو لم يكن متكلماً لكان أبكماً، والبكم ما هو إلا نقص، والله منزه عن كل نقص. يقول الله تعالى: (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْليماً)، [٢٨] أي أن الله أسمعه كلامه الأزلي، ففهم موسى ما فهم منه. [٢٧]
المخالفة للحوادث: الله لا يُشبه المخلوقات
المخالفة للحوادث تعني أن الله تعالى لا يشبه المخلوقات في شيء. فلو كان يشبهها بالفعل لأصابه ما يصيب الخلق. من تطور، وتغير، وفناء، ولكان محتاجاً إلى غيره. والله سبحانه وتعالى منزه عن كل ذلك. يقول الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيء)، [٢٦] أي أن الله ينفي مشابهته لكل شيء من أجسام، وأجرام علوية وسفلية، وأي جمادات أو أفراد. لأن ذلك منافٍ للألوهية. [٢٩]
المراجع
- [سيد سابق]،العقائد الإسلامية، صفحة 53. بتصرّف.
- سورة الحديد، آية:3
- سورة الذاريات، آية:21
- [ناصر الدين الألباني]،موسوعة الألباني في العقيدة، صفحة 604. بتصرّف.
- [أبو الوفاء ابن عقيل]،الواضح في أصول الفقه، صفحة 329. بتصرّف.
- [ناصر العقل]،شرح الطحاوية لناصر العقل، صفحة 27. بتصرّف.
- سورة الرحمن، آية:27
- [محمد حسن عبد الغفار]،شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي، صفحة 11. بتصرّف.
- سورة الإخلاص، آية:1
- [عبد الرحيم السلمي]،شرح العقيدة الواسطية، صفحة 18. بتصرّف.
- سورة محمد، آية:38
- [ابن القيم]،الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، صفحة 914. بتصرّف.
- سورة البقرة، آية:255
- [عبد العزيز السلمان]،مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية، صفحة 41. بتصرّف.
- سورة هود، آية:4
- سورة الذاريات، آية:58
- [تامر محمد محمود متولي]،منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة، صفحة 398. بتصرّف.
- [خالد المصلح]،شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح، صفحة 2. بتصرّف.
- [عبد الرحيم السلمي]،شرح العقيدة الواسطية، صفحة 13. بتصرّف.
- سورة البروج، آية:16
- [محمد حسن عبد الغفار]،صفات الله وآثارها فى إيمان العبد، صفحة 10-11. بتصرّف.
- سورة الطلاق، آية:12
- سورة الملك، آية:14
- سورة البقرة، آية:137
- [محمد حسن عبد الغفار]،شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي، صفحة 3. بتصرّف.
- سورة الشورى، آية:11
- [عبد الله بن محمد الرميان]،آراء القرطبي والمازري الاعتقادية، صفحة 479. بتصرّف.
- سورة النساء، آية:164
- [محمد الحسن الددو الشنقيطي]،سلسلة الأسماء والصفات، صفحة 3. بتصرّف.
- سورة النجم، آية:43