شلل النوم: الأسباب وطرق التغلب عليه

شلل النوم: تعرف على انتشاره وأعراضه، وهل له علاقة بالمس الشيطاني؟ استكشف الأسباب وعوامل الخطر، وكيفية التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى طرق الوقاية.

ما هو شلل النوم؟

شلل النوم، أو ما يُعرف أيضًا بالجاثوم أو الجافون، هو حالة مؤقتة يفقد فيها الشخص القدرة على تحريك جسده أو التحدث عند الاستيقاظ أو قبل النوم مباشرةً. ويكون الشخص خلال هذه الحالة مدركًا تمامًا لما يحيط به وقادرًا على السمع، ولكن لا يستطيع الاستجابة حركيًا. عادةً ما يستمر هذا الشعور لبضع ثوانٍ أو دقائق معدودة، وقد يصاحبه شعور بالاختناق أو ضغط في منطقة الحلق.

من الجدير بالذكر أن الجسم يمر بحالة شلل طبيعية خلال مرحلة معينة من النوم، تسمى حركة العين السريعة (REM)، لمنع الجسم من تنفيذ الأحلام. ولكن في حالة شلل النوم، يستيقظ الشخص قبل انتهاء هذه المرحلة، مما يجعله يشعر بالشلل والوعي في نفس الوقت.

على الرغم من أن تجربة شلل النوم قد تكون مخيفة ومزعجة، إلا أنها تعتبر غير ضارة ولا تسبب أي مشاكل صحية دائمة. ومع ذلك، من المهم البحث عن الأسباب المحتملة لهذه الحالة ومعالجتها إن أمكن، لتحسين جودة النوم والصحة العامة.

مدى انتشار شلل النوم

الكثير من الناس قد يختبرون شلل النوم مرة واحدة أو مرتين في حياتهم. ومع التقدم في العمر، تقل فرص حدوث هذه الحالة. في بعض الحالات، قد يعتقد الشخص أن نوبات شلل النوم قد توقفت، ثم يعود ليختبرها مرة أخرى بعد فترة.

تختلف الدراسات في تحديد النسبة الدقيقة لانتشار شلل النوم، وذلك بسبب اختلاف العينات التي أجريت عليها الدراسات. في إحدى الدراسات التي شملت 36,533 شخصًا، تبين أن حوالي خُمس المشاركين عانوا من شلل النوم مرة واحدة على الأقل في حياتهم. بشكل عام، تشير التقديرات إلى أن نسبة انتشار شلل النوم بين عامة الناس تبلغ حوالي 7.6%، بينما ترتفع هذه النسبة بين الطلاب لتصل إلى 28.3%. وتكون النسبة أعلى بين الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية، حيث تصل إلى 31.9%، وبين المرضى الذين يعانون من نوبات الهلع، حيث تصل إلى 34.6%.

علامات وأعراض شلل النوم

كما ذكرنا سابقًا، يحدث شلل النوم غالبًا عند الاستيقاظ، ولكن قد يحدث أيضًا عند الدخول في النوم. العرض الرئيسي لشلل النوم هو عدم القدرة المؤقتة على الحركة أو الكلام، على الرغم من أن الشخص يكون واعيًا تمامًا. هذا الشعور بالعجز قد يسبب الخوف والذعر.

في معظم الحالات، لا تتأثر عملية التنفس بالشلل، ولكن قد يواجه البعض صعوبة في التنفس. قد يعاني البعض الآخر من الهلوسات أثناء نوبة شلل النوم، وهي عبارة عن رؤية أو سماع أو الشعور بأشياء غير موجودة في الواقع، مثل الإحساس بوجود شخص في الغرفة على الرغم من عدم وجود أحد. بعد انتهاء النوبة، يستعيد الشخص قدرته على الحركة والكلام، ولكنه قد يشعر بالقلق أو الانزعاج.

تشمل الأعراض والعلامات الأخرى التي قد تصاحب شلل النوم ما يلي:

  • الشعور بضغط على الصدر.
  • الشعور باقتراب الموت.
  • الصداع وآلام العضلات.
  • التعرق.
  • الشعور بالخوف الشديد.
  • تضخيم الأصوات والأحاسيس التي يتجاهلها الدماغ عادة.

هل يعتبر شلل النوم اعتداء من الجن؟

على مر العصور، سعى الناس إلى تفسير ظاهرة شلل النوم، وربطها الكثيرون بالقوى الشريرة والأساطير الشائعة في ثقافاتهم. البعض اعتبرها نتيجة لوجود شياطين غير مرئية، بينما ربطها آخرون بمخلوقات شريرة كانت تخيف الناس في الليل.

ولكن العلم الحديث ينفي هذه الادعاءات ويعتبرها خرافات. يؤكد العلم أن شلل النوم مرتبط بنقص النوم، والعادات غير الصحية المتعلقة بالنوم، وبعض المشاكل النفسية.

الأسباب والعوامل المؤدية إلى شلل النوم

يُفسر الشلل الطبيعي الذي يحدث أثناء النوم بأن عضلات الجسم تبدأ في الاسترخاء التدريجي، مما يقلل من استجابتها للإشارات الصادرة من الدماغ. بمعنى آخر، يظل الدماغ نشطًا، ولكنه لا يتحكم في حركة الجسم والكلام. خلال مرحلة حركة العين السريعة (REM) من النوم، يكون الجسم في حالة استرخاء كاملة، وتفقد العضلات القدرة على الحركة. هذا يمنع الشخص من الاستجابة للأحلام المزعجة. وعندما يستيقظ الشخص قبل انتهاء هذه المرحلة، قد يعاني من الهلوسة وعدم القدرة على تحريك الجسم على الرغم من وعيه.

بالإضافة إلى هذا التفسير العلمي، هناك عوامل أخرى تزيد من خطر حدوث شلل النوم، بما في ذلك:

  • العمر: فهو أكثر شيوعًا بين اليافعين والشباب.
  • العوامل الوراثية.
  • الإصابة باضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة واضطرابات الهلع.
  • عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم أو تغيير جدول النوم.
  • النوم القهري (Narcolepsy): وهو اضطراب نادر في الدماغ يسبب النعاس الشديد وفقدان السيطرة على العضلات في أوقات غير مناسبة.

كيف يتم تشخيص شلل النوم؟

قد يعتاد بعض الأشخاص على نوبات شلل النوم، ولكن من الأفضل مراجعة الطبيب إذا كنت قلقًا بشأن هذه المشكلة، خاصة إذا تكررت أو تسببت لك في خوف أو قلق من النوم، أو إذا كنت تعاني من النعاس المفرط خلال النهار.

قد يكون شلل النوم عرضًا عابرًا، أو قد يكون ناتجًا عن القلق أو التوتر أو النوم القهري. لتشخيص السبب، سيسألك الطبيب عن عدد مرات حدوث النوبات، ومدتها، ومتى بدأت. قد يكون من المفيد تدوين ملاحظات حول عادات نومك وتفاصيل النوبات لمدة أسبوعين على الأقل. كما أن معرفة التاريخ الطبي الكامل، بما في ذلك الأدوية التي تتناولها، وما إذا كان أحد أفراد عائلتك يعاني من نفس المشكلة، أمر مهم.

في معظم الحالات، لا يحتاج الطبيب إلى إجراء فحوصات لتشخيص شلل النوم المتكرر، خاصة إذا لم يكن مصحوبًا بمشاكل صحية أخرى. ومع ذلك، قد يوصي الطبيب في بعض الحالات بإجراء تخطيط النوم (Polysomnography) لتقييم موجات الدماغ والتنفس ومعدل ضربات القلب وحركة الذراعين والساقين أثناء النوم. قد يتم أيضًا إجراء اختبار تأخر النوم المتعدد (Multiple Sleep Latency Test) إذا كنت تشعر بالنعاس الشديد خلال النهار، لتحديد مدى سرعة دخولك في النوم وما إذا كان شلل النوم علامة على النوم القهري.

طرق معالجة شلل النوم

يعتمد علاج شلل النوم على تحديد السبب الكامن وراءه. تشمل بعض الأمثلة على علاج الحالات التي تسبب شلل النوم ما يلي:

  • اضطراب ثنائي القطب: يعاني الأشخاص المصابون باضطراب ثنائي القطب من نوبات شلل متكررة. يتطلب علاج هذه الحالات معالجة الاضطراب النفسي نفسه، وغالبًا ما يتضمن تناول الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب النفسي. من المهم إخبار الطبيب عن جميع الأعراض التي تعاني منها، بما في ذلك نوبات شلل النوم وتشنجات الساقين أثناء الليل.
  • النوم القهري: يعاني الأشخاص المصابون بالنوم القهري غالبًا من شلل النوم. يعتمد علاج شلل النوم في هذه الحالات بشكل كبير على مضادات الاكتئاب. لا يعني تناول مضادات الاكتئاب أنك مصاب بالاكتئاب، ولكن هذه الأدوية معروفة بقدرتها على تقليل عدد مرات حدوث نوبات شلل النوم لدى الأفراد المصابين بالنوم القهري.

كيفية تجنب شلل النوم

نظرًا لوجود العديد من العوامل التي تحفز حدوث نوبات شلل النوم، فإن تجنب هذه المحفزات أو معالجتها يمكن أن يقلل من فرص حدوث شلل النوم أو يمنعه تمامًا.

فيما يلي بعض النصائح التي تساعد على الوقاية من شلل النوم أو تقليل عدد نوباته:

  • حاول الحصول على معدل نوم ثابت يوميًا، يتراوح بين ست إلى ثماني ساعات في الليلة.
  • حاول تنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ قدر الإمكان. يُنصح بالذهاب إلى النوم والاستيقاظ في نفس الوقت تقريبًا كل يوم.
  • مارس التمارين الرياضية بانتظام، مع تجنب ممارسة الرياضة خلال الساعات الأربع التي تسبق النوم.
  • تجنب تناول وجبات الطعام الكبيرة، وحاول تقسيم وجبات الطعام إلى وجبات صغيرة.
  • تجنب شرب الكحول والإقلاع عن التدخين، خاصة قبل النوم بوقت قصير.
  • تجنب تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين قبل النوم.
  • تجنب النوم على الظهر، لأن ذلك يزيد من فرصة حدوث نوبات شلل النوم.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

جائزة البوكر العربية: نافذة على الإبداع الروائي

المقال التالي

الجاحظ وكتاب البخلاء: نظرة جديدة

مقالات مشابهة