شرعية تقدمة الصبي في الإمامة

بحث في شرعية إمامة الصبي في الصلاة وشروط الإمامة ومن هو الأحق بها.

بيان حكم إمامة الصغير

ذهب أغلب العلماء من أتباع المذهب الحنبلي، والحنفي، والمالكي، إلى عدم جواز أن يؤم الصبي المميز البالغين في صلاة الفرض. وقد استندوا في حكمهم هذا إلى أن البلوغ يعتبر شرطاً أساسياً من شروط صحة الإمامة في الصلاة. فالإمامة تعتبر حالة من الكمال، وهذا الكمال لا يتحقق في الصبي المميز. إضافة إلى ذلك، يعتبر الإمام ضامناً في الشريعة الإسلامية، والصبي ليس من أهل الضمان.

بينما أجاز أصحاب هذا الرأي إمامة الصبي للبالغين في صلاة النفل، مثل صلاة التراويح. إلا أن الحنفية خالفوا ذلك، حيث لم يجيزوا إمامة الصبي للبالغين في الصلاة مطلقاً، سواء كانت فرضاً أو نفلاً. وفي المقابل، خالف علماء الشافعية جمهور العلماء، وأجازوا إمامة الصبي للبالغين في الصلاة بشكل عام، سواء كانت صلاة فرض أو نافلة. وقد استدلوا على ذلك بما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما أقر عمرو بن سلمة على إمامة قومه، وكان عمره آنذاك ست أو سبع سنوات.

ولكن الشافعية فضلوا إمامة البالغ على الصبي المميز؛ لأن علماء الأمة أجمعوا على صحة الاقتداء بالإمام البالغ.

وقد ورد في هذا السياق حديث عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه قال: “كُنْتُ أؤُمُّ قَوْمِي وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ”.

شروط وجوب توافرها في الإمام

يجب أن تتوفر في الإمام عدة شروط أساسية لضمان صحة الإمامة في الصلاة، ومن هذه الشروط:

  • الإسلام: فلا يجوز أن يكون الإمام كافراً؛ لأن الإمامة عبادة، والعبادة لا تصح من الكافر.
  • العقل: فلا تصح الإمامة من المجنون أو السكران؛ لأن الإمام يجب أن يكون واعياً لما يقول ويفعل في الصلاة.
  • الذكورة: لا يجوز للمرأة أن تؤم الرجال، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة. وإن فعلت ذلك، فإن صلاة المأمومين تعتبر فاسدة.
  • القدرة على القراءة: لا يجوز للأبكم أن يكون إماماً، وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة؛ لأن القراءة تعتبر ركناً أساسياً من أركان صحة الصلاة.

كما يجب أن يكون الإمام ملتزماً بأحكام الشريعة الإسلامية، وأن يكون قدوة حسنة للمأمومين.

قال تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (الفرقان: 74).

من هو الأجدر بالإمامة في الصلاة؟

يقدم المسلمون للإمامة في الصلاة من يتميز بينهم بالعدالة، والتقوى، والدين، والعلم. والأحق بالإمامة هو من يجيد تلاوة القرآن الكريم، فهو الأقرأ لكتاب الله. فإن لم يوجد من هو أقرأ، فيقدم من هو أعلم بسنة النبي عليه الصلاة والسلام. وإذا لم يوجد من هو أعلم بالسنة، فيقدم أكبرهم سناً.

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ”.

ويجب على الإمام أن يكون حريصاً على أداء الصلاة على أكمل وجه، وأن يراعي أحوال المأمومين، وأن يحرص على تعليمهم وتوجيههم إلى الخير.

قائمة المصادر والمراجع

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

ضوابط تكرار صلاة الجماعة في المسجد الواحد

المقال التالي

أقوال وحكم عالمية مترجمة

مقالات مشابهة