فهرس المحتويات
أقسام الله بالملائكة
ابتدأت السورة الكريمة بأقسام من الله عز وجل بالملائكة، وذلك لتاكيد وقوع البعث. هذه الأقسام تصف وظائف الملائكة وتفانيهم في طاعة الله.
يقول الله تعالى: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا)، وهي إشارة إلى الملائكة الذين ينزعون أرواح الكفار بشدة وعنف.
ثم يقول: (وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا)، وهؤلاء هم الملائكة الذين يقبضون أرواح المؤمنين برفق ولين.
ويكمل: (وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا)، وهم الملائكة الذين يسبحون في ملكوت السماوات، وينفذون أوامر الله.
ثم يأتي القسم بـ (فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا)، وهم الملائكة الذين يسرعون في تنفيذ أوامر الله والوصول بها.
وأخيراً: (فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا)، وهم الملائكة الموكلون بتدبير شؤون الكون وأمور العباد بأمر الله.
تصوير مشاهد يوم القيامة
توضح الآيات الكريمة بعضاً من أهوال يوم القيامة وما يصاحبها من أحداث جسام.
يقول تعالى: (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ)، أي أن الأرض ستهتز بقوة شديدة في النفخة الأولى، مما يؤدي إلى هلاك كل من عليها.
ثم (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ)، وهي النفخة الثانية التي تعقب الأولى، حيث يبعث الناس للحساب.
(قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ)، تصف الآية حال قلوب الكافرين في ذلك اليوم، حيث تكون خائفة مضطربة.
(أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ)، وتصف ذل وهوان أبصارهم.
يقول الكافرون مستنكرين (أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ)، متعجبين من إمكانية إعادتهم إلى الحياة بعد الموت.
(أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً)، يستبعدون إحياءهم بعد أن تتحول عظامهم إلى رميم.
(قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ)، ويعترفون بأن عودتهم ستكون وبالاً عليهم.
ويختم الله هذا المشهد بقوله: (فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ)، مبيناً أن الأمر كله يسير عليه، فبمجرد صيحة واحدة تقوم القيامة.
(فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ)، أي أنهم يكونون أحياءً على وجه الأرض بعد أن كانوا أمواتاً.
ذكر قصة موسى مع فرعون
تتضمن السورة إشارة إلى قصة النبي موسى عليه السلام مع فرعون كعبرة للمعتبرين، وذلك لتحذير المكذبين برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى* إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً* اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى* فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى* وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى* فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى* فَكَذَّبَ وَعَصى* ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى* فَحَشَرَ فَنادى* فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى* فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى* إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى).
تبدأ الآيات بسؤال النبي محمد صلى الله عليه وسلم على سبيل التنبيه، ثم تسرد خبر موسى وكيف ناداه ربه في الوادي المقدس وأمره بالذهاب إلى فرعون لدعوته إلى التوحيد.
عرض موسى على فرعون التزكية والتطهر من الكفر، وهدايته إلى طريق الله ليخشاه، لكن فرعون كذب وعصى، ثم جمع السحرة لمواجهة موسى، وادعى الألوهية.
فأخذه الله بعذاب الدنيا والآخرة، وفي ذلك عبرة لمن يعتبر.
بيان قدرة الله على إعادة الخلق
تستعرض الآيات دلائل قدرة الله في الكون لإثبات سهولة البعث والإحياء يوم القيامة.
قال تعالى: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها* وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها* وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها* أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها* وَالْجِبالَ أَرْساها* مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ).
تخاطب الآيات الكافرين وتذكرهم بخلق السماوات ورفعها، وتزيينها بالكواكب، وجعل الليل مظلماً والنهار مضيئاً، وبسط الأرض وإخراج الماء والمرعى منها، وتثبيت الجبال، وكل ذلك دليل على قدرة الله على إحياء الموتى.
تبيان جزاء الفريقين في الآخرة
توضح الآيات مصير المؤمنين والكافرين وجزاء كل منهم في الآخرة.
قال تعالى: (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى* يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى* وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى* فَأَمَّا مَنْ طَغى* وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى* وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى).
عندما تأتي القيامة ويتذكر الإنسان عمله، فإن من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن مصيره جهنم، وأما من خاف ربه ونهى نفسه عن الهوى فإن مصيره الجنة.
معرفة وقت قيام الساعة
تختتم السورة ببيان أن علم الساعة خاص بالله وحده، وأن مهمة النبي صلى الله عليه وسلم هي الإنذار.
يقول تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها* فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها* إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها* إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها* كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها).
يسأل الناس النبي صلى الله عليه وسلم عن موعد الساعة، فيبين الله أن علمها عنده وحده، وأن مهمة النبي هي إنذار من يخشاها، وأن الكافرين يوم يرونها يستشعرون أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا يوماً أو بعض يوم.