فهم مفهوم الحال في علم النحو
لغةً، الحال هي ما يُوصف به الشخص من خير أو شرّ.[1] أما اصطلاحًا، يُعرّفها النحاة بأنها وصفٌ زائد يُبيّن هيئة الاسم الموصوف. ففي قولنا “رجع المسافر سعيدًا”، و”جاء خالد غاضبًا”،[2] نجد أن “سعيدًا” و”غاضبًا” هما حالان تصفان هيئة المسافر وخالد على الترتيب. وقد أضاف ابن هشام إلى هذا التعريف بُعدًا مهمًا، مُحددًا إياها بأنها وصف زائد يُجيب على سؤال “كيف؟”، كما في قولنا “ضربت اللص مكتوفًا”. والجدير بالذكر أن الحال دائمًا تكون منصوبة.[3]
يُشير النحاة إلى أن الحال “فضلة”، أي لفظ زائد. لكن هذا لا يعني إمكانية الاستغناء عنه، ففي قوله تعالى: ﴿وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا﴾،[4] حذف كلمة “مرحًا” يُفسد المعنى المقصود. فالجملة “لا تمش في الأرض” مفيدة، لكنها لا تحمل نفس المعنى المراد. يجب التنبه لهذا المعنى الدقيق الذي يقع فيه الكثير من اللبس.[3] ويُلاحظ أنَّ اللغة الفصحى تُؤنث كلمة “الحال”، فالأصح “حال حسنة”، وليس “حال حسن”، وهذا ما أكده العديد من علماء اللغة، منهم ابن هشام.[5]
من هو صاحب الحال؟
بما أن الحال تصف هيئة شخص أو شيء، فمن الضروري تعريف “صاحب الحال”، وهو ما تُوصف حالته. في جملة “استيقظ الطفل باكيًا”، الطفل هو صاحب الحال، لأن البكاء وصف لحالته.[2] عادةً ما يكون صاحب الحال معرفة، لكن اللغة العربية أجازت استخدامه نكرة في حالات محددة، مثل: وجود نفي أو نهي أو استفهام قبله، كقولنا “ما في البيت من أحدٍ مستيقظًا”. أو تأخر صاحب الحال عن الحال، كما في “أتاني مستنجدًا مسرعٌ فأدركته”. أو إذا كان صاحب الحال متخصصًا بوصف، مثل “قام رجل مسنٌ قاصدًا المدير”، أو إضافة، مثل “تحل علينا تسعة أيامٍ عصيبةً”. كما يُجوز أن يكون الحال جملة مقترنة بالواو، مثل “مررت على مدرسةٍ وهي مليئةٌ بالزينة”.[2]
تنوع أنواع الحال
تتنوع أنواع الحال، وهذا يدل على غنى اللغة العربية ومرونتها.[6]
الحال المفرد
هو الحال الذي ليس جملة ولا شبه جملة.[6] مثال ذلك قول الله تعالى: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا﴾.[7]
الحال الجملة
تكون الجملة الفعلية أو الاسمية في محل نصب حال.[2] مثال الجملة الفعلية قول الله تعالى: ﴿وَجاءوا أَباهُم عِشاءً يَبكونَ﴾،[8] ومثال الجملة الاسمية قول الله تعالى: ﴿لَئِن أَكَلَهُ الذِّئبُ وَنَحنُ عُصبَةٌ﴾.[9] يجب أن يكون هناك رابط بين جملة الحال وصاحبها، إما ضمير عائد أو حرف الواو.[2]
الحال شبه الجملة
يكون الظرف أو الجار والمجرور في موقع الحال.[2] مثال الظرف: “رأيت النجم بين الغيوم”، ومثال الجار والمجرور قول الله تعالى: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ﴾.[10]
الخصائص البارزة للحال
استنبط النحاة خصائصًا متعددة للحال، منها: عدم ثباتها دائمًا، كقولنا “جاء محمد راكضًا”، فالركض ليس وصفًا دائمًا لمحمد. وكذلك اشتقاقها من مصدر، كقولنا “أكلت واقفًا”، فالوقوف مشتق من مصدر “قام”. غالبًا ما تكون نكرة، وصاحبها لا يكون نكرة إلا بشرط.[11]
إعراب الحال
إعراب الحال ثابت، وهو النصب، لكن طريقة النصب تختلف حسب نوع الحال:
إعراب الحال المفرد
تنصب الحال المفردة بالفتحة، كما في قوله تعالى: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا﴾،[7] حيثُ “خائفًا” حال منصوبة. وكذلك في “أكل الغلام مسرعًا”، و”خرجت من المنزل غاضبةً”.[6]
إعراب الحال الجملة
الجمل الاسمية والفعلية التي تكون حالًا تُعرب نصبًا. في قوله تعالى: ﴿وَجاءوا أَباهُم عِشاءً يَبكونَ﴾،[8] “يبكون” جملة فعلية في محل نصب حال. وفي قوله تعالى: ﴿لَئِن أَكَلَهُ الذِّئبُ وَنَحنُ عُصبَة﴾،[9] “نحن عصبة” جملة اسمية في محل نصب حال. كذلك في “تدور الأرض وهي مسيّرة”، و”أتى المعلمون يبشرون”.[12]
إعراب الحال شبه الجملة
شبه الجملة من الجار والمجرور، أو الظرف، تكون متعلقة بمحذوف حال منصوب. في قوله تعالى: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ﴾،[10] “في زينته” متعلقة بمحذوف تقديره “متحليًا”. وفي “رأيت النجم بين الغيوم”، “بين الغيوم” متعلقة بمحذوف تقديره “مستقرًا”.[12] يُعتبر إعراب شبه الجملة مسامحةً نحوية، فهي لا تُعرب نصبًا مباشرة، بل تُعرب بناءً على المحذوف الذي تدل عليه.[12]
تمارين تطبيقية
استخرج الحال من الجمل التالية وحدد نوعها:
- قال تعالى: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا﴾:[13] (ضاحكًا) حال مفرد.
- قال تعالى: ﴿وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾:[14] (أذلة) حال مفرد، (وهم صاغرون) حال جملة اسمية.
- قال تعالى: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ﴾:[15] (يلعبون) حال جملة فعلية.
- قال تعالى: ﴿جِئتَ عَلى قَدَرٍ يا موسى﴾:[16] (على قدر) حال شبه جملة جار ومجرور.
- رأيت الرجل بين الأطفال: (بين الأطفال) حال شبه جملة ظرفية.
المراجع
- إبراهيم البيجوري، فاح رب البرية على الدرة البهية نظم الآجرومية، صفحة 148. بتصرّف.
- مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية، صفحة 556-557. بتصرّف.
- أحمد السجاعي، حاشية السجاعي على شرح قطر الندى وبل الصدى، صفحة 448-450. بتصرّف.
- سورة الإسراء، آية:37
- ابن هشام الأنصاري، شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، صفحة 247. بتصرّف.
- خالد عبد العزيز، النحو التطبيقي، صفحة 481.
- سورة القصص، آية:21
- سورة يوسف، آية:16
- سورة يوسف، آية:14
- سورة القصص، آية:79
- ابن هشام الأنصاري، شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب.، صفحة 251-254.
- خالد عبد العزيز، النحو التطبيقي، صفحة 483-484.
- سورة النمل، آية:19
- سورة النمل، آية:37
- سورة الدخان، آية:9
- سورة طه، آية:40
- سورة الزمر، آية:9
المقطع | العنوان |
---|---|
فهم مفهوم الحال في علم النحو | معنى الحال في النحو |
من هو صاحب الحال؟ | صاحب الحال |
تنوع أنواع الحال | أنواع الحال |
الخصائص البارزة للحال | خصائص الحال |
إعراب الحال | إعراب الحال |
تمارين تطبيقية | تمارين |
المراجع | المصادر |