المحتويات
مقدمة حول السورة
سورة المدثر هي من أوائل السور التي نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة. تعالج هذه السورة مواضيع مهمة تتعلق بالدعوة الإسلامية، وتحذير الكفار، ووصف النار، وأحوال الناس يوم القيامة. السورة مليئة بالعبر والعظات التي يجب على كل مسلم أن يتعلمها ويتدبرها.
توجيهات للنبي في بداية الدعوة
تبدأ السورة بنداء من الله عز وجل للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتحثه على القيام بالدعوة وتبليغ رسالة الإسلام. يقول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ* وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ* وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ* فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ* فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ}.
هذه الآيات تأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقيام والإنذار، وتعظيم الله وحده، وتطهير الثياب من النجاسات، واجتناب الأصنام والأوثان. كما تحثه على عدم المنّ بالعطاء، والصبر في سبيل الله. وتذكره بيوم القيامة وأهواله.
إنذار لقوم كفار قريش
تتضمن السورة تهديدًا شديدًا لكفار قريش الذين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم وعارضوا دعوته. يذكر الله تعالى قصة الوليد بن المغيرة الذي أنعم الله عليه بالنعم الكثيرة، ولكنه جحد بها وكذب بآيات الله. يقول الله تعالى:
{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً* وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً* وَبَنِينَ شُهُوداً* وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً* ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ* كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً* سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً* إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ نَظَرَ* ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ* ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ* فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ}.
هذه الآيات تصف الوليد بن المغيرة الذي أنعم الله عليه بالمال والبنون، ولكنه استكبر وعاند الحق، واتهم القرآن بأنه سحر، فاستحق بذلك العذاب الشديد.
تصوير جهنم
تصف السورة جهنم وأهوالها وعذابها الشديد، لعل الكفار يرتدعون ويتوبون. يقول الله تعالى:
{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ* لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ* لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ* عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ* وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ}.
تصف هذه الآيات جهنم بأنها نار عظيمة لا تبقي ولا تذر، وأن عليها تسعة عشر ملكًا من الملائكة الغلاظ الشداد. وأن هذا العدد فتنة للكافرين، وزيادة في إيمان المؤمنين.
ويقول الله تعالى أيضًا:
{كَلاَّ وَالْقَمَرِ* وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ* وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ* إِنَّهَا لإحْدَى الْكُبَرِ* نَذِيراً لِلْبَشَرِ* لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}.
هذه الآيات تقسم بالقمر والليل والصبح، وأن جهنم هي إحدى الكبر، وهي نذير للبشر، فمن شاء فليتقدم بالإيمان والعمل الصالح، ومن شاء فليتأخر بالكفر والمعصية.
حديث أهل الجنة مع أهل النار
تصف السورة حوارًا بين أهل الجنة وأهل النار، حيث يسأل أهل الجنة أهل النار عن سبب دخولهم النار. يقول الله تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ* إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ* فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ* عَنِ الْمُجْرِمِينَ* مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ* حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ}.
يجيب أهل النار بأنهم لم يكونوا من المصلين، ولم يكونوا يطعمون المسكين، وكانوا يخوضون مع الخائضين، وكانوا يكذبون بيوم الدين حتى أتاهم الموت.
المعرضون عن آيات القرآن
تصف السورة حال المعرضين عن القرآن الكريم، وأنهم يهربون منه كما تهرب الحمر الوحشية من الأسد. يقول الله تعالى:
{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ* كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ* فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ* بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً* كَلا بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ* كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ}.
هذه الآيات تصف إعراض الكفار عن القرآن الكريم، وأنهم لا يخافون الآخرة، وأن القرآن تذكرة وموعظة.
القرآن عظة وذكرى
تختتم السورة بالتأكيد على أن القرآن الكريم هو موعظة وذكرى، وأن الله تعالى هو أهل التقوى وأهل المغفرة. يقول الله تعالى:
{فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ* وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ}.
هذه الآيات تدعو الناس إلى تذكر القرآن الكريم والعمل به، وأن الله تعالى هو الذي يهدي من يشاء ويغفر لمن يشاء.
العظات المستخلصة من سورة المدثر
- أهمية الدعوة إلى الله تعالى وتبليغ رسالة الإسلام.
- وجوب تطهير الظاهر والباطن.
- التحذير من عذاب النار وأهوال يوم القيامة.
- الإقبال على القرآن الكريم وتدبر معانيه.
- الإخلاص في العبادة والتقوى لله تعالى.