سُموّ الهمم: طريق الرقي والكمال

استكشاف مفهوم سمو الهمم، وأهميته في الوصول إلى مراتب عليا في العبادة والمعرفة، والسير على نهج الصحابة والتابعين، بالإضافة إلى أسباب تعزيزها.

فهرس المحتويات

البندالرابط
معنى سمو الهمممعنى سمو الهمم
أهمية سمو الهممأهمية سمو الهمم
سمو الهمم في العبادةسمو الهمم في العبادة
البحث عن الحقالبحث عن الحق
اتباع نهج السلف الصالحاتباع نهج السلف الصالح
التميز العلميالتميز العلمي
القرآن الكريم والسنة النبويةالقرآن الكريم والسنة النبوية
مراتب سمو الهمممراتب سمو الهمم
طرق تنمية سمو الهممطرق تنمية سمو الهمم

فهم مفهوم سمو الهمم

يُعرّف الرازي الهمة اللغوية بأنها: “الهمة واحدة الهمم، يقال: فلان بعيد الهمة، بكسر الهاء وفتحها، وهمَّ بالشيء أراده”،[١] بينما يوضح الجرجاني تعريفها الاصطلاحي بقوله: “توجه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحق، لحصول الكمال له أو لغيره”.[٢] يمثل سمو الهمم إذن، الطموح العالي والنية الصادقة في السعي لتحقيق الأهداف السامية، سواء على الصعيد الشخصي أو المجتمعي.

أثر سمو الهمم على الفرد والمجتمع

ترتقي المجتمعات بقدر ما ترتقي همم أفرادها. فأصحاب الهمم العالية يسعون دائماً للإتقان، ويُسارعون في فعل الخير، ويتطلعون إلى أعلى المراتب. إنّهم قدوة حسنة لهم، وهم من يُحيي الأمم. لا يرضى صاحب الهمة العالية بما هو دون الأفضل، بل يطمح دائماً إلى القمة. والنفوس العظيمة لا تعرف التعب بل تتطلع إلى أعلى مراتب النجاح في الخير والفلاح.[٣]

سمو الهمم في مجال العبادة

يتجلى سمو الهمم في العبادة بالاجتهاد في أداء الفرائض ثم النوافل. فالمسلم يؤدي الصلاة المفروضة، ثم يُضيف إليها السنن، ويُكثر من قيام الليل والتهجد، ويُؤدي الزكاة ثم يتصدق بزيادة عنها. وهكذا في سائر العبادات، ساعياً إلى مراتب أعلى من المحبة والقرب من الله تعالى.[٤]

السعي الدؤوب وراء الحق

يُجاهد المسلم في طلب الحق مهما كلفه ذلك من جهدٍ وتضحية. وقدوة لنا الصحابة الكرام الذين ضحوا بكل غالٍ ونفيس في سبيل الحق، مُقدمين رضوان الله على كل شيء.[٥]

اقتداء بالسلف الصالح

كان الصحابة أصحاب همم عالية. ومن أمثلتهم ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه، الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: “(كُنْتُ أبِيتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأتَيْتُهُ بوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ فَقالَ لِي: سَلْ فَقُلتُ: أسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. قالَ: أوْ غيرَ ذلكَ؟ قُلتُ: هو ذَاكَ. قالَ: فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ).[٦] وكذلك عمرو بن الجموح الذي رغم عجزه، أصرّ على المشاركة في غزوة أحد حتى يدخل الجنة كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:(مَهلًا يا عُمَرُ فإنَّ منهم مَن لو أقسَم على اللهِ لَأبَرَّه: منهم عمرُو بنُ الجَموحِ يخُوضُ في الجنَّةِ بعَرْجَتِه).[٧]

الطلب الدائم للعلم

لا يتوقف المسلم عن طلب العلم، من المهد إلى اللحد. فالعلم من أعظم وسائل الارتقاء وتحقيق الكمال. وقد رفع الله أهل العلم مراتب عالية، ووصَفهم بأنهم أكثر الناس خشية له، كما أمرنا بقوله تعالى:﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾.[٨]

القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة

يُحثّنا القرآن الكريم على الاجتهاد والسعي في سبيل الله بقوله تعالى:﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾.[٩] ويُبشّرنا بقوله تعالى:﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾.[١٠] كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:(إذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فإنَّه أوْسَطُ الجَنَّةِ، وأَعْلَى الجَنَّةِ).[١١] ويُبين لنا أهمية جمع الخير بقوله صلى الله عليه وسلم:(مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن أطْعَمَ مِنكُمُ اليومَ مِسْكِينًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ).[١٢]

مختلف درجات سمو الهمم

تتعدد درجات سمو الهمم، منها:[١٣] الطموح إلى الفردوس الأعلى، والسعي لمرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وحب ما يحبه الله ورسوله، والإكثار من النوافل، والاجتهاد في طلب العلم، وأداء الصلوات بهمة عالية في أول وقتِها.

طرق تنمية سمو الهمم

أعظم باعث على سمو الهمم هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى. فهو يقوي الإدراك، ويُشحذ القريحة. فكلما قوي الإيمان، علت الهمم. كما أنّ الصحبة الصالحة لها دورٌ كبيرٌ في تنمية الهمم، وتدبر سير أصحاب الهمم العالية يُشحذ العزيمة ويُقوي الإرادة.[١٤] [١] محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، صفحة 705.

[٢] علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني، التعريفات، صفحة 275.

[٣] محمد بن موسى الشريف، الهمة طريق القمة، صفحة 27. بتصرّف.

[٤] محمد إسماعيل المقدم، علو الهمة، صفحة 209. بتصرّف.

[٥] محمد إسماعيل المقدم، علو الهمة، صفحة 298. بتصرّف.

[٦] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ربيعة بن كعب الأسلمي، .

[٧] رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن جابر بن عبد الله، .

[٨] سورة طه، آية:114

[٩] سورة الأحزاب، آية:23

[١٠] سورة آل عمران، آية:133

[١١] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، .

[١٢] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، .

[١٣] مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية الدرر السنية، صفحة 445. بتصرّف.

[١٤] حسين بن محمد المهدي، صيد الأفكار، صفحة 33.

Total
0
Shares
المقال السابق

تأثير علم الوراثة على حياتنا: من الفهم إلى العلاج

المقال التالي

أهمية مشاركة المرأة في سوق العمل

مقالات مشابهة