سيرة جان دو لافونتين: حياة ومسيرة الكاتب الفرنسي

استكشاف حياة جان دو لافونتين، مساهماته الأدبية، تأثير طفولته، ونشر قصصه الخيالية الشهيرة، بالإضافة إلى تلقّي أعماله في العالم العربي.

بدايات جان دو لافونتين وحياته

وُلد جان دو لافونتين (1621-1695) في منطقة شامبين بفرنسا، لعائلة من أصل برجوازي. كان والده، تشارلز دي لافونتين، مديرًا في قصر ملكي، ووالدته، فرتسواز بيدو، من أصل أرستقراطي. تلقى تعليمه الأولي في اللاهوت، ثمّ درس القانون. تزوج ماري هيريكارت، لكنّ الزواج لم يدم طويلًا وانفصل عنها عام 1658، مُنجبًا منها ولدًا واحدًا فقط.

مسيرة لافونتين في كتابة الخرافات

يُعتبر لافونتين من أعظم شعراء فرنسا الغنائيين في القرن السابع عشر. تميّز بأسلوبه الشعري الفريد، واشتهر بكتاباته في مجال الخرافات والأساطير. في عام 1668، نشر ستة كتب من الخرافات الشعرية، والتي تُمثل ذروة إنجازه الأدبي. كان لافونتين كاتبًا غزير الإنتاج، كتب الشعر، والقصائد، والرسائل، والحكايات، والتمثيليات، متنوعًا في أغراضه الشعرية بين المديح، والرثاء، والغزل. إلا أن شهرته الكبرى جاءت من براعته في كتابة الخرافات.

مراحل نشر مؤلفات لافونتين

نشر لافونتين كتبه في باريس على مرحلتين: المرحلة الأولى (1668) شملت 144 قصة في ستة كتب، نالت استحسانًا كبيرًا. المرحلة الثانية، شملت باقي القصص (133 قصة) في ستة كتب أخرى، ظهرت أول خمسة كتب منها عام 1677، بينما صدر الكتاب الأخير عام 1693، قبل وفاته بعامين. قدّم لافونتين هذه الكتب إلى ولي عهد فرنسا بهدف تسلية الأمير وتقديم دروس أخلاقية له. استلهم لافونتين من مصادر عديدة، منها إيسوب، وفيدر، وبيدبا، بالإضافة إلى أدباء القرن السادس عشر، وحتى كتاب كليلة ودمنة الذي اقتبس منه حوالي 20 حكاية.

طفولة لافونتين وتأثيرها على كتاباته

أمضى لافونتين طفولته ومراهقته في الريف الفرنسي، حيث تعلم اللغة اللاتينية جيدًا. لعبت هذه الفترة دورًا كبيرًا في تشكيل مستقبله الأدبي. في عام 1641، انتقل إلى باريس لمواصلة دراسته، قبل أن يختار الكتابة مهنة له. أظهر منذ صغره ذكاءً فائقًا وحبًا للأدب. حياته الريفية المبكرة أثرت بشكل كبير في تطوير موهبته الأدبية. كرس حياته للكتابة، وأصبح مقربًا من الدوائر الأدبية، معروفًا بكتاباته المسرحية، وقصائده، وخرافاته. قرأ لافونتين بكثرة لأدباء القرن السادس عشر، وعصر النهضة، والقرون الوسطى، بالإضافة إلى شعراء لاتينيين مثل تيرانس وفرجيل، ويونانيين مثل أفلاطون. ساهمت هذه القراءة الواسعة في صقل أسلوبه الأدبي والفكري.

لافونتين في الأدب العربي

تلقّى الأدباء العرب أعمال لافونتين عبر الترجمة، كأهم وسيلة لنقل الآداب بين الشعوب. من أبرز من تأثروا به:

الكاتبمساهمته
جبرا إبراهيم جبرانقام بأول ترجمة لأعمال لافونتين للعربية (55 حكاية)
محمد عثمان جلالينقل حوالي 200 حكاية في كتابه “العيون اليواقظ”
أحمد شوقياقتبس بعض الحكايات وأعاد صياغتها شعريًا لفترة قصيرة

أعمال و مؤلفات لافونتين

من أهم مؤلفات لافونتين:

  • كتاب “الثعلب والغراب” (1668)
  • كتاب “الخرافات المختارة” (1668-1693)
  • كتاب “مائة خرافة من لافونتين” (1900)
  • كتاب “العالم مليء بالغباء” (من ضمن سلسلة من 46 كتابًا)

الآراء النقدية حول أعمال لافونتين

حظيت كتابات لافونتين بإعجاب وتقدير كبيرين، لكنها واجهت أيضًا انتقادات لاذعة من بعض النقاد، مثل:

  • روسو: اعتبر أن كتابات لافونتين تفتقر إلى المعرفة والإدراك، وتُعلّم الأطفال الأحكام الجاهزة، وتشجع على المداهنة والرياء والكذب.
  • فولتير: رأى أن أعمال لافونتين مجرد تجديد فاشل، شوّه اللغة وحطم القواعد التقليدية.
  • لامارتين: وصف أعمال لافونتين بأنها شعر ركيك، لا يليق بالعقول الإنسانية.
  • بوالو: لم يذكر أعمال لافونتين في كتابه “فن الشعر”، واعتبره مقلدًا للأدباء القدماء.

وفاة جان دو لافونتين

توفي جان دو لافونتين في باريس في 13 أبريل 1695، عن عمر يناهز 74 عامًا، بعد مرض أصابته في سن الشيخوخة، مما دفعه إلى مراجعة بعض مواقفه السابقة.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

فيلسوف التنوير: حياة وأفكار جان جاك روسو

المقال التالي

روائع جبال دانكسيا الملونة في الصين

مقالات مشابهة