فهرس المحتويات
نبذة عن سعد بن معاذ |
سعد في غزوة بدر |
موقفه في غزوة أحد |
بطولاته في غزوة الخندق |
المراجع |
حياة سعد بن معاذ: نموذج الإيمان والتضحية
كان سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري الأشهلي، سيد قومه من الأوس، زعيم بني عبد الأشهل. تميز بطول قامته وبياض بشرته، ووسامة وجهه، وحسن خلقه ولحيته. أسلم في سن الواحدة والثلاثين، قبل الهجرة بسنة، على يد مصعب بن عمير رضي الله عنه، وتبعه قومه للإسلام في اليوم نفسه. شارك في العديد من الغزوات، واستشهد في غزوة الخندق عن عمر يناهز سبعة وثلاثين عاماً. وقد قال عنه رسول الله ﷺ عند وفاته: (اهتزّ العرشُ لموت سعد بن معاذ). [١] وقد صلى عليه ودُفن في البقيع. [٢]
مشاركة سعد بن معاذ في غزوة بدر: الولاء والبيعة
يُعدّ موقف سعد بن معاذ في غزوة بدر من أبرز الأمثلة على التضحية والجهاد في سبيل الله. قبل المعركة، سأل النبي ﷺ الأنصار عن رأيهم قائلاً: (أشيروا عليّ أيها الناس). كان النبي ﷺ يريد التأكد من موافقتهم على قتال قريش خارج المدينة، بعدما بايعوه في العقبة الثانية على حمايته من الأعداء داخل المدينة. فأجاب سعد بن معاذ رضي الله عنه: (والله لكأنّك تريدنا يا رسول الله). فعندما أكد النبي ﷺ ذلك، قال سعد: (فقد آمنّا بك، وصدّقناك، وشهدنا أنّ ما جئت به هو الحقّ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامضِ يا رسول الله لما أمرك الله، فوالذي بعثك بالحق، إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما يتخلّف منا رجلٌ واحدٌ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنّا لصُبُرٌ في الحرب، صُدُقٌ عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقرّ به عينك، فَسِر بنا على بركة الله). وقد سر النبي ﷺ بهذا الرد، وشارك سعد بن معاذ في حماية النبي ﷺ خلال المعركة.
شجاعة وثبات: سعد بن معاذ في غزوة أحد
تُعَدّ غزوة أحد من أصعب المواقف التي واجهها المسلمون. تسبب تغير مسار المعركة من نصر ساحق إلى تقهقر في حدوث اضطراب كبير، وانتشر خبر استشهاد النبي ﷺ خطأً في صفوف المسلمين، مما أدى إلى انسحاب البعض. لكن سعد بن معاذ رضي الله عنه، كان من بين من ثبتوا. وعندما رأى انسحاب بعض المسلمين، قال أنس بن النضر رضي الله عنه: (اللهم إنّي أعتذر إليك عمّا صنع هؤلاء -يعني أصحابه- وأبرأُ إليك ممّا جاء به هؤلاء -يعني المشركين-). ثمّ توجه نحو الكفار ليقاتلهم. قابله سعد بن معاذ عند أحد، فقال أنس: (يا سعد بن معاذ الجنة وربّ النضر، إنّي أجد ريحها من دون أُحد). فردّ سعد: (فما استطعت يا رسول الله ما صنع). [٤] أثنى سعد على شجاعة أنس، واعترف بعدم قدرته على مجاراته، موضحاً صدقه مع الله ورسوله رغم ضعفه. رفع الله قدره بذلك في نظر النبي ﷺ والصحابة.
حكمة وقدرة: سعد بن معاذ في غزوة الخندق
أبلى سعد بن معاذ بلاءً حسناً في غزوة الخندق. بعد انسحاب قريش وحلفائها، أمر النبي ﷺ بالتوجه إلى يهود بني قريظة. حاصرهم المسلمون، وطلبوا حكم سعد بن معاذ، الذي كان مصاباً بسهم في عينه، يتعالج في خيمة بالمسجد. أرسل النبي ﷺ للاستماع لحكمه، فقال سعد: (فإنّي أحكمُ فيهم أن تُقتل المقاتلِة، وأن تُسبى الذرية والنساء، وتُقسّم أموالهم). قال رسول الله ﷺ: (لقد حكمتَ فيهم بحكمِ اللهِ عزّ وجلّ). بعد ذلك، وهو يتعافى من جراحه، دعا سعد: (اللهم إنّك تعلم أنّ ليس أحدٌ أحبّ إليّ أن أجاهدَ فيك، من قومٍ كذّبوا رسولك -صلّى الله عليه وسلّم- وأخرجوهُ، اللهمّ فإن كان بقيَ من حرب قريشٍ شيءٌ فأبقني أجاهدهم فيك، اللهم فإنّي أظنّ أنّك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فأفجرها واجعل موتي فيها). ثمّ انفجر جرحه ونزف حتى استشهد. [٦][٧]