سيرة الإمام عبد الحميد بن باديس: رائد النهضة الجزائرية

رحلة حياة الإمام عبد الحميد بن باديس، من نشأته في قسنطينة إلى دوره الريادي في النهضة الجزائرية، ومساهماته في التعليم، الصحافة، والسياسة.

فهرس المحتويات

الجزائر تحت نير الاحتلال الفرنسي
نشأة العالم الجليل عبد الحميد بن باديس
رحلة بن باديس في طلب العلم والمعرفة
مساهمات الإمام عبد الحميد بن باديس في النهضة
وفاة الإمام عبد الحميد بن باديس

الجزائر تحت نير الاحتلال الفرنسي

يشهد تاريخ الجزائر الحديث محاولات متكررة للتغيير الممنهج لهوية الشعب الجزائري وثقافته ودينه. يبرز صمود الشعب الجزائري في الدفاع عن هويته الإسلامية العربية. تذكر كتب التاريخ تصريحات سكرتير الجنرال الفرنسي بيجو عقب التخطيط لاحتلال الجزائر، حيث أعلن أن أيام الإسلام في الجزائر أصبحت معدودة.[1] وقد حققت هذه المؤامرات نجاحًا جزئيًا، حيث تدهورت الأحوال الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والدينية، وتعرضت اللغة العربية للتهميش لصالح الفرنسية، وانتشر التطرف الديني والخرافات. إلا أن ثلة من العلماء والمجاهدين أشعلت شعلة النهضة من جديد، وكان من أبرزهم الشيخ عبد الحميد بن باديس، الذي قاد حركة إصلاحية واسعة النطاق، تاركًا إرثًا علميًا وفكريًا وثقافيًا باقيًا حتى يومنا هذا.[1]

نشأة العالم الجليل عبد الحميد بن باديس

ولد عبد الحميد بن محمد بن مكي بن باديس في الرابع من ديسمبر عام 1889م في مدينة قسنطينة، الجزائر. يُعتبر من رواد النهضة الإسلامية في الجزائر والعالم العربي، وينحدر من أسرة عريقة ذات مكانة اجتماعية مرموقة معروفة بعلمها وثرائها في المغرب العربي. ساعدته هذه المكانة على التفرغ الكامل لخدمة أمته وبناء نهضة مبنية على التمسك بالدين الإسلامي ومقاومة الاحتلال.[2]

رحلة بن باديس في طلب العلم والمعرفة

نشأ بن باديس في أسرة محافظة، حرص والده على تعليمه وتنشئته أحسن تنشئة، فبدأ دراسته الابتدائية في قسنطينة، حيث تعلم مبادئ الدين الإسلامي واللغة العربية، وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ حمدان الونيسي في سن الثالثة عشر، وصلى صلاة التراويح إمامًا للناس.[2] في عام 1908م، التحق بجامع الزيتونة في تونس، حيث درس على يد علماء كبار أمثال محمد النخلي والشيخ الطاهر بن عاشور، مكث هناك ثلاث سنوات، ثم درّس في الجامع عامًا آخر. ثم توجه إلى الحجاز عام 1913م لأداء فريضة الحج، والتقى هناك بعلماء كبار، منهم الشيخ محمد البشير الإبراهيمي. ثم سافر إلى سوريا، لبنان، ومصر، حيث التقى بعلماء مصريين، مثل الشيخ محمد بخيت المطيعي.[3]

مساهمات الإمام عبد الحميد بن باديس في النهضة

ساهم بن باديس في مجالات متعددة، أبرزها:

  • التعليم: اتفق مع الشيخ البشير الإبراهيمي على إطلاق حركة إصلاحية تربوية عقب عودتهما إلى الجزائر. بدأ بن باديس بإلقاء دروسه في المسجد الكبير بقسنطينة، ثم انتقل إلى المسجد الأخضر. تزايد عدد تلاميذه حتى تأسست مدارس متعددة، خرّجت قادة حركة النهضة الجزائرية.
  • الصحافة: أسس صحيفة “المنتقد” عام 1925م، ليُحدث نقلة نوعية في الفكر والثقافة الجزائرية، مع العلم أن الاحتلال كان قد أنشأ صحفًا عربية ضعيفة المحتوى.
  • السياسة: أثار مشاركته في العمل السياسي جدلًا واسعًا. كتب مقالات يؤكد فيها أهمية مشاركة العلماء في الشأن العام، وعقد مؤتمرات جمعت مختلف الأحزاب والاتجاهات الفكرية. واجه حملات نقدية لإدراكه بأنّ المسلمين تأخروا عن ركب الحضارة بسبب إبعاد العلماء عن مواقع صنع القرار. استمر نشاطه السياسي حتى وفاته، حيث جمع علماء ودعاهم للجهاد ضد الاحتلال قبل رحيله.

وفاة الإمام عبد الحميد بن باديس

توفي الشيخ عبد الحميد بن باديس – رحمه الله – في مدينة قسنطينة في السادس عشر من أبريل عام 1940م بسبب مرض مفاجئ. شهدت الجزائر جنازة تاريخية شارك فيها الآلاف من مختلف أنحاء البلاد.[2]

[1] مصطفى محمد حميداتو (1998)،”عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية”، كتاب الأمّة، العدد 57، صفحة 39-41. بتصرّف.

[2] د. فهمي مقبل، عبد الحميد بن باديس رائد الإصلاح والنهضة في تاريخ الجزائر الحديث، الأردن: جامعة البتراء، صفحة 4، 30. بتصرّف.

[3] مازن مطبقاني (1999)، عبد الحميد بن باديس العالم الرباني والزعيم السياسي (الطبعة الثانية)، دمشق: دار القلم، صفحة 31 – 36، 51 – 54، 68 – 70، 85 – 93. بتصرّف.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

نظرة شاملة على دين الإسلام

المقال التالي

السُّلطان عُثمان الأول: مؤسس الدولة العثمانية

مقالات مشابهة

استعراض سيارات اليابان: تاريخ، أنواع، وعلامات تجارية بارزة

نظرة متعمقة في تاريخ صناعة السيارات اليابانية، مع التركيز على أشهر العلامات التجارية وأنواع السيارات اليابانية، بالإضافة إلى لمحة عن التطورات التكنولوجية في هذا المجال.
إقرأ المزيد