سيرة الإمام النووي: حياة وعلم وإرث

نظرة متعمقة في حياة الإمام النووي، مولده، نشأته، عبادته، علمه، مؤلفاته، وأثره البالغ على الفكر الإسلامي.

فهرس المحتويات

المبحثالرابط
نسبه وحياته المبكرةنسبه وحياته المبكرة
تكوينه الروحي والأخلاقيتكوينه الروحي والأخلاقي
عطائه العلمي ومسيرته التعليميةعطائه العلمي ومسيرته التعليمية
خدماته في المدرسة الرواحيةخدماته في المدرسة الرواحية
شيوخه ونهل العلمشيوخه ونهل العلم
مؤلفاته الخالدةمؤلفاته الخالدة

نشأته ونسب الإمام النووي

يحيى بن شرف بن مري الحزامي النووي، المعروف بأبي زكريا، هو اسم هذا العالم الجليل. وُلد في مدينة نوى بالجولان في سوريا عام ٦٣١ هجريًا، وتوفي عام ٦٧٦ هجريًا. يُنسب إلى نوى مسقط رأسه، ويُعرف بنسبه إلى جده الحزامي. نشأ في بيئةٍ دينيةٍ متينة، حيث حرص والده على توجيهه نحو طلب العلم منذ صغره، مُلاحظًا ذكاءه المبكر وحبه لتلاوة القرآن الكريم، حتى أنه لم يُلهِه العمل التجاري عن حفظ آيات الله.

تقواه وسمو أخلاقه

عُرف الإمام النووي بتقواه العالية وخشوعه لله عز وجل منذ نعومة أظفاره، مما جعله يتجنب اللغو واللهو. أمضى أوقات فراغه في قراءة القرآن الكريم، والعمل الصالح، والتقرّب إلى الله تعالى. كان زاهدًا ورعًا، بعيدًا عن متاع الدنيا ومغرياتها، لا يأخذ منها إلا ما يكفيه لقضاء حاجاته الضرورية. عندما تولّى الإمام النووي مسؤولية دار الحديث، لم يأخذ راتبه المخصص، واكتفى بما يرسله والداه من طعام وشراب وملبس، رافضًا أي هدايا أو مساعدات من الآخرين. وصفه الإمام الذهبي بأنه قليل الطعام والشراب، كثير التقوى والورع، حريص على مراقبة ربه في السر والعلن، متجنبًا شهوات النفس، مع أنه لم يُجبر الناس على اتباع طريقته في الزهد والورع، بل كان ينصحهم به.

رحلته العلمية وإنجازاته

يُشير الإمام الذهبي في كتابه “تاريخ الإسلام” إلى اجتهاد الإمام النووي الشديد في طلب العلم، حيث كان يُكريس وقته كله تقريبًا للدراسة والبحث. برع في حفظ الحديث النبوي الشريف، وتمييز الصحيح من الضعيف، مع فهمٍ عميقٍ لألفاظه ومعانيه، واستخراج الأحكام الشرعية منها. كما كان على درايةٍ واسعةٍ بأقوال الصحابة والتابعين، وخبرةٍ في التفريق بين المسائل المتفق عليها والمختلف فيها.

تجربته في المدرسة الرواحية

في سن التاسعة عشرة، سافر الإمام النووي مع والده إلى دمشق بحثًا عن العلم والمعرفة. التقى هناك بالشيخ عبد الكافي بن عبد الملك الربعي الذي لاحظ حبه للعلم، فأرشده إلى الشيخ عبد الرحمن بن إبراهيم بن الفركاح. بعدها، سكن الإمام النووي في المدرسة الرواحية، التي أسسها التاجر ابن رواحة، ولازَم شيخها كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي. يُروى أن الإمام النووي أمضى سنتين من حياته وهو لا يضع جنبه على الأرض لكثرة انشغاله بالدراسة وقلة نومه. فقد حفظ في أربعة أشهر فقط متن “التنبيه” في الفقه، وحفظ ربع “المهذب” في العبادات، كما شارك في الشرح والتصحيح مع شيخه، مما أثار إعجاب الشيخ بنشاطه وهمته العالية.

أبرز شيوخه

تتلمذ الإمام النووي على يد كوكبة من العلماء الأفاضل، منهم:

  • المحدث الإمام ضياء الدين إبراهيم بن عيسى بن يوسف المرادي.
  • الإمام تقي الدين، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد ابن فضل المعروف بابن الواسطي الصالحي.
  • زين الدين أبو البقاء خالد بن يوسف النابلسي.

وقد بلغ من اجتهاده أنه كان يقرأ يوميًا أحد عشر درسًا، أو اثني عشر درسًا، في مختلف العلوم الشرعية كالفقه والحديث والرجال.

مؤلفاته التي أثرت المكتبة الإسلامية

ترك الإمام النووي إرثًا علميًا غنيًا، من أهم مؤلفاته:

  • تهذيب الأسماء والصفات.
  • منهاج الطالبين.
  • المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج.
  • حية الأبرار (الأذكار النووية).
  • رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين.
  • الأربعون حديثًا النووية.
  • التبيان في آداب حملة القرآن.
  • الإيضاح في المناسك.
  • روضة الطالبين.
  • مختصر طبقات الشافعية لابن الصلاح.
  • المجموع شرح المهذب.

وما زالت مؤلفاته تُدرس وتُدرس إلى يومنا هذا، شهادةً على قيمة علمه وفكره.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

رحلة حياة الإمام البيضاوي: عالم وفقيه ومؤلف

المقال التالي

رحلة في حياة الإمام جلال الدين المحلي

مقالات مشابهة

استكشاف معاني سورة الكهف وفهم مقاصدها

نظرة شاملة لسورة الكهف: التعريف بالسورة وأهدافها, تفسير لآياتها المختلفة, تسليط الضوء على الثناء على الله, الإنذار وأهميته, اختبار الناس, قصة أهل الكهف, وأهمية المداومة على قراءة القرآن الكريم.
إقرأ المزيد