مقدمة
تُعتبر اللغة العربية إحدى اللغات الأكثر انتشارًا في العالم. وفقًا لتصنيف الأمم المتحدة، تحتل اللغة العربية مكانة بين اللغات الست الأكثر استعمالاً. لقد اكتسبت اللغة العربية شهرة واسعة سواء في الكتابة أو المحادثة. وساهمت جهود جامعة الدول العربية في الحفاظ على اللغة العربية من خلال تطوير برمجيات متخصصة بالعربية ومواكبة التطورات الحديثة، مع التركيز على مهارات اللغة الأساسية من قراءة وكتابة ومحادثة واستماع.
السمات الجوهرية للغة العربية
تمتاز اللغة العربية بخصائص وسمات فريدة تميزها عن سائر لغات العالم. من أبرز هذه الخصائص:
- البلاغة والفصاحة: تعني البلاغة خلو الكلام من العيوب اللغوية المعروفة، مثل التنافر بين الكلمات، أو ضعف التأليف اللفظي، أو التعقيد اللفظي والمعنوي.
- الترادف والتنوع: توفر اللغة العربية مجموعة واسعة من الكلمات التي تعطي دلالات متقاربة للمعنى الواحد، مما يمنح المتحدث حرية التعبير بدقة أكبر.
- دلالة الأصوات على المعاني: غالباً ما يرتبط صوت الكلمة العربية بمعناها، مما يسهل فهمها بمجرد سماعها.
- المخزون اللغوي الضخم: تتميز اللغة العربية بثروة هائلة من المفردات. ولا يمكن إحصاء عدد مفردات اللغة العربية بدقة.
- علم العروض: علم يختص بدراسة أوزان الشعر العربي وقواعده.
- التخفيف والإيجاز: تعتمد الكلمات العربية على جذور ثلاثية (وهو أمر نادر في لغات أخرى)، بالإضافة إلى جذور رباعية وخماسية، مما يساهم في إيجاز الكلمات.
- الإعراب وأهميته: يلعب الإعراب دوراً هاماً في تحديد معاني الكلمات وتوضيح العلاقات بينها في الجملة.
الميزات المتفردة في اللغة العربية
تتميز اللغة العربية بخصائص جعلتها فريدة من نوعها بين لغات العالم، وضمنت استمراريتها عبر القرون. ومن هذه الميزات:
- الفخامة: تتصف بعض حروف اللغة العربية بالتفخيم، وهي صفة تعني ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف. هذه الأحرف مجموعة في عبارة “(خُصَّ ضَغطٍ قِظ)”. كما تحتوي اللغة العربية على حروف حلقية لا توجد في لغات أخرى، مثل الهمزة والعين والحاء.
- الإيجاز: يتضح الإيجاز في اللغة العربية من خلال:
- قواعد الإعراب والنحو: الإعراب هو الخاصية الأهم في اللغة العربية، وهو تشكيل نهاية الكلمات وفق موقعها في الجملة. العلامات الإعرابية، سواء كانت حركات أو حروفاً، تغني عن تغيير ترتيب الجملة وتوضح المعنى. على سبيل المثال، في جملة “أوصلْنا سعيداً”، فإن بناء الفعل الماضي (أوصل) على السكون ونصب المفعول به (سعيداً) بتنوين الفتح يدل على موقع سعيد من الإعراب. بالمقارنة مع جملة “أخبرَنا سعيدٌ”، فإن رفع (سعيد) بتنوين الضم يدل على أنه الفاعل.
- الاشتقاق: اللغة العربية غنية بالاشتقاقات؛ حيث تُشتق الكلمات من الحروف نفسها، وتتغير من وزن إلى آخر دون الحاجة إلى كلمة مساعدة، مثل: كاتب، مكتوب، مكتب، ومكتبة.
- غنى الأفعال: الفعل العربي يحافظ على حروفه مهما تغير زمنه، ولكل حدث أو معنى لفظ خاص به، ويدل عليه بإيجاز. ومثال ذلك من يستيقظ مريضاً مثلاً فيقول: أصبحتُ مريضاً، أي استيقظتُ صباحاً، أما إذا قيل مثلاً: أصبحت الأمور أفضل، فإن المقصود أن الأمور صارت أفضل في وقت الصباح؛ فالفعل الواحد قد يؤدي معاني مختلفة حسب الجملة.
- غنى الحروف: حروف اللغة العربية كثيرة ومتعددة المعاني، ولكل حرف في اللغة العربية معنى مقصود، يفيده، ويوجزه، ومن الحروف ما يحمل عدة معانٍ، مثل: أعطني من مالك، فحرف الجر (من) يفيد التبعيض، أي أعطني بعضاً من المال، فقد أوجز المتحدث المعنى المراد، أما إذا قيل: خرجْنا من الخامسة، فحرف الجر (من) يفيد ابتداء الغاية الزمانية للخروج.
- بعض الأساليب اللغوية: مثل تقدير الفاعل من خلال الضمير المستتر، والتقديم والتأخير، والحذف، كتقديم المفعول به على الفاعل، أو تقديم الخبر على المبتدأ؛ بغرض التفاخر، كأن يتفاخر أحدهم بنسبه، أو أصله، أو قبيلته، أو بلده، فيقول: عربيٌّ أنا.
- أشعار العرب، وحديثهم، وأمثالهم الشائعة، التي تدل على المعنى بأقل لفظ؛ وذلك لأنهم لا يحبون التطويل بلا غرض.
- الشعرية: اللغة العربية لغة شاعرة، أي ما تتركه في النفس من شعور مؤثر، ويظهر هذا جلياً واضحاً من خلال الصورة الشعرية، التي تتضح من خلال التشبيه، والاستعارة، والمجاز، والكناية، والإشارة، وكثرة مترادفاتها، وجزالة وفخامة ألفاظها، ورقّتها، ووضوحها، وتناسب مخارج حروفها وأصواتها مع المعنى، كما يشعر السامع عند لفظه لكلمة (حقّ) مثلاً؛ ففي القاف تفخيم، ويشعر السامع بها بتأثير قوة الصوت وفخامته.
- الإعراب: اللغة معربة، أي تتضمن الإعراب والحركات الإعرابية؛ حيث يظهر الإعراب المعاني بسهولة ويسر، كما يزيد من جمالية الكلمات، ويربطها بمعانيها الصحيحة، وهذا أمر لا يوجد في اللغات الأخرى، ولقرينة الحركات الإعرابية أهمية بالغة، وفائدة عظمى، والحركات الإعرابية هي: الفتحة، والكسرة، والضمة، وتعتبر أكثر الحروف في العربية مفتوحة، ومن شاعرية اللفظ أن الفتح هو الأكثر؛ لأنه الأخف، والخفة تكسب الحرف جمالاً، وشاعرية أكثر، تليها الحروف المكسورة، أما الضمة ففيها ثقل.
- الإعجاز: اللغة معجزة؛ إذ يتعذر نقل أو ترجمة كثير من مفرداتها، وخاصة مفردات القرآن الكريم، إلى لغة أخرى تؤدي المعنى المراد نفسه، فإذا كانت العرب قد عجزت عن الإتيان بمثل القرآن في كلامه ومفرداته، فكيف بغير العرب؟؛ لذلك فإن بعض المترجمين استخدموا الكلمات نفسها عند الترجمة من العربية إلى الإنجليزية.
- التعبير: اللغة معبرة؛ فاللفظة العربية تعبر عن المعنى المراد بأوضح وأفضل صورة، وبأدق وأبهى معنى، وعلى سبيل المثال، فإن لكلمة (العيد) في اللغة العربية معنى لم تستطع أي لغة أن تؤديه كما أدته اللغة العربية؛ فكلمة (عيد) تدل على الإعادة، بإعادة العيد وتكراره أعواماً وأعواماً، وهذا ما عجزت عن وصفه أي لغة أخرى، كما وُصف العيد عند بعض الديانات بالوليمة، وهذا يخرج عن المعنى الدقيق للعيد.
- السعة: اللغة العربية واسعة؛ فمفرداتها كثيرة، ولكل مفردة دلالة أو معنى يختلف عن الآخر، فهناك معانٍ عدة للحزن، كالأسى، والترَّح، والشَّجَن، والغَمّ، والوَجْد، والكآبة، والجَزَع، والأسف، واللهفة، والحسرة، والجوى، والحُرقة، واللوعة.
- تناسق الأوزان: الأوزان العربية متناسقة؛ فالأوزان في أغلبها متشابهة، فقد تأتي على وزن معين، مثل: فرِح يفرَحُ افرحْ، ولعِب يلعَبُ العَبْ، أو على الوزن الآتي: خرجَ يخرُجُ اخرُجْ، ودخلَ يدخُلُ ادخُلْ.
- التمييز بين الجنسين: قدرة اللغة العربية على التمييز بين المذكر والمؤنث في اللفظ، وذلك بزيادة التاء المربوطة؛ إذ يقال: قارئ، وقارئة، أما اللغة الإنجليزية، فهي تستخدم اللفظ ذاته للمذكر والمؤنث، كما في كلمة (reader)، وفي المثنى والجمع؛ إذ يقال في العربية: قارئان، وقُرّاء، بينما ترد في الإنجليزية في الحالتين readers .
- الثبات الحر: امتازت اللغة العربية بثباتها عبر العصور؛ فهي صالحة لكل زمان ومكان؛ إذ ما زال العربي قادراً على قراءة النصوص القديمة وفهمها، على عكس اللغة اللاتينية التي اندثرت ونشأت منها اللغات الأوروبية.
- التخفيف اللفظي: لقد لجأ العرب للحذف أحياناً؛ بهدف التخفيف في النطق، مثل: كلمة (ميعاد)؛ حيث إن أصلها بحسب الميزان الصرفي (مِوْعاد)، إلا أنهم حذفوا الواو، وأبدلوها بالياء؛ لتسهيل وتخفيف النطق.
أدوار ووظائف اللغة العربية
تتميز اللغة العربية بمجموعة من الوظائف الهامة، بما في ذلك:
- التعبير: تعتبر اللغة الأداة الرئيسية للتعبير عن الأفكار والمشاعر ونقلها.
- التواصل: تسهل اللغة التواصل الفعال مع الآخرين وتبادل المعلومات.
- التعليم: تستخدم اللغة في التعليم واكتساب المعارف والمهارات المختلفة.
- التدوين: تتيح اللغة تدوين وكتابة الأفكار وتسجيل الأحداث والوقائع.
- الاستمتاع: توفر اللغة وسيلة للاستمتاع من خلال قراءة الأدب والمقالات والقصص.
المصادر والمراجع
- عبدالمجيد عمر (1437)،منزلة اللغة العربية بين اللغات المعاصرة(الطبعة الثانية)، صفحة 79. بتصرّف.
- محمد عبدالشافي القوصي (2016)،”عبقريـة اللغـة العربيـة”،منشورات املنظمة اإلسالمية للرتبية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو، صفحة 60-70. بتصرّف.
- محمد القوصي (2016)،عبقريـة اللغـة العربيـة، المملكة المغربية: إيسيسكو، صفحة 63-78. بتصرّف.
- الشيخ إسماعيل الشرقاوي (25-12-2012)،”في مخارج الحروف وصفاتها”،alukah، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2018.
- أ. د. عبد المجيد عمر (1437)،منزلة اللغة العربية بين اللغات المعاصرة دراسة تقابلية(الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، صفحة 177-188. بتصرّف.
- صادق الهادي (19-11-2011)،”أهمية اللغة العربية ومميزاتها”،alukah، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2018. بتصرّف.
- “طرق تدريس اللغة العربية”،ocw.kku.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2018-8-2. بتصرّف.