مقدمة عن مرحلة الطفولة الوسطى
تُعرف مرحلة الطفولة الوسطى بالفترة العمرية التي تتراوح بين ست وثماني سنوات، وهي الفترة التي يبدأ فيها الأطفال بالالتحاق بالمدرسة الابتدائية، وتحديدًا الصفوف الثلاثة الأولى. في هذه المرحلة، يبدأ تأثير البيئة المحيطة، بما في ذلك الجوانب الصحية والظروف الاقتصادية، في الظهور بشكل ملحوظ. كما أن التغذية تلعب دورًا حاسمًا في النمو الجسدي للطفل، حيث أن نوعية وكمية الغذاء تؤثران بشكل كبير على الأنشطة التي يمارسها. يشهد النمو العقلي تطورًا ملحوظًا نتيجة لدخول الطفل إلى المدرسة واكتسابه معارف جديدة.
في هذه المرحلة، يتشكل التفكير المحسوس نتيجة التعرض للمعلومات الجديدة في المدرسة، مما يمثل إضافة نوعية لحياة الطفل. تتطلب هذه المرحلة إعدادًا بيئيًا خاصًا يتناسب مع نمو الطفل وتكوينه. كما يظهر ميل الأطفال في هذه المرحلة نحو الجنس الآخر، مما يعكس تفاعلاً وجدانيًا واهتمامًا بالعاطفة. يتميز الأطفال في هذه الفترة بالبحث عن التقدير والقبول من خارج نطاق الأسرة، حيث تشكل صورة الطفل الذاتية أهم دوافعه واحتياجاته وأولوياته. وهذا يتطلب منه مراجعة سلوكياته ومهاراته بشكل يومي، ويزيد من حدة المنافسة لتحقيق مستويات متميزة في الدراسة أو الرياضة أو غيرها. وبالتالي، فإن التميز والإعجاب يرتبطان بنظرة البيئة الخارجية المتمثلة في الزملاء والمعلمين والمحيط التعليمي والاجتماعي.
السمات المميزة للطفولة الوسطى
يتميز الأطفال في مرحلة الطفولة الوسطى بمجموعة من السمات التي تصنف وفقًا لاحتياجات الطفل وتأثير البيئة المحيطة به. تتمثل السمات العامة لهذه المرحلة في بناء الطفل وتنشئته الجسدية والنفسية والسلوكية والتربوية والمعرفية. تُعرف هذه المرحلة أيضًا باسم “الطفولة الهادئة” نظرًا للانخفاض النسبي في النمو الجسدي مقارنة بالمراحل السابقة واللاحقة، إلا أن النمو الاجتماعي والسلوكي والانفعالي يزداد بشكل ملحوظ نتيجة لتعرض الطفل لظروف معرفية جديدة تتعلق بالمدرسة. يمكن تلخيص الخصائص العامة المميزة لهذه المرحلة فيما يلي:
التطور الجسدي
يكون النمو الجسدي في هذه المرحلة بطيئًا نسبيًا مقارنة بالمراحل السابقة، وتبدأ ملامح الجسم والأطراف بالتناسق مع بعضها البعض. يتم في هذه المرحلة استبدال الأسنان اللبنية بالأسنان الدائمة. يستطيع الطفل التحكم بالعضلات الدقيقة لديه، مما يمكنه من إمساك القلم والكتابة والأكل بمفرده. ومع ذلك، لا تزال عظام الطفل لينة في هذه المرحلة، مما يزيد من احتمالية حدوث الكسور والإصابات. فيما يتعلق بالبصر، قد تظهر بعض المشكلات مثل طول النظر أو قصره، ويمكن علاجها عن طريق النظارات؛ لأن الطفل في هذه المرحلة قادر على التعبير عن المشكلات التي يعاني منها، مما يسهل عملية التشخيص.
التطور الفسيولوجي
تقل عدد ساعات نوم الطفل في هذه المرحلة مقارنة بالمراحل السابقة، كما يستطيع الطفل ضبط عمليات الإخراج لديه بشكل كامل. من الجدير بالذكر أن الطفل يحتاج إلى غذاء صحي ومتوازن وبكميات كبيرة نسبيًا؛ وذلك بسبب زيادة طول الألياف العصبية وسمكها في هذه المرحلة.
التطور الحسي
يستطيع الطفل في هذه المرحلة القراءة والكتابة، وبالتالي يكون الإدراك الحسي قد تطور مقارنة بالمراحل السابقة. يستطيع الطفل وصف المكان والزمان، ومعرفة الفصول والأيام والأسابيع. يبدأ الطفل بإدراك الأعداد والألوان والحروف الهجائية، وتكون حواس الشم واللمس قوية جدًا، ويتميز الطفل في هذه المرحلة بقدرته على وصف الأشياء وصفًا دقيقًا.
التطور الحركي
يستطيع الطفل تركيب وحل الأشياء المختلفة؛ وذلك بسبب نضوج العضلات الدقيقة لديه. كما يستطيع الطفل القفز والمشي وممارسة الحركات الجسمية التي تحتاج إلى توازن، كركوب الدراجة. في الغالب يتصف الطفل بأنه كثير الحركة في هذه المرحلة.
التطور الانفعالي
في هذه المرحلة يصبح الطفل أكثر ثباتًا واستقرارًا مما سبق، إلا أنه لم يصل بعد إلى مرحلة النضج الانفعالي. كما أنه يصبح قادرًا على التعبير عن حبه للوالدين والأصدقاء، إلا أنه ما زال يعبر عن مشاعر الغيرة خصوصًا إذا كان لديه أشقاء، وقد تظهر بعض علامات الاضطراب لديه، كمص الإبهام، أو التبول اللاإرادي؛ وذلك بسبب دخوله إلى المدرسة.
التطور العقلي
هذه المرحلة هي بداية دخول الطفل إلى المدرسة؛ لذلك فإن قدراته العقلية تتسارع بشكل كبير، ويزداد مستوى الذكاء لديه، وبالتالي تزداد الحصيلة اللغوية والثقافية لديه. يستطيع الطفل في هذه المرحلة اكتساب بعض المهارات، مثل: حل المشكلات، ويصبح الطفل أكثر قدرة على التذكر والفهم والتركيز، ويبدأ الخيال لديه بالتحول من عدم الواقعية إلى الواقعية، ويكون لدى الطفل في هذه المرحلة حب الاستكشاف والاستطلاع والتعلم.
تعريف الطفولة
تعرف الطفولة لغةً بأنها: المرحلة العمرية الواقعة بين مَولِد الإنسان، وحتى بُلوغه، وتشترك معاني اللغة بهذا التعريف إجمالاً،[4]لتتفق بذلك مع المفهوم الاصطلاحي للطفولة؛ إذ تشير معاجم علم الاجتماع، ومعاجم علم النفس إلى ذات المفهوم المتعلق بتلك المرحلة الممتدة بين ولادة الطفل، وبلوغه، ويشير التعريف الاصطلاحي للطفولة إلى أنها: المرحلة التي تبدأ بولادة الطفل، وتنتهي ببلوغه، وتظهر فيها خصائص تميز سلوكاته، واستقلاليته، وتفكيره، وبناءه في تلك الفترة، وهي بذلك تعتبر المرحلة التي يعيشها الإنسان منذ ولادته، وحتى بلوغه.[5]
بينما تحدد الأمم المتحدة من خلال اتفاقية حقوق الطفل مرحلة الطفولة بالرشد المنتهي بعمر الثامنة عشر على أبعد تقدير؛ إذ تعرف اتفاقية حقوق الطفل الدولية مفهوم الطفل بأنه: كلّ إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يَبلُغ سنَّ الرُّشد قبل ذلك بمُوجب القانون المُنطبِق عليه.[6]
المراجع
- ↑ سعيد الغامدي،مرحلة الطفولة، صفحة 1. بتصرّف.
- ↑ هاني عوض (31-1-2014)،”مرحلة الطفولة المتوسطة وعلاماتها المميزة”،الشرق الأوسط، اطّلع عليه بتاريخ 2-4-2017.
- ↑ د.محمد ابو جعفر،علم نفس النمو، صفحة 94-100. بتصرّف.
- ↑”تعريف ومعنى طفولة”،معجم المعاني.
- ↑”تعريف الطفولة”،إسلام ويب.
- ↑Tali Gal,Bilha Davidson-Arad,”Child Rights”،www.link.springer.com, Retrieved 2021-4-26. Edited.