سمات مراحل التطور الذهني

نظرة عامة على التطور الذهني ومراحله الأساسية وخصائص كل مرحلة: المرحلة الحسية الحركية، مرحلة ما قبل العمليات، مرحلة العمليات المادية، ومرحلة العمليات المجردة.

ما هو التطور الذهني؟

يشير التطور الذهني إلى دراسة العمليات النفسية والعصبية التي تنطوي عليها معالجة المعلومات، خاصة في الأطفال. يركز هذا المجال على كيفية اكتساب الأطفال للمهارات الإدراكية واللغوية والتعليمية، وكيف تتطور هذه المهارات مع مرور الوقت. يهدف إلى فهم كيفية معالجة الأطفال للمعلومات، وكيف يفكرون ويتعلمون، وكيف تتغير هذه العمليات من الطفولة إلى مرحلة البلوغ. يعزى الفضل في تأسيس هذا المجال إلى العالم جان بياجيه، الذي قدم نظرية النمو المعرفي، والتي تقترح أربع مراحل رئيسية للتطور الذهني.

استعراض مراحل التطور الذهني وسماتها

قسم بياجيه التطور الذهني إلى أربع مراحل متميزة، ولكل منها خصائصها المميزة التي تحدد طريقة تفكير الطفل وتفاعله مع العالم من حوله. فهم هذه المراحل يسمح لنا بتقدير التغيرات المعقدة التي تحدث في قدرات الطفل العقلية مع تقدمه في السن.

المرحلة الحسية الحركية: الاستكشاف المبكر

تمتد هذه المرحلة من الولادة حتى عمر سنتين تقريبًا. خلال هذه الفترة، يتعلم الأطفال من خلال حواسهم وحركاتهم. في البداية، تعتمد ردود أفعالهم على غرائز بسيطة، ولكن مع مرور الوقت، يبدأون في تطوير سلوكيات موجهة نحو الهدف. من السمات الهامة لهذه المرحلة هو تطوير ديمومة الكائن، وهو فهم أن الأشياء تستمر في الوجود حتى عندما تكون خارج نطاق الرؤية.

يبدأ الطفل في هذه المرحلة بتصرفات تفتقر إلى الفكر والمنطق، كما تنتقل من اعتمادها على ردة الفعل العكسية إلى محاولة التفاعل مع المحيطين، من خلال وضع أهداف وخطة ووجود قابلية لتمثيل العالم الخارجي والمحيط.

مرحلة ما قبل العمليات: التفكير الرمزي

تمتد هذه المرحلة من عمر سنتين تقريبًا إلى 7 سنوات. يتميز التفكير في هذه المرحلة بأنه رمزي وأحادي البعد. غالبًا ما يظهر الأطفال التمركز حول الذات، وصعوبة رؤية الأشياء من وجهة نظر أخرى. كما أنهم يميلون إلى إضفاء الطابع الإنساني على الأشياء الجامدة (الروحانية) والتفكير بشكل حدسي بدلاً من منطقي.

تكون أفكار الإنسان خلالها تخضع بشكلٍ كبير إلى الروحانية وكذلك الأنانية؛ فالأولى تكون عندما يمنح الطفل الأشياء المادية المحيطة به خصائص خاصة بالإنسان، من خلال تمييزها بالمشاعر وامتلاكها للأفكار وحتى النوايا، أمّا الثانية فتكون باكتفاء الطفل بتصوره عن أي شي يحيط به، وعدم تقبله للآراء الأخرى.

مرحلة العمليات المادية: المنطق الملموس

تبدأ هذه المرحلة من عمر 7 سنوات تقريبًا إلى 11 سنة. يبدأ الأطفال في هذه المرحلة في التفكير بشكل منطقي حول الأحداث والأشياء المادية. يصبحون قادرين على فهم مفهوم الحفظ، وهو فهم أن كمية المادة لا تتغير حتى لو تغير شكلها. كما أنهم يطورون القدرة على تصنيف الأشياء وترتيبها وفقًا لخصائصها.

وخلال هذه المرحلة يصبح بالإمكان وصف بنية الطفل المعرفية فيما يتعلق بالعلاجات الجماعية، ويمتاز الطفل خلالها بقدرته على الحفظ، وبالتالي التمكن من طرح الكثير من الأسئلة عليه، مثل التمييز بين كوبين من العصير من حيث كمية العصير الموجودة فيهما، أو حتى المقارنة من حيث حجم الكوب نفسه، ومساندة الأهل لطفلهم في هذه المرحلة.

مرحلة العمليات المجردة: التفكير الافتراضي

تبدأ هذه المرحلة من عمر 12 عامًا فما فوق. في هذه المرحلة، يصبح المراهقون قادرين على التفكير بشكل مجرد وافتراضي. يمكنهم التفكير في الاحتمالات، وتكوين الفرضيات، واختبارها بشكل منهجي. كما أنهم يطورون القدرة على التفكير في المفاهيم الأخلاقية والفلسفية المعقدة.

وينتقل الطفل خلالها من الاعتماد على التفكير المنطقي المتعلق بالأمثلة الملموسة إلى التجريدية منها؛ لأنّ حاجته إلى العينية أو الملموسة منها لم يعد لازماً أو ضرورياً فالتجريدية تعوض عنها، كما يبدأ المراهق خلال هذه المرحلة بالقدرة على تشكيل صورة عن النفس مستقبلاً علماً بأنّ هذه الصورة تكون مثالية وتعادل في مثاليتها رغبة الإنسان في تحقيقها.

يقسم العلماء النظريون هذه المرحلة إلى قسمين؛ الأول يتضمن الشكلية الفكرية والمبكرة، أمّا الثانية فتكون شكلية فكرية ومتأخرة، حيث تكون الأخيرة قريبة من الأولى من ناحية الأفكار المتعلقة بالخيال والأوهام، التي سرعان ما تتحول إلى حقيقة بمجرد خوض المراهق لمجموعة من التجارب الحياتية المختلفة.

Total
0
Shares
المقال السابق

سمات مميزة في فقه الإمام مالك

المقال التالي

سمات فترة الشباب ومميزاتها

مقالات مشابهة