سمات الشعر في الأندلس

استكشاف سمات وخصائص الشعر الأندلسي، ودوافع ازدهار الأدب في تلك الحقبة، ونشأة فن الموشحات، والأغراض الشعرية المتنوعة التي تناولها شعراء الأندلس.

لمحة عن الشعر في الأندلس

الأندلس، أو إسبانيا الحالية، هي منطقة تقع في أقصى جنوب قارة أوروبا. أطلق العرب هذا الاسم على المنطقة بعد فتحها، وتتميز الأندلس بطبيعتها الساحرة وأراضيها الخلابة وأنهارها الجارية. هذه المناظر الطبيعية الخلابة ألهمت الشعراء، فبرعوا في وصفها وتصويرها. نتيجة لذلك، تطور الشعر والأدب وازدهر في هذه الفترة، وأبرز ما يميزه هو ظهور فن الموشحات وتنوع الأغراض الشعرية التي تناولها الشعراء، بالإضافة إلى ظهور الزجل.

دوافع نهضة الآداب في العصر الأندلسي

هناك عدة أسباب ساهمت في ازدهار الأدب والشعر في الأندلس، منها:

  • الاستقرار والرخاء الذي عاشه الأندلسيون، والذي وصفه المؤرخون بالعصر الذهبي.
  • التمازج بين الأعراق واندماجها مع الحضارة الغربية.
  • انتشار الحرية الفكرية والانفتاح على العلوم والثقافات الأخرى من خلال الترجمة.
  • اهتمام الحكام الأندلسيين بالمعرفة وحبهم لها، وتشجيعهم للعلماء على طلب العلم ونشره.

تكوين فن الموشحات

من أهم مظاهر التطور التي شهدها الشعر الأندلسي هو ظهور الموشحات، والتي ترتبط بشكل خاص بهذه الفترة. تُعرَّف الموشحات بأنها كلام موزون ومنظوم، يتألف غالبًا من ستة أقفال وخمسة أبيات، وهو ما يسمى “الموشح التام” الذي يبدأ بالقفل. أو يتكون أحيانًا من خمسة أقفال وخمسة أبيات، ويسمى “الأقرع” الذي يبدأ بالبيت. وقد سميت الموشحات بهذا الاسم لما فيها من تزيين في القوافي والأوزان، تشبيهًا لها بوشاح المرأة المرصع بالجواهر.

محفزات ظهور الموشحات

هناك عدة عوامل ساهمت في ظهور فن الموشحات، منها:

  • الموسيقى والغناء، حيث ارتبط ظهورهما بنشأة الموشحات من خلال انتشار مجالس الطرب واللهو في البيئة الأندلسية.
  • ظهور زرياب، الذي أحدث تجديدًا موسيقيًا، ثم قام تلاميذه بإضافة بعض الأوتار الموسيقية.
  • إحياء الأوزان العروضية التي وضعها الفراهيدي، والتفنن فيها، حيث عمل الشعراء الأندلسيون على التنويع في ذلك لتأكيد قدرتهم اللغوية.

أبرز سمات الشعر الأندلسي

يتميز الشعر الأندلسي بعدة خصائص، منها:

  • البساطة في التعبير، واستخدام الأخيلة والتصويرات الواضحة.
  • الإيقاع الموسيقي الذي يظهر في الألفاظ والتراكيب.
  • التناغم من خلال تكرار بعض الحروف في أواخر الأبيات الشعرية، وهو ما يسمى بالروي.
  • رقة الألفاظ والعناية بها، مما جعلها صالحة للغناء.
  • سلاسة وسهولة اللغة والتراكيب.
  • المحسنات البديعية التي استخدمها الشعراء بكثرة ولكن بدون تكلُّف.
  • العاطفة الصادقة الجياشة، وخاصة في شعر الغزل وإظهار الشوق للمحبوبة.
  • تأثر الشعراء بالطبيعة الخلابة.
  • ظهور نظام المقطوعات لا نظام القصيدة، وخاصة في شعر الطبيعة.

الأغراض الشعرية المتداولة في الأندلس

تنوعت الأغراض الشعرية في الأندلس، ومن أهمها:

  • المدح: كان من الأغراض الشعرية الرئيسية للموشحات والشعر الأندلسي، وأشهر من نظم فيه هو لسان الدين بن الخطيب مادحًا الأمير الغني بالله صاحب غرناطة.
  • الرثاء: ازدهر بعد سقوط الأندلس، حيث رثاها الشعراء رثاء الموجوع البكاي، ومن أشهر من قال فيه أبو البقاء الرُندي.
  • الهجاء: لجأ إليه الكثير من الشعراء الذين هجوا أنفسهم الهجاء اللاذع، كما فعل ابن حزمون.
  • الغزل: احتل مكانة كبيرة في الموشحات الأندلسية، وقد وصلنا الكثير من القصائد في الغزل والذي كان يرتبط بوصف الطبيعة لما فيها من جمال كجمال محبوباتهم، ومن هؤلاء الشعراء ابن زيدون، الذي ارتبط اسمه بمحبوبته ولادة بنت المستكفي، وابن زهير الإشبيلي.
  • شعر الطبيعة: سحرت الطبيعة الأندلسية الآفاق الشعرية للشعراء، ومن الذين نظموا فيه ابن خفاجة.

كما قال أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس:

لكل شيء إذا ما تم نقصان *** فلا يغر بطيب العيش إنسانُ
هي الأمور كما شاهدتها دول *** من سره زمن ساءته أزمان
وهذه الدار لا تبقي على أحد *** ولا يدوم على حال لها شان
أين الملوك ذوو التيجان من يمن *** وأين منهم ذوو التيجان من كنان

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

سمات الشعر العربي عبر العصور

المقال التالي

سمات الشعر الذي يعالج قضايا المجتمع

مقالات مشابهة

روائع النقد الأدبي في بدايات العصر العباسي

نظرة متعمقة في أهم الكتب النقدية التي ظهرت في العصر العباسي الأول، بما في ذلك كتاب طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي، وكتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة، وكتاب البديع لابن المعتز.
إقرأ المزيد