نظرة عامة على الحضارة الإسلامية
تُعرف الحضارة الإسلامية بأنها إسهامات الإسلام القيّمة للبشرية، والتي تتضمن القيم والمبادئ والأسس التي تهدف إلى الارتقاء بالإنسان نحو حياة أفضل وأكثر سموًا. هي حركة شاملة نحو التقدم والتطور في مختلف الجوانب المادية والمعنوية، ممّا يُسهّل حياة الإنسان وينظمها. وبمعنى آخر، هي نتاج تفاعل وتكامل الشعوب المختلفة، العربية وغير العربية، التي اعتنقت الإسلام، بالإضافة إلى ثقافاتها المتنوعة. هي وليدة تلاقي الحضارات والثقافات التي احتضنتها الفتوحات الإسلامية، وتبنيها للمنهج الإسلامي القائم على تطبيق قيمه ومبادئه.
عندما بلغت الحضارة الإسلامية أوج ازدهارها، اتسمت بالعصر الذهبي للإسلام، والذي امتد من منتصف القرن الثامن وحتى القرنين الرابع والخامس عشر الميلاديين. شهدت هذه الفترة تطورات هائلة في العلوم، والتجارة، والهندسة، والاقتصاد، والصناعة، وغيرها من المجالات. هذا التقدم الكبير كان نتيجة لجهود العلماء والمفكرين المسلمين الذين استندوا إلى تعاليم الإسلام السمحة وحثه على طلب العلم والمعرفة.
أصناف الحضارة الإسلامية
يمكن تصنيف الحضارة الإسلامية إلى عدة أنواع رئيسية، ولكل منها دورها وأهميتها في خدمة الإنسانية وتطوير المجتمع.
حضارة الدول
تُعرف أيضًا بحضارة التاريخ، وتمثّل الجهود التي بذلتها الدول الإسلامية للنهوض بالإنسان وتقديم الخدمات له في مختلف المجالات. شملت هذه الجهود القطاعات الزراعية والصناعية والتعليمية، وركزت على طبيعة العلاقات بين الدولة الإسلامية والدول الأخرى، مما ساهم في تعزيز التعاون والتكامل بين الأمم.
الحضارة الإسلامية الأصيلة
تهدف بشكل أساسي إلى خدمة الإنسان في جميع جوانب حياته، وتشمل القيم والمبادئ التي جاء بها الدين الإسلامي في مجالات العقيدة، والسياسة، والاقتصاد، والتربية، والقضاء. هذه الحضارة ترتكز على تطبيق الشريعة الإسلامية السمحة، التي تهدف إلى تحقيق العدل والمساواة بين الناس، وتضمن لهم حياة كريمة وآمنة.
الحضارة المقتبسة (الإحياء)
تعتبر بمثابة بعث وإحياء للعلوم والحضارات التي اندثرت عبر السنين، وتمثلت في جهود المسلمين لإعادة إحياء هذه العلوم والمعارف، مما أدى إلى إثراء الحضارة الإنسانية. ركزت هذه الحضارة على الجوانب الأخلاقية والقيم النبيلة التي تسهم في بناء مجتمع فاضل ومترابط.
السمات الفريدة للحضارة الإسلامية
تتميز الحضارة الإسلامية بعدة خصائص جوهرية تميزها عن غيرها من الحضارات، وتجعلها نموذجًا فريدًا في التاريخ الإنساني.
حضارة إيمانية
تستمد الحضارة الإسلامية أسسها وقيمها من العقيدة الإسلامية، وتلتزم بمبادئها وأخلاقها وأفكارها. فهي حضارة مؤمنة بوحدانية الله سبحانه وتعالى، وتعتبر الإيمان هو أساس كل عمل صالح.
حضارة إنسانية
تهدف إلى احتضان جميع الشعوب والأمم، ولا تقتصر على جنس أو عرق أو إقليم جغرافي معين. تركز اهتمامها على الإنسان وتحقيق الرفاهية والسعادة له في الدنيا والآخرة.
حضارة معطاءة
قدمت للعالم الكثير من العلوم والمعارف التي ساهمت في تقدم البشرية ورقيها. مدت يد العون للمجتمعات الأخرى، وشاركتها خبراتها وتجاربها في مختلف المجالات.
حضارة متوازنة
تحافظ على التوازن بين الجانبين المادي والروحي، وتحقق العدالة بينهما. يعتبر التوازن أحد أهم مبادئ الفكر الإسلامي، حيث يسعى إلى تحقيق الانسجام بين متطلبات الجسد والروح.
حضارة باقية
تتميز بالاستمرارية والبقاء إلى يوم القيامة، وذلك بفضل تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ الدين الحنيف. قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9].
حضارة ربانية
انبثقت وتطورت بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتستمد مبادئها وقيمها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي”.
المراجع
- رجب البنا (13-1-2018)،”خصائص الحضارة الإسلامية”، www.al-watan.com، تم الاطلاع عليه بتاريخ 20-6-2018.
- “من خصائص الحضارة الإسلامية”، islamonline.net، 15-6-2014، تم الاطلاع عليه بتاريخ 20-6-2018.
- الدكتور عبد العزيز بن عثامن التويجري (2015)، خصائص الحضارة الإسلامية وآفاق المستقبل (الطبعة الثانية)، الرباط – المغرب: المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ، صفحة 15.