سمات التناص في اللغة العربية

استكشاف سمات التناص في اللغة العربية، وأنواعه (التناص المباشر وغير المباشر) مع أمثلة توضيحية وشرح مفصل.

ملامح التناص

يتميز التناص في اللغة العربية بعدة سمات أساسية تساهم في إثراء النص وتعميق معانيه. من أبرز هذه السمات:

  • تأثير النصوص المتبادلة: يتجلى في تفاعل النص الجديد مع نصوص سابقة، مما يخلق نوعًا من الحوار والتداخل بينها. هذا التفاعل يساهم في إغناء النص الجديد وإضفاء أبعاد إضافية عليه.
  • إغناء فكر المؤلف: يساعد التناص المؤلف على توسيع آفاقه الفكرية والإبداعية، حيث يستوحي من النصوص الأخرى أفكارًا جديدة ويعيد صياغتها بأسلوبه الخاص.
  • تحفيز القارئ: يدفع التناص القارئ إلى التفكير والتأمل في العلاقات بين النصوص المختلفة، مما يزيد من متعة القراءة ويحفز على البحث والاستكشاف.
  • إحياء التراث الأدبي: يساهم التناص في إعادة إحياء النصوص القديمة وتقديمها للجيل الجديد، مما يحافظ على التراث الأدبي ويضمن استمراريته.
  • إبراز ثقافة الأديب: يعكس التناص مدى اطلاع الأديب على مختلف الثقافات والمعارف، وقدرته على استيعابها ودمجها في نصوصه.
  • تداخل الوعي الإنساني: يعبر التناص عن تداخل الأفكار والقيم الإنسانية عبر العصور، مما يؤكد على وحدة التجربة الإنسانية وتكاملها.
  • توسيع الخيال: يتيح التناص للأديب الاستعانة بالأساطير والقصص الخيالية لإضفاء المزيد من الجمالية والتشويق على نصوصه.
  • التأثر بعادات القراءة: يشكل التناص طريقة تفكير الأديب و رؤيته للكتابة، و يتأثر بعاداته القرائية و مطالعاته المتنوعة.
  • الرجوع للأصول: يمثل التناص عودة إلى التراث الأصيل من خلال الاقتباس والاستشهاد بالنصوص القديمة، مما يؤكد على أن النص الأدبي ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لتراث عريق.
  • التناص من مظاهر البلاغة: يعتبر التناص أحد أساليب البلاغة التي تساهم في تجميل النص وإبراز جمالياته.
  • إظهار محاسن السرد وروعة الحكمة: يساهم التناص في إبراز محاسن السرد القصصي وتقديم الحكمة بطريقة جذابة ومؤثرة.

أنواع التناص

ينقسم التناص في اللغة العربية إلى نوعين رئيسيين: التناص الصريح والتناص الضمني.

التناص الصريح

التناص الصريح هو الاقتباس المباشر لنص آخر بلغته الأصلية، مثل الاقتباس من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأشعار والقصص المشهورة. و تتجلى أهم نماذجه في:

  • التناص التاريخي: إدخال نصوص تاريخية منتقاة في النص الأصلي، بحيث تتناسب مع الأحداث التي يذكرها الكاتب وتحقق غرضًا فكريًّا أو فنيًّا.
  • التناص الديني: إدخال نصوص دينية مختارة – عن طريق الاقتباس أو التضمين – من القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف أو الخُطب، في النص الأصلي، بحيث تتناسب مع سياق النص وتؤدي غرضًا فكريًّا أو فنيًّا.
  • التناص الأدبي: إدخال نصوص أدبية مختارة حديثة أو قديمة (شعرًا أو نثرًا) في النص الأصلي، بحيث تتناسب مع سياق الحدث وتكون دالة قدر الإمكان على الفكرة التي يطرحها الكاتب.
  • التناص مع الأدب الشعبي: إدخال نصوص من الأمثال الشعبية والأقوال والقصص والأساطير والأغاني في النص الأصلي، بحيث تتناسب مع السياق وتؤدي غرضًا فنيًّا وفكريًّا وأسلوبيًّا أو بما يراه الكاتب مناسبًا.

التناص الضمني

أما التناص الضمني فهو الاستنتاج غير المباشر لنصوص أخرى، حيث يستوحي الأديب أفكارًا أو أساليب من نصوص سابقة دون الإشارة إليها بشكل صريح. يمكن أن يشمل التناص الضمني اللغة والأسلوب. و تتجلى أهم نماذجه في:

  • تناص الأفكار والمعاني: هو أن يتضمن نص الكاتب إشارات غير مباشرة لأفكار أو معانٍ موجودة في نصوص أخرى، دون التصريح بها. و هذا النوع من التناص غير محدد، إذ يصعب تحديد الأفكار التي تأثر بها الكاتب، خاصة تلك الأفكار والقيم العامة كحُب الوطن والحرية.
  • تناص اللغة والأسلوب: هو استخدام الكاتب للغة وأساليب بلاغية معينة في نصه، مستوحيًا إياها من نصوص أخرى، دون أن يغير ذلك من أسلوبه الأصلي.

توضيح بمثال

أمثلة التناص عديدة ومتنوعة، وتشمل التناص مع الشعر العربي والأمثال والقصص والأساطير والروايات والقرآن الكريم والحديث النبوي. فيما يلي مثال من شعر أحمد مطر يتناص فيه لفظًا مع الحديث النبوي الشريف:

قول الشاعر:

زعموا أن لنا أرضًا وعرضًا وحمية
وسيوفا لا تباريها المنية
زعموا …
فالأرض زالت
ودماء العرض سالت
وولاة الأمر لا أمر لهم
خارج نص المسرحية
كلهم راع ومسؤول
عن التفريط في حق الرعية!

إن المتأمل في أبيات أحمد مطر يجد أنها تتناص لفظًا مع الحديث النبوي الشريف:

(ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الأعظم الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راعٍ على مال سيِّده وهو مسؤول عنه، ألا كلّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).

المراجع

  1. ناتالي بييقي غروس،مدخل إلى التناص، صفحة 7. بتصرّف.
  2. أبتثد أحمد الزعبي،التناص نظريًّا وتطبيقيًّا، صفحة 11-15. بتصرّف.
  3. إسماعيل العقباوي،أحمد مطر، صفحة 10.
  4. رواه البخاري، في متفرقات في العقيدة، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5200.
Total
0
Shares
المقال السابق

سمات و عيوب جهاز التلفزيون

المقال التالي

سمات الازدهار: تحليل شامل

مقالات مشابهة