مفهوم نظرية الحجاج
تعتبر نظرية الحجاج من أهم النظريات التي تهتم بدراسة الفعالية اللغوية والاجتماعية للإقناع. تعد من العمليات العقلانية التي تهدف إلى تفنيد حجج الطرف الآخر وإقناعه بوجهات نظر مختلفة، وذلك من خلال تقديم مجموعة من الأدلة والقضايا التي تثبت أو تنفي صحة هذه الآراء. وتسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المتنازعة.
الأسلوب الجدلي
يقوم الأسلوب الجدلي على بناء النص من خلال عملية البرهنة التي تعتبر نقطة انطلاق استراتيجية. تتضمن عملية بناء النص الجدلي توظيف جميع العمليات الذهنية التي تحفز الفكر على الانتقال من فكرة إلى أخرى. يعتمد هذا الأسلوب على الاستقراء والقياس والاستدلال (الجدلي والسببي) لاستنباط الأفكار المقنعة وإقناع الطرف الآخر بها.
الاستقراء: عملية عقلية تنتقل بالفكر من الجزء إلى الكل، وصولاً إلى استنباط أفكار شاملة.
القياس: عكس الاستقراء، ينتقل بالفكر من الكل إلى الجزء، لاستخراج أفكار محددة.
الاستدلال: بشقيه، الجدلي يقوم بنقل الفكرة إلى نقيضها، بينما السببي يربط بين الأسباب والنتائج.
أنواع الأساليب الجدلية:
- المناظرة (المحاورة الجدلية): هي حوار استدلالي يعتمد على وجود طرفين متقابلين، ويقوم على شروط معينة مثل وجود متناظرين وقضايا محددة.
- الخطابة (المحاورة الخطابية): قد تكون عشوائية وغير منظمة في ترتيب الكلام، وقد تحتوي على أخطاء تجعل فهمها صعباً على المستمع. تعتمد على أسس مثل المقدمة والسرد والحجاج والخاتمة.
مميزات الأسلوب الجدلي
يتميز الأسلوب الجدلي بخصائص تميزه عن غيره، حيث يعتبر أداة لإبطال الآراء الأخرى وإثبات الحقائق بالأدلة القاطعة. يهدف هذا الأسلوب إلى تغيير قناعات الطرف الآخر. من بين خصائصه:
- الاستدلال المنطقي الواضح.
- الاستدلال بالأمثلة الواقعية والأحداث التاريخية.
- استخدام أساليب الشرط المختلفة.
- تقديم الأسباب المقنعة ونتائجها بصورة واضحة ومباشرة.
- توظيف أساليب الإقناع المختلفة بالاعتماد على أدوات التوكيد اللغوية.
- الاستدلال بالقرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية الشريفة.
قال تعالى: “ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” (النحل: 125).
مكونات الأسلوب الجدلي
يتكون الأسلوب الجدلي من عدة عناصر أساسية وهي:
- تقديم المعلومات: عرض الحقائق والمعلومات المتعلقة بالقضية.
- التفسير: تحليل القضية أو المشكلة المطروحة، كما هو الحال في المناظرات.
- الإقناع: استخدام الحجج والبراهين لإثبات صحة الأدلة، حيث يدافع المتناظر عن رأيه بالاعتماد على الأدلة المادية والمنطقية.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن من البيان لسحراً” (رواه البخاري).
