سرّ اختيار النبي ﷺ لدار الأرقم: ملاذ الدعوة الإسلامية الأولى

ملاذ الدعوة الإسلامية المبكرة: لماذا دار الأرقم؟

اختيار النبي محمد ﷺ لدار الأرقم كمكان لانطلاق الدعوة الإسلامية الأولي لم يكن اعتباطياً، بل كان قراراً مدروساً قائماً على عدة اعتبارات حكيمة. سنتناول في هذا المقال تفاصيل هذا الاختيار المهم في تاريخ الإسلام، بالإضافة إلى لمحات عن حياة بعض الصحابة الكرام الذين أسلموا في هذا المكان المقدس.

موقع دار الأرقم و أهميته الاستراتيجية

تقع دار الأرقم بن أبي الأرقم عند جبل الصفا، وهو مكان مزدحم بسكان مكة. كان هذا الموقع مثاليًا لإخفاء نشاط المسلمين الأوائل عن أعين المشركين، حيث لم يثير تجمعهم هناك أي شكوك.

حكمة الاختيار: العوامل التي ساهمت في القرار

هناك عدة أسباب دفعت النبي ﷺ لاختيار دار الأرقم تحديدا، منها:

• انتماء الأرقم: الأرقم بن أبي الأرقم ينتمي إلى بني مخزوم، وهي قبيلة منافسة لبني هاشم، فلم يكن محتملًا لدى المشركين أن يُحتضن بيتٌ من بني مخزوم الدعوة الإسلامية بقيادة محمد من بني هاشم.
• صغر سن الأرقم: كان الأرقم شابًا صغير السن (حوالي ستة عشر عامًا)، فلم يكن من المتوقع أن يُستخدم بيته كمكان لاجتماعات سرية.
• سرية إسلام الأرقم: لم يكن إسلام الأرقم معروفًا على نطاق واسع في مكة، مما زاد من سرية الاجتماعات.

بدأ النبي ﷺ دعوته سرًا، واختار بعناية من يتسم بالخير وكتمان الأسرار. كان هذا النهج حكيماً في المرحلة الأولى من الدعوة الإسلامية.

دار الأرقم: مهد الإسلام وتاريخها

عرفت دار الأرقم أيضًا بأسماء أخرى مثل “دار الخيزران” و “دار الإسلام”. بعد ظهور الإسلام، تصدّق الأرقم بداره لولده، مع وصية بعدم بيعها أو توريثها، وظل الحال على ذلك حتى زمن خلافة أبي جعفر.

صاحب الدار: الأرقم بن أبي الأرقم

الأرقم بن عبد مناف، المعروف بأبي الأرقم، كان من بني مخزوم. شارك في غزوة بدر وغزوات أخرى، وتوفي في سنة 53هـ عن عمر يناهز 83 عاماً. كان سابع من أسلم من المسلمين.

قصص إسلام صحابة كرام في دار الأرقم

شهدت دار الأرقم إسلام العديد من الصحابة الكرام، ومنهم:

عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تحول مفاجئ وصادم

كان عمر بن الخطاب من أشد معارضين الدعوة الإسلامية، إلا أن إسلامه كان مفاجئاً للجميع. بعد أن توجه لقتل النبي ﷺ، قابله أحد الصحابة وأخبره بإسلام أخت عمر وزوجها. ذهب عمر إلى بيته، ووجد أخته وزوجها يدرسون القرآن. بعد جدال، طلب عمر قراءة القرآن، وأعجب به وأسلم، ثم ذهب إلى النبي ﷺ في دار الأرقم.

عمار بن ياسر وصهيب الرومي رضي الله عنهما: التقاء في دار الإيمان

كان عمار بن ياسر وصهيب الرومي من المستضعفين، التقيا في دار الأرقم وسألا بعضهما عن سبب مجيئه، ثم دخلا وسمعا كلام النبي ﷺ وأسلما. مكثا في الدار حتى المساء، ثم خرجا خفية.

مصعب بن عمير رضي الله عنه: الإيمان في وجه المحنة

كان مصعب بن عمير من أجمل شباب مكة. أسلم وواجه معارضة شديدة من أمه التي حبسّته وعذّبته، لكنه ثبّت على إسلامه، وهاجر إلى الحبشة.

جدول المحتويات