فهرس المحتويات
المطلب الأساسي لدخول دار السلام
لا شك أن الله جل جلاله خلق البشرية، وتمنى لهم الهداية والنجاة في الحياة الآخرة، وأرسل إليهم الرسل الكرام، وأنزل الشرائع السامية لكي يتقربوا إليه سبحانه وتعالى. وبذلك يكرمهم في الآخرة برضوانه وجناته. ولكن الله تبارك وتعالى وضع شرطًا أساسيًا لمن يرغب في دخول الجنة، ولا يصح بدون هذا الشرط أي عمل صالح أو حسنة يقدمها العبد، وهو الإيمان بالله عز وجل وتوحيده، وإخلاص النية في الأعمال له وحده، كما قال تعالى:
(إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)[1]
والنبي صلى الله عليه وسلم يوضح هذه الحقيقة عندما سألته زوجته عائشة رضي الله عنها عن رجل في الجاهلية كان له أعمال صالحة، فهل ستنفعه، فأجابها قائلاً:
(لا ينفعهُ، إنهُ لم يقُلْ يوماً: ربِّ اغفرْ لي خَطيئتي يومَ الدِّينِ)[2]
لذلك، فإن أي عمل صالح لا يسبقه إيمان بالله سبحانه وتعالى، لا يمكن أن يوصل إلى الجنة.[3]
الطرق الموصلة إلى النعيم المقيم
ممّا لا ريب فيه أن المسار المؤدي إلى الجنة يتطلب القيام بالأعمال الصالحة التي أمر بها الله تعالى، أو التي شرعها لعباده، بعد تحقيق الإيمان، وإخلاص العمل لله عز وجل. وفيما يلي ذكر للأعمال الصالحة التي ترتبط بشكل مباشر بدخول الجنة:[4]
- المداومة على الأعمال الصالحة والإكثار منها: وهي قاعدة عامة تندرج تحتها أسباب أخرى.
- تيسير الأمور على المدين المعسر: ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:
- إزالة الأذى من الطريق: حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
- الإكثار من ذكر الله تعالى: لأن غراس الجنة ينبت من ذكر الله سبحانه، لذا ينبغي على المسلم أن يذكر الله تعالى كلما استطاع.
- الإكثار من الاستغفار: ومن ضمنه الإكثار من ترديد سيد الاستغفار؛ لفضله العظيم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يخبر عن فضله، فيقول:
- قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة: ففي الحديث الشريف:
- المواظبة على دعاء السوق عند دخوله: لما فيه من أجر عظيم، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- دوام سؤال الله تعالى دخول الجنة: فقد ورد في الحديث أنه ما من عبد يسأل الله الجنة سبع مرات، إلا نادت الجنة لربها أن يجعله من أهلها.
- الإكثار من قول: لا إله إلا الله: ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:
- المحافظة على الصلاة: حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
- الإكثار من الصيام لله تعالى: فمن ختم له وهو صائم دخل الجنة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
- الإنفاق في سبيل الله تعالى: فإن الله تعالى اشترى من العبد ماله ونفسه، فالعلاقة قوية بين الإنفاق ورضا الله ودخول جناته.
- الاجتهاد في بر الوالدين: فهما باب من الأبواب التي توصل إلى الجنة.
- السعي لحسن تربية البنات.
- طاعة المرأة لزوجها: فقد جاءت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم تسأله عن شأن لها، فقال لها:
- حسن الخلق: فهو من أكثر ما يدخل المرء الجنة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
(إنَّ رجلاً لَم يعملْ خَيرًا قطُّ، وكان يُدايِنُ النَّاسَ، فيقولُ لرَسولِه: خُذْ ما تَيَسَّر، واترُكْ ما عَسُرَ، وتجاوَزْ، لعلَّ اللهَ أن يتجاوَزَ عنَّا، فلمَّا هلَكَ قال اللهُ: هل عمِلتَ خيراً قطُّ؟ قال: لا، إلَّا أنَّه كانَ لي غلامٌ، وكنتُ أُدايِنُ النَّاسَ، فإذا بَعَثْتُه يَتقَاضَى قلتُ لهُ: خُذْ ما تَيَسَّرَ، واترُكْ ما عَسُرَ، وتجاوَزْ، لعلَّ اللهَ أن يتجاوَزَ عنَّا، قال اللهُ: قد تجاوَزتُ عنكَ)[5]
(نزَع رجُلٌ لم يعمَلْ خيراً قطُّ، غُصْنَ شوكٍ عن الطَّريقِ، إمَّا كان في شجرةٍ، فقطَعه فألقاه، وإمَّا كان موضوعاً؛ فأماطه فشكَر اللهُ له بها، فأدخَله الجنَّةَ)[6]
(إذا قالَ حينَ يُمسي فماتَ دخلَ الجنَّةَ، أو: كانَ من أَهْلِ الجنَّةِ، وإذا قالَ حينَ يصبحُ فماتَ من يومِهِ مثلَهُ)[7]
(مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ، إلَّا الموتُ)[8]
(من دخل السوقَ فقال: لا إلهَ إلّا اللهُ وحده لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ يحيى ويميتُ وهو حيٌّ لا يموتُ بيدِه الخيرُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ كتب اللهُ له ألفَ ألفِ حسنةٍ، ومحا عنه ألفَ ألفِ سيئةٍ ورفع له ألفَ ألفِ درجةٍ)[9]
(من كانَ آخرُ كلامهِ لا إلهَ إلّا اللهُ دخلَ الجنةَ)[10]
(خمسُ صلواتٍ كتبهُنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ على العبادِ، بين اليومِ والليلةِ، فمن جاء بهنَّ، لم يُضَيِّعْ منهم شيئاً، استخفافاً بحقهِنَّ، كان لهُ عند اللهِ عهدٌ أن يُدخلَهُ الجنةَ)[11]
(أذاتُ زوجٍ أنتِ؟ قالت: نعم قال: فأين أنتِ منه؟ قالت: ما آلوه إلّا ما عجزتُ عنه قال: فكيف أنتِ له فإنه جنتُكِ ونارُكِ)[12]
نظرة خاطفة على بهجة الفردوس
إن الجنة التي أعدها الله تعالى للمؤمنين، تستحق أن يجتهد لها العبد في حياته؛ لعظيم بهائها وجمالها، ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم أيضًا بشيء من نعيمها، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(قال اللهُ: أعددتُ لعبادي الصالحين: ما لا رأَتْ عينٌ، ولا أُذُنٌ سمِعَتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرٍ)[13]
والجنة فيها موضع السوط خير من الدنيا بأكملها، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فهي مآل كل نعيم وهناء وسرور وطمأنينة، يدخلها المؤمنون جماعات، وجوههم مشرقة، تستقبلهم الملائكة، وقد تطهروا من الغل والحسد والبغضاء، فلا خلاف بينهم، يدخلون فإذا بالجمال كله أمامهم، حيث إن بناء الجنة من ذهب وفضة، وحتى التراب فيها من الزعفران والمسك، لا ينتهي التنعم بالطعام والشراب الذي يستلذونه، ولا يتغوطون بعده، ولا يتبولون، وفيها الأنهار جارية، والغرف مبنية، والأشجار سيقانها من ذهب وفضة، وهم في ذلك النعيم خالدون، وذلك من تمام النعيم.[14]
المصادر
- سورة المائدة، آية: 72
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 214، صحيح.
- “الإيمان شرط لدخول الجنة”، www.fatwa.islamweb.net
- “أسباب دخول الجنة”، www.alukah.net
- رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2078، صحيح.
- رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 540، صحيح.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن شدّاد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 6323، صحيح.
- رواه ابن حبان، في بلوغ المرام، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 97، صحيح.
- رواه الدمياطي، في المتجر الرابح، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 233، إسناده حسن.
- رواه النووي، في المجموع، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 5/110، إسناده حسن.
- رواه ابن العربي، في عارضة الأحوذي، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 1/447، صحيح.
- رواه الدمياطي، في المتجر الرابح، عن حصين بن محصن، الصفحة أو الرقم: 314، إسناده صحيح.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7498، صحيح.
- “وصف الجنة وشيء من نعيمها”، www.alukah.net