زهد الإمام الفضيل بن عياض: حياةٍ في طلب التقوى

سيرة الإمام الفضيل بن عياض، زُهده، أقواله، وتأثيره على التاريخ الإسلامي. رحلة من قطاع الطرق إلى رمزٍ للتقوى والورع.

فهرس المحتويات

المبحثالرابط
من هو الفضيل بن عياض؟ نسبه وحياته المبكرةالفقرة الأولى
رحلة تحولٍ رائعة: من حياةٍ مضطربة إلى زهدٍ عميقالفقرة الثانية
أقوال الفضيل بن عياض: كنوزٌ من الحكمة والزهدالفقرة الثالثة
المراجعالفقرة الرابعة

من هو الفضيل بن عياض؟ نسبه وحياته المبكرة

الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي اليربوعي الخراساني، أبو علي، لقب بالمجاور بحرم الله. يُعتبر من أبرز أعلام السلف الصالح، أحد أئمة الزهد والورع، وعالماً صادقاً واجه أهل البدع بقوة. ولد في سمرقند، ونشأ في أبيورد بخراسان، وسافر كثيراً طلباً للعلم.

رحلة تحولٍ رائعة: من حياةٍ مضطربة إلى زهدٍ عميق

قبل شهرته بالعبادة والزهد، كان الفضيل قاطع طريق. ذات يوم، حاول الدخول إلى منزل جاريةٍ أحبها، فسمع تلاوةً لقوله تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) [الحديد: 16]. تأثر الفضيل بآية الله تعالى، فتاب، وقرر الجوار بحرم الله تعالى في مكة المكرمة، عاش حياته بعدها في خشيةٍ لله، ممارساً العبادة والزهد حتى وفاته بمكة سنة 187 هجرية.

كان الفضيل -رحمه الله- مثالاً للزهد في الدنيا ومُتاعها. اشتهر بزُهده الشديد، ونُقلت عنه العديد من القصص والأقوال التي تُجسّد إعراضه عن ملذات الحياة الدنيا ورفضه السعي وراءها. أكثر حياته كانت مُخصصة للعبادة، العلم، والدعوة إلى الله.

يُعرّف الفضيل الزهد بالقناعة وعدم الاكتراث بمغريات الدنيا، قائلاً: “لا يَسْلَمُ قلبك حتى لا تُبالي من كل الدنيا”. رأى أن الإيمان لا يكتمل إلا بزهدٍ في الدنيا، يقنع الإنسان بما رزقه الله، يشكره، دون طمعٍ فيما عند غيره.

انتقد الفضيل علماء الدين الذين يقصدون حكام السلاطين، و رأى في ذلك إذلالاً للنفس وإهانةً للعلم، مُعتبرًا إياه تملقاً وخضوعاً، وعدم جرأة على قول الحق.

في إحدى زياراته لهارون الرشيد، لم يكن الفضيل يعرف هارون الرشيد، فسأل الحاضرين عن أمير المؤمنين، وبعد أن أشاروا لهارون، وعظه الفضيل موعظةً مؤثرة بكى لها هارون الرشيد. وزّع هارون الرشيد المال على الحاضرين، إلا أن الفضيل رفض أخذه، فعاتبه سفيان بن عيينة قائلاً: لو أخذته وتصدقته بالفقراء! فرد الفضيل: “والله لو طابت لأولئك لطابت لي”.

عرف عن الفضيل أنه كان يبكي عند ذكر الله تعالى، و يُحزن عند حضور الجنائز، يُذكر الناس بالآخرة، ويُخوفهم من عذاب الله. كان يجلس بين القبور حزيناً يبكي بصمت، وقال ذات مرة: “لو خُيّرتُ بين أن أُبعثَ فأدخلَ الجنة وبين أن لا أُبعث لاخترتُ أن لا أُبعث”.

أقوال الفضيل بن عياض: كنوزٌ من الحكمة والزهد

يُنسب للفضيل بن عياض العديد من الأقوال في الزهد، منها:

  • “ما لكم وللملوك؟ ما أعظم مِنَّتَهم عليكم! قد تركوا لكم طريق الآخرة، فاركبوا طريق الآخرة، ولكن لا ترضون؛ تبيعونهم بالدُّنيا، ثم تُزاحمونهم على الدُّنيا، ما ينبغي لعالِم أن يفعل هذا.”
  • “المؤمن في الدُّنيا مهمومٌ حزين، هَمُّه مرمة جهازِه، ومن كان في الدُّنيا كذلك، فلا همَّ له إلا التزوُّد بما ينفعُه عند العودة إلى وطنه، فلا يُنافس أهل البلد الَّذي هو غريبٌ بينهم في عزِّهم، ولا يجزع من الذُّل عندهم.”
  • “لو أن الدُّنيا بحذافيرها عُرِضت عليَّ حلالاً، لا أُحاسَب بها في الآخرة لكُنت أتقذَّرها كما يتقذَّر أحدُكم الجيفةَ إذا مرَّ بها؛ أن تُصِيب ثوبَه.”
  • “جعلَ الله الشرَّ كلَّه في بيت، وجعل مفتاحه حبَّ الدُّنيا، وجعل الخير كلَّه في بيت، وجعل مفاتِحَه الزُّهد في الدنيا.”

المراجع

المصادر المُستخدمة في كتابة هذا المقال ستُضاف لاحقاً.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

زهد أبي بكر الصديق وورعه

المقال التالي

زهد الصحابي الجليل عبد الله بن عمر

مقالات مشابهة